ومنها : فعل ما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يفعله ، لأنه قد ثبت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم يعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع ) قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي بعض طرقه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) . خرجهما في صحيحه (1) .
وجاءت الرواية بصيام النبي - صلى الله عليه وسلم - تاسوعاء ، قال أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ثنا أبو الوليد ثنا حاجب بن عمر ثنا الحكم بن الأعرج قال : انتهيت إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنه وهو متوسد رداءه عند زمزم فجلست إليه ، ونعم الجليس كان ، فسألته عن عاشوراء فاستوى جالسا وقال : عن أي بالها تسأل ؟ قال : قلت : عن صيامه أي يوم نصومه قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم أصبح من تاسعه صائما ، قال : قلت : أكذلك كان يصوم محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . خرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
وقيل معنى حديث كان يصومه : لو عاش - صلى الله عليه وسلم - ، وبهذا الجمع بين الحديث وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - ( فإذا كان العام المقبل صمنا التاسع ) .
ومن فوائد صيام تاسوعاء مع عاشوراء : الاحتياط في صومه حذرا من الغلط في حساب الأيام ولهذا والله أعلم كان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر من المحرم خشية فوات عاشوراء ، وكان أبو إسحاق السبيعي يصوم كذلك ويقول : إنما فعلت ذلك خشية أن يفوتني .
صفحه ۱۴