هون علي الطبيب الأمر بعد أن فحصني بعناية قائلا: إن المفصل انتقل من مكانه عند المرفق، وإنه ليس ثمة خطورة بالمرة. وبضغطة قوية من يده، آلمتني، أعاد الساعد إلى مكانه، ثم كتب لي بعض المسكنات.
انصرفت إلى منزلي، فارتقيت طوابقه السبعة في إعياء، والتجأت إلى فراشي مباشرة، فاستسلمت لنوم عميق، أفقت منه على آلام ذراعي. تناولت بعض المسكنات دون جدوى. لم يكن الألم شديدا، لكنه كان ثابتا. وكانت أمامي كثير من المهام العاجلة التي تستلزم تركيزا فائقا، فضلا عن ضيق الوقت المتاح لي؛ ولهذا اضطررت - عندما استمر الألم في اليوم التالي وعاقني عن التفكير - أن أذهب إلى الطبيب مرة أخرى.
فوجئت بالممرض الذي يتولى استقبال الزبائن يطالبني بأن أدفع جنيها، فقلت: «لقد دفعت أمس خمسة جنيهات كاملة.»
قال: «أعرف. تلك كانت أجرة الكشف، وما أطلبه منك هو رسم الاستشارة.»
قلت متعجبا: «هذه أول مرة أسمع فيها أن الاستشارة بنقود!»
لم يعن بالرد علي واكتفى بأن أشار بإصبعه دون أن يحرك رأسه إلى لوحة فوقه على الحائط.
كانت اللوحة - التي لم أنتبه لها من قبل - تعلن أن للمريض الحق في زيارة واحدة للطبيب خلال أسبوع من الكشف ومقابل جنيه.
قلت بانفعال: «لكن هذا هو الاستغلال بعينه!»
لم يعن بمناقشتي وإنما قال ببرود: «هذا هو نظامنا وأنت حر.»
تابع الجالسون من مرضى ومرافقين لهم حوارنا في صمت، ووجوه جامدة لا تشي بحقيقة تفكيرها. وسواء خجلت من أن أبدي أمامهم هذا الاهتمام البالغ بمبلغ تافه - في نظرهم على الأقل - مثل الجنيه، أو كان ألم ذراعي هو السبب، فإني دفعت المطلوب في النهاية صاغرا.
صفحه نامشخص