Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence
الموسوعة الفقهية الكويتية
شماره نسخه
من ١٤٠٤
سال انتشار
١٤٢٧ هـ
ژانرها
السُّنَّةِ كَانَ لِتَبْرِيرِ الآْرَاءِ الْفِقْهِيَّةِ، إِذْ التَّارِيخُ يَشْهَدُ بِأَنَّ الآْرَاءَ الْفِقْهِيَّةَ وَالسُّنَّةَ دُوِّنَتَا فِي عَهْدٍ وَاحِدٍ، وَبَذَل الْعُلَمَاءُ فِي جَمْعِهَا جُهْدًا لَمْ تَبْذُلْهُ أُمَّةٌ فِي تَنْقِيحِ الرِّوَايَةِ وَالتَّثَبُّتِ مِنْ صِحَّتِهَا.
٢٥ - وَإِذَا كَانَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْعَهْدِ قَدْ بَدَءُوا يَتَخَصَّصُونَ فِي مَنَاهِجِهِمْ وَاتِّجَاهَاتِهِمْ الْعِلْمِيَّةِ، فَمِنْهُمْ الْمُتَخَصِّصُ لِجَمْعِ اللُّغَةِ، وَمِنْهُمْ الْمُتَخَصِّصُ فِي آدَابِهَا وَتَارِيخِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ اتَّجَهَ إِلَى الاِشْتِغَال بِالْمَسَائِل النَّظَرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعَقِيدَةِ، كَالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ، وَرُؤْيَةِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّنَا نَرَى أَنَّ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْفِقْهِ - فِي هَذَا الْعَهْدِ - كَانُوا يُعْتَبَرُونَ مِنْ حَمَلَةِ السُّنَّةِ، وَمُفَسَّرِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، مَعَ إِحَاطَتِهِمْ بِأَسْرَارِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِالْقَدْرِ الَّذِي يُسَاعِدُهُمْ عَلَى اسْتِنْبَاطِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. وَلِهَذَا كَانَتْ مَنْزِلَةُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْعَهْدِ مَنْزِلَةً مَرْمُوقَةً يَحْسِبُ لَهَا الْحُكَّامُ أَلْفَ حِسَابٍ، كَمَا أَنَّ الْعَامَّةَ كَانُوا يُقَدِّرُونَهُمْ حَقَّ قَدْرِهِمْ، وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ فِي حَل مَشَاكِلِهِمْ، وَيَعْتَبِرُونَهُمْ مَصَابِيحَ هَذِهِ الأُْمَّةِ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ مَرَاكِزِهِمْ السِّيَاسِيَّةِ فِي الدَّوْلَةِ. نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْمِثَال لاَ الْحَصْرِ: الزُّهْرِيَّ وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ شَيْخَ أَبِي حَنِيفَةَ.
٢٦ - وَفِي أَوَاخِرِ هَذَا الطَّوْرِ بَدَأَتْ تَظْهَرُ الْمَذَاهِبُ الْفِقْهِيَّةُ الْمُتَمَيِّزَةُ. كَمَا أَنَّ هَذَا الطَّوْرَ شَهِدَ تَطَوُّرَ التَّدْوِينِ، فَبَعْدَ أَنْ كَانَ التَّدْوِينُ مُخْتَلِطًا بَدَأَ يَأْخُذُ طَرِيقَ التَّنْظِيمِ، وَكَانَ هَذَا الطَّوْرُ تَمْهِيدًا لِلطَّوْرِ الْخَامِسِ، وَهُوَ طَوْرُ الأَْئِمَّةِ الْعِظَامِ.
الطَّوْرُ الْخَامِسُ: طَوْرُ الاِجْتِهَادِ:
٢٧ - وَيَبْدَأُ هَذَا الطَّوْرُ مَعَ بَدْءِ النَّهْضَةِ الْعِلْمِيَّةِ الشَّامِلَةِ فِي الدَّوْلَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ، مِنْ أَوَاخِرِ عَهْدِ الأُْمَوِيِّينَ إِلَى نِهَايَةِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ تَقْرِيبًا، وَكَمَا قُلْنَا مِرَارًا وَتَكْرَارًا: لاَ يُمْكِنُ الْمُؤَرِّخَ أَنْ يَضَعَ حُدُودًا زَمَنِيَّةً مُعَيَّنَةً بَدْءًا وَنِهَايَةً، كَمَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُول: إِنَّ هَذَا الطَّوْرَ يَتَنَاوَل عَهْدَ الأَْئِمَّةِ الْعِظَامِ وَالأَْئِمَّةِ الْمُنْتَسِبِينَ وَمُجْتَهِدِي الْمَذَاهِبِ وَأَهْل التَّرْجِيحِ. كَمَا أَنَّ هَذَا الْعَهْدَ يَتَنَاوَل عَهْدَ تَدْوِينِ الْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ عَلَى الصُّورَةِ الْعِلْمِيَّةِ الدَّقِيقَةِ.
1 / 32