لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
ویرایشگر
ياسين محمد السواس
ناشر
دار ابن كثير
شماره نسخه
الخامسة
سال انتشار
۱۴۲۰ ه.ق
محل انتشار
بيروت
ژانرها
عرفان
يا مَنْ طالَتْ غيبتُه عنَّا، قد قَرُبَتْ أيَّامُ المُصَالَحةِ. يا مَنْ دامَتْ خَسَارَتَهُ قَدْ أَقبلَتْ أيَّامُ التِّجارةِ الرَّابحةِ. مَنْ لم يَرْبَحْ في هذا الشَّهرِ ففي أيِّ وقتٍ يربَحُ؟! مَنْ لم يَقْرُبْ فيهِ مِن مولاهُ فهو على بُعْدِه لا يَبْرَح.
أناسٌ أعْرَضُوا عَنَّا … بلَا جُرْمٍ وَلَا مَعْنَى
أَسَاؤوا ظَنَّهُمْ فِينا … فَهَلَّا أَحْسَنُوا الظَّنَّا
فإنْ عادُوا لَنا عُدْنا … وإنْ خَانُوا فَمَا خُنَّا
فإنْ كانُوا قَد اسْتَغْنَوا … فإنَّا عَنْهُمُ أَغْنَا
كم يُنَادَى: حَيَّ على الفلاحِ وأَنْتَ خاسِر؟! كَمْ تُدْعَى إلى الصَّلاحِ وأَنْتَ عَلَى الفَسَادِ مُثَابِر؟!
إذا رَمَضَانُ أَتَى مُقْبِلًا … فَأقْبِلْ فبالْخَيْرِ يُسْتَقْبَلُ
لَعَلَّكَ تُخْطِئْهُ قابِلًا … وتأتِي بِعُذْرٍ فَلَا يُقْبَلُ (^١)
كم مِمَّن أَمَّلَ أَنْ يَصُومَ هذا الشهرَ فخَانَهُ أَمَلُه، فصارَ قبلَهُ إلى ظُلْمَةِ القَبْرِ. كم من مُسْتقبِلٍ يومًا لا يستكمِلُه، ومؤمِّلٍ غدًا (^٢) لا يدرِكُه. إنَّكم لو أَبْصَرْتُم (^٣) الأجلَ ومسيرَهْ، لأبْغضْتُم الأمَلَ وغُرُورَه.
خَطبَ عمرُ بن عبد العزيز آخرَ خطبةٍ خطبَها، فقال فيها: إنَّكم لم تُخْلَقُوا عبَثًا، ولن تُتْرَكُوا سُدًى، وإنَّ لكم معادًا يَنْزِلُ الله فيه للفصل بينَ عبادِه، فقد خابَ وخسِرَ من خرج (^٤) مِن رحمة الله التي وَسِعَتْ كُلِّ شيءٍ، وحُرِمَ جَنَّةً عَرْضُها السَّماواتُ والأرضُ. أَلَا تَرَوْنَ أنكم في أسلاب (^٥) الهالكين، وسَيرِثها بعدَكم الباقون؟ كذلك حتَّى تُرَدَّ إلى خَيرِ الوارِثين. وفي كُلِّ يوم تُشيِّعونَ غاديًا ورائحًا إلى الله قد قَضَى نَحْبَه، وانْقَضَى أجلُه، فتودِّعُونَه وتَدَعُونَه في صَدْعٍ (^٦) من الأرضِ غير موسَّدٍ ولا مُمهَّدٍ، قد خَلَعَ
(^١) في آ: "فلا تقبل".
(^٢) في آ: "ومؤمّل غد".
(^٣) في آ: "لو رأيتم".
(^٤) في آ: حُرم مِن رحمة الله.
(^٥) في آ، ب: "أسلاف". والأسلاب: جمع سَلَب، وهو ما يُسْلب به، والسَّلَب: المسلوب.
(^٦) الصَّدْع: الشَّقّ.
1 / 281