34

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

ویراست

من ١٤٠٤

سال انتشار

١٤٢٧ هـ

ژانرها

وَلَكِنْ مَعْرِفَةُ دَرَجَاتِ التَّرْجِيحِ وَتَرْتِيبُهَا عَلَى حَسَبِ مَا قَامَ بِهِ الْمُرَجِّحُونَ، وَيَخْتَلِفُونَ حِينَئِذٍ فِي نَقْل التَّرْجِيحِ، فَقَدْ يَنْقُل بَعْضُهُمْ تَرْجِيحَ رَأْيٍ عَلَى رَأْيٍ، وَيَنْقُل الآْخَرُ خِلاَفَ ذَلِكَ، فَيَخْتَارُ مِنْ أَقْوَال الْمُرَجِّحِينَ أَقْوَاهَا تَرْجِيحًا وَأَكْثَرَهَا اعْتِمَادًا عَلَى أُصُول الْمَذْهَبِ، أَوْ مَا يَكُونُ أَكْثَرَ عَدَدًا، أَوْ مَا يَكُونُ صَاحِبُهُ أَكْثَرَ حُجِّيَّةً فِي الْمَذْهَبِ.
وَهَؤُلاَءِ لَهُمْ حَقُّ الإِْفْتَاءِ كَالسَّابِقِينَ، وَلَكِنْ فِي دَائِرَةٍ ضَيِّقَةٍ عَنْ الأَْوَّلِينَ. وَقَدْ قَال فِيهِمْ ابْنُ عَابِدِينَ: وَلاَ شَكَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ رَاجِحِ الْمُخْتَلِفِ مِنْ مَرْجُوحِهِ وَمَرَاتِبِهِ قُوَّةً وَضَعْفًا هُوَ نِهَايَةُ مَآل الْمُشَمِّرِينَ فِي تَحْصِيل الْعِلْمِ. فَالْمَفْرُوضُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْقَاضِي التَّثَبُّتُ فِي الْجَوَابِ، وَعَدَمُ الْمُجَازَفَةِ فِيهِ، خَوْفًا مِنْ الاِفْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتَحْلِيل حَرَامِهِ وَتَحْرِيمِ ضِدِّهِ. (١)
وَنَرَى أَنَّ هَذِهِ الطَّبَقَةَ دِرَاسَتُهَا دِرَاسَةُ جَمْعٍ وَتَصْنِيفٍ وَتَرْتِيبٍ لِلأَْقْوَال فِي الْمَذْهَبِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نَقْلِهَا، لاَ مِنْ حَيْثُ قُوَّةُ دَلِيلِهَا.
ب - الْمُتَّبِعُونَ:
نَقْصِدُ بِهَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ غَيْرَهُمْ فِي كُل مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَذْهَبِ، فَيَتَّبِعُونَ مَنْ سَبَقَهُمْ فِي الاِجْتِهَادِ وَفِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ الآْرَاءِ وَفِي الاِسْتِدْلاَل، وَفِي التَّرْجِيحِ فِي النَّقْل وَفِي سَلاَمَتِهِ. فَهَؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ إِلاَّ فَهْمُ الْكُتُبِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى التَّرْجِيحِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ التَّرْجِيحَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، وَلَمْ يُؤْتَوْا عِلْمًا كَعِلْمِ الْمُرَجِّحِينَ فِي أَيِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ التَّرْجِيحِ وَتَمْيِيزِ دَرَجَاتِ التَّرْجِيحِ. وَهَؤُلاَءِ قَال فِيهِمْ ابْنُ عَابِدِينَ: لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْغَثِّ وَالسَّمِينِ، وَلاَ يُمَيِّزُونَ الشِّمَال مِنْ الْيَمِينِ، بَل يَجْمَعُونَ مَا يَجِدُونَ كَحَاطِبِ لَيْلٍ، فَالْوَيْل كُل الْوَيْل لِمَنْ قَلَّدَهُمْ.
وَإِنَّ هَذَا الصِّنْفَ مِنْ الْمُتَّبِعِينَ قَدْ كَثُرَ فِي الْعُصُورِ الأَْخِيرَةِ، فَهُمْ يَعْكُفُونَ عَلَى عِبَارَاتِ الْكُتُبِ، لاَ يَتَّجِهُونَ إِلاَّ إِلَى الاِلْتِقَاطِ مِنْهَا، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِتَعَرُّفِ دَلِيل مَا

(١) الفتاوى الخيرية ٢ / ٣٣ ط الأميرية.

1 / 37