وذلك: أن هؤلاء وجنسهم من أكابر المفسدين في أمر الدنيا والدين فإن اعتقادهم: أن أبا بكر وعمر وعثمان، وأهل بدر، وبيعة الرضوان وجمهور المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الإسلام وعلماؤهم أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، ومشايخ الإسلام وعبادهم، وملوك المسلمين وأجنادهم، وعوام المسلمين وأفرادهم. كل هؤلاء عندهم كفار مرتدون، أكفر من اليهود والنصارى. لأنهم مرتدون عندهم والمرتد شر من الكافر الأصلي. ولهذا السبب يقدمون الفرنج والتتار على أهل القرآن والإيمان.
ولهذا لما قدم التتار إلى البلاد، وفعلوا بعسكر المسلمين ما لا يحصى من الفساد، وأرسلوا إلى أهل قبرص فملكوا بعض الساحل، وحملوا راية الصليب، وحملوا إلى قبرص من خيل المسلمين وسلاحهم وأسراهم ما لا يحصى عدده إلا الله، وأقام سوقهم بالساحل عشرين يوما يبيعون فيه المسلمين والخيل والسلاح على أهل قبرص، وفرحوا بمجيء التتار، هم وسائر أهل هذا المذهب الملعون، مثل أهل جزين (مدينة معروفة بالبقاع بلبنان). وما حواليها. وجبل عامل ونواحيه.
ولما خرجت العساكر الإسلامية من الديار المصرية، ظهر فيهم (أي في النصيرية وأهل الجبل المارقين) من الخزي والنكال ما عرفه الناس منهم. ولما نصر الله الإسلام النصرة العظمى عند قدوم السلطان (هو السلطان الناصر بن قلاوون سلطان مصر والشام)، كان بينهم شبيه بالعزاء.
كل هذا، وأعظم منه، عند هذه الطائفة التي كانت من أعظم الأسباب في خروج جنكسخان إلى بلاد الإسلام، وفي استيلاء هولاكو على بغداد، وفي قدومه إلى حلب، وفي نهب الصالحية، وفي غير ذلك من أنواع العداوة للإسلام وأهله.
صفحه ۵۳