لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Muhammad ibn Ahmad al-Saffarini d. 1188 AH
129

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

۱۴۰۲ ه.ق

محل انتشار

دمشق

وَلَا مُمِيتَ، وَلَا مُوجِدَ وَلَا مُعْدِمَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَتَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ إِفْرَادُهُ - تَعَالَى - بِالْعِبَادَةِ، وَالتَّأَلُّهِ لَهُ، وَالْخُضُوعِ وَالذُّلِّ، وَالْحُبِّ وَالِافْتِقَارِ، وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ - تَعَالَى، وَتَوْحِيدُ الصِّفَاتِ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ نَبِيُّهُ ﷺ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، فَيُثْبَتُ لَهُ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَيُنْفَى عَنْهُ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ طَرِيقَةَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَثْبَتِهَا إِثْبَاتُ مَا أَثْبَتَهُ مِنَ الصِّفَاتِ، مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَكَذَلِكَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، مَعَ مَا أَثْبَتَهُ مِنَ الصِّفَاتِ مِنْ غَيْرِ إِلْحَادٍ فِي الْأَسْمَاءِ وَلَا فِي الْآيَاتِ، فَإِنَّهُ - تَعَالَى - ذَمَّ الْمُلْحِدِينَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ، فَقَالَ: ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٠]، وَقَالَ - تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [فصلت: ٤٠]، فَطَرِيقَةُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا إِثْبَاتُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مَعَ نَفْيِ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ بِهَا، إِثْبَاتٌ بِلَا تَمْثِيلٍ، وَتَنْزِيهٌ بِلَا تَعْطِيلٍ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، وَاللَّهُ ﷾ بَعَثَ رُسُلَهُ بِإِثْبَاتٍ مُفَصَّلٍ وَنَفْيٍ مُجْمَلٍ، فَأَثْبَتُوا لَهُ الصِّفَاتِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَنَفَوْا عَنْهُ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ مِنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ. فَالْإِثْبَاتُ الْمُفَصَّلُ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مَا أَنْزَلَهُ فِي مُحْكَمِ آيَاتِهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] السُّورَةَ، ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: ٢]، ﴿وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ [الروم: ٥٤]، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [إبراهيم: ٤]، ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: ١٠٧]، ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٩]، ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [الحديد: ٤]، وَقَوْلِهِ: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [المائدة: ١١٩]، ﴿اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢٨]، ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾ [النساء: ٩٣]، ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤]، ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ [مريم: ٥٢]، ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ﴾ [القصص: ٦٢]، ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦] . . . إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَسْمَاءِ الرَّبِّ ﷾ وَصِفَاتِهِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ

1 / 129