لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Ibn Rajab al-Hanbali d. 795 AH
75

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

پژوهشگر

ياسين محمد السواس

ناشر

دار ابن كثير

شماره نسخه

الخامسة

سال انتشار

۱۴۲۰ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

عرفان
ولما كان هذا الشهرُ مختصًّا بإضافته إلى اللهِ تعالى، وكان الصِّيامُ من بين الأعمالِ مضافًا إلى اللهِ تعالى؛ فإنَّه له من بين الأعمال، ناسَبَ أن يختصَّ هذا الشهرُ المضافُ إلى الله بالعملِ المضاف إليه، المختصِّ به، وهو الصِّيامُ. وقد قيلَ في معنى إضافة هذا الشهرِ إلى الله ﷿: إنه إشارةٌ إلى أن تحريمَه إلى الله ﷿ ليس لأحدٍ تبديلُهُ، كما كانتِ الجاهليةُ يُحِلُّونه ويُحرِّمُونَ مكانه صَفَر، فأشارَ إلى أنه شهرُ اللهِ الذي حرَّمَهُ، فليس لأحدٍ من خَلْقِه تبديلُ ذلك وتغييرُه. شهرُ الحَرَامِ مُبَاركٌ مَيْمُونُ … والصَّومُ فيهِ مُضَاعَفٌ مَسْنُونُ وثوابُ صائمِهِ لوجهِ إلهِهِ … في الخُلْدِ عندَ مَليكِهِ مَخْزُونُ الصِّيامُ سرٌّ بينَ العبدِ وبين ربِّهِ، ولهذا يقولُ اللهُ ﵎: "كلُّ عملِ ابن آدمَ له إلَّا الصَّومَ فإنَّه لي وأنا أَجْزِي به، إنَّه تركَ شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجلي" (^١). وفي الجنة بابٌ يقال له "الرَّيَّانُ" لا يدخلُ منه إلَّا الصائمون، فإذا دخلوا أُغلِقَ فلم يدخلْ منه غيرُهم (^٢)، وهو جُنَّةٌ (^٣) للعبد من النَّارِ كجُنَّةِ أحدِكم (^٤) من القتال. وفي المسند عن النبي ﷺ، قال: "مَنْ صامَ يومًا ابتغاءَ وجهِ اللهِ تعالى بَعَّدَه اللهُ من نارِ جهنَّمَ كبعدِ غُرابٍ طارَ وهو فرخٌ حتى ماتَ هَرِمًا" (^٥). وفيه أن أبا أمامةَ قال للنبي ﷺ: أوصني، قال: "عليك بالصَّوْمِ فإنَّهُ لَا عِدْلَ له" (^٦)، فكان أبو أمامةَ وأهلُه يصومون، فإذا رؤي في بيتهم دُخانٌ بالنَّهارَ عُلِمَ أنه قد نزل بهم ضيفٌ. وممن سَرَدَ (^٧) الصومَ عُمَرُ وأبو طلحةَ وعائشةُ وغيرُهم من الصحابة، وخلْقٌ كثيرٌ من السَّلفِ. وممن

(^١) رواه الشيخان عن أبي هريرة ﵁، وله روايات عدة. انظر "جامع الأصول" ٩/ ٤٥٠. (^٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (١١٥٢) في الصيام، باب فضل الصيام، عن سهل بن سعد ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ في الجنّة بابًا يقال له الرَّيَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم. يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أُغلِق فلم يدخل منه أحد". (^٣) الجُنَّةُ: الوقاية. وفي الحديث: "الصوم جُنَّة"، أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشَّهوات. (النهاية ١/ ٣٠٨). (^٤) في آ: "أحدهم". (^٥) رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٥٢٦، من حديث أبي هريرة، ﵁. (^٦) قطعة من حديث رواه الإِمام أحمد في "المسند" ٥/ ٢٤٩، ٢٥٥، ٢٥٨، ٢٦٤ من حديث أبي أمامة ﵁. (^٧) سَرَدَ: تابَعَ.

1 / 82