217

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

شماره نسخه

من ١٤٠٤

سال انتشار

١٤٢٧ هـ

ژانرها

وَمَا دُونَهَا مَوْضِعُ بَيَانِهِ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الْجِنَايَاتِ، وَإِنْ وَرَدَ عَلَى غَيْرِ آدَمِيٍّ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ نَبَاتًا أَوْ جَمَادًا، فَإِنْ كَانَ مَالًا مُبَاحًا لَيْسَ فِيهِ مِلْكٌ لأَِحَدٍ فَلاَ يُضْمَنُ بِالإِْتْلاَفِ - مَعَ مُلاَحَظَةِ مَا قِيل بِالنِّسْبَةِ لِصَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ - وَكَذَا إِذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِحَرْبِيٍّ فَإِنَّهُ لاَ يُضْمَنُ بِالإِْتْلاَفِ. وَإِنْ كَانَ مَالًا مُحْتَرَمًا مَمْلُوكًا وَجَبَ الضَّمَانُ لأَِنَّ الإِْتْلاَفَ اعْتِدَاءٌ وَإِضْرَارٌ. وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (١) وَقَال ﷺ لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ (٢) وَقَدْ تَعَذَّرَ نَفْيُ الضَّرَرِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ فَيَجِبُ نَفْيُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِالضَّمَانِ، لِيَقُومَ الضَّمَانُ مَقَامَ الْمُتْلَفِ، فَيَنْتَفِي الضَّرَرُ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ. وَلِهَذَا وَجَبَ الضَّمَانُ بِالْغَصْبِ، فَبِالإِْتْلاَفِ أَوْلَى، سَوَاءٌ وَقَعَ الإِْتْلاَفُ لَهُ صُورَةً وَمَعْنًى بِإِخْرَاجِهِ عَنْ كَوْنِهِ صَالِحًا لِلاِنْتِفَاعِ، أَوْ مَعْنًى بِإِحْدَاثِ مَعْنًى فِيهِ يَمْنَعُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهِ مَعَ قِيَامِهِ فِي نَفْسِهِ حَقِيقَةً؛ لأَِنَّ كُل ذَلِكَ اعْتِدَاءٌ وَإِضْرَارٌ (٣) .
طُرُقُ الإِْتْلاَفِ:
٢٧ - الإِْتْلاَفُ إِمَّا بِالْمُبَاشَرَةِ وَإِمَّا بِالتَّسَبُّبِ. وَالتَّسَبُّبُ يَكُونُ بِالْفِعْل فِي مَحَلٍّ يُفْضِي إِلَى تَلَفِ غَيْرِهِ عَادَةً. وَكِلاَهُمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقَعُ اعْتِدَاءً وَإِضْرَارًا أَيْضًا (٤) .

(١) سورة البقرة / ١٩٤
(٢) حديث: " لا ضرر ولا ضرار "، رواه أحمد وابن ماجه عن ابن عباس، ورواه غيرهما، وهو صحيح بطرقه (فيض القدير٦ / ٤٣١ - ٤٣٢)
(٣) البدائع ٧ / ١٦٤، ١٦٥، ١٦٨
(٤) المرجع السابق.
وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ ابْنُ رَجَبٍ بِقَوْلِهِ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلاَثَةٌ، فَذَكَرَ مِنْهَا الإِْتْلاَفَ، ثُمَّ قَال: الْمُرَادُ بِالإِْتْلاَفِ أَنْ يُبَاشِرَ الإِْتْلاَفَ بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ، كَالْقَتْل وَالإِْحْرَاقِ، أَوْ يُنَصِّبُ سَبَبًا عُدْوَانًا فَيَحْصُل بِهِ الإِْتْلاَفُ، كَأَنْ يُؤَجِّجَ نَارًا فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ، فَيَتَعَدَّى إِلَى إِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ، أَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَطَارَ؛ لأَِنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى الإِْتْلاَفِ بِمَا يَقْتَضِيهِ عَادَةً، وَأَطَال فِي الْبَيَانِ وَالتَّفْرِيعِ (١) . وَالإِْتْلاَفُ بِالْمُبَاشَرَةِ هُوَ الأَْصْل، وَمُعْظَمُ صُوَرِ الإِْتْلاَفِ مِنْ أَمْثِلَتِهِ.
الإِْتْلاَفُ بِالتَّسَبُّبِ:
٢٨ - الإِْتْلاَفُ بِالتَّسَبُّبِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ: الضَّمَانُ فِي الْمَالِيَّاتِ، وَالْجَزَاءُ فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَطْبِيقِ هَذَا الْمَبْدَأِ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ دُونَ بَعْضٍ، فَمَثَلًا: عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا فَتَحَ قَفَصًا فِيهِ طَائِرٌ، فَطَارَ أَوْ ذَهَبَ عَقِبَ فَتْحِهِ، وَالْمُبَاشَرَةُ إِنَّمَا حَصَلَتْ مِمَّنْ لاَ يُمْكِنُ إِحَالَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ نَفَّرَ الطَّائِرَ، أَوْ أَهَاجَ الدَّابَّةَ، أَوْ سَلَّطَ كَلْبًا عَلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَهُ؛ لأَِنَّ الطَّائِرَ وَنَحْوَهُ مِنْ طَبْعِهِ النُّفُورُ، وَإِنَّمَا يَبْقَى بِالْمَانِعِ، فَإِذَا أُزِيل الْمَانِعُ ذَهَبَ بِطَبْعِهِ، فَكَانَ ضَمَانُهُ عَلَى مَنْ أَزَال الْمَانِعَ. وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ شَقَّ زِقَّ إِنْسَانٍ فِيهِ دُهْنٌ مَائِعٌ فَسَال وَهَلَكَ. أَمَّا إِنْ فَتَحَ الْقَفَصَ، وَحَل الْفَرَسَ، فَبَقِيَا وَاقِفَيْنِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ

(١) القواعد لابن رجب ص ٢٠٤ القاعدة ٨٩ ص ٢٨٥ القاعدة ١٢٧

1 / 223