ابن تيمية: العالم المبتلى والإمام الممتحن وكان لا بد لإمام للناس، وقدوة للعالمين في زمانه أن يمتحن ويبلى.. ألا تنظر إلى قوله تعالى {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما} الآية.
فهل كان إماما للناس بعد أن ابتلاه الله بأن يقول الحق لا يخاف في الله لومة لائم ويحطم الأصنام ويجادل قومه والنمرود في باطلهم، ويطرد من بلده ويهاجر ويؤمر بذبح ابنه.. باختصار لا إمامة إلا بعد بلاء..
وهذا ما كان من شأن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فكان والبلاء صاحبين لا يفترقان، وكيف لا وهو القائم بأمر الله الداعي إلى سبيل الله، المجاهد أهل الشر جميعا على اختلاف طوائفهم في ذات الله. متفرغا فلا زوجة ولا ولد ولا ضيعة ولا تجارة، بل ولا وطن ولا إقامة بل رحيل دائم في الله، ولذلك كان بلاؤه على قدر منزلته من العلم والعمل وإلا بماذا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه شدة زيد له في البلاء] (متفق عليه).
وتفاصيل البلاء التي تعرض لها شيخ الإسلام ابن تيمية شيء طويل جدا. فما كان رضي الله عنه ينتهي من محنة إلا ليدخل في أخرى ولا يخرج من سجن إلا ليوضع في آخر حتى مات مسجونا آخر عمره، ولا ينتهي من قتال مع طائفة باغية إلا ويدخل قتالا آخر.. وقد جمع الإمام ابن رجب الحنبلي خلاصة للفتن التي تعرض لها ابن تيمية فيقول:
الابتلاءات التي ابتلي بها الشيخ رضي الله عنه:
قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله المتوفي سنة 795ه
وأما محن الشيخ: فكثيرة، وشرحها يطول جدا.
وقد اعتقله مرة بعض نواب السلطان بالشام قليلا، بسبب قيامه على نصراني سب الرسول صلى الله عليه وسلم، واعتقل معه الشيخ زين الدين الفاروقي، ثم أطلقهما مكرمين.
صفحه ۲۵