153

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

شماره نسخه

من ١٤٠٤

سال انتشار

١٤٢٧ هـ

ژانرها

مِنَ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ رَدِّهَا (أَيْ تُصْبِحُ لَدَيْهِ وَدِيعَةً) لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ تَعَلَّقَ بِضَمَانِ الرَّدِّ وَهُوَ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ. أَمَّا إِنِ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ، أَوْ مَنَعَهَا مِنَ الْمَالِكِ بَعْدَ طَلَبِهَا، فَلاَ أَثَرَ لِلإِْبْرَاءِ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا. فَلَمْ يَتَعَلَّقِ الإِْبْرَاءُ بِالْقِيمَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا حَال قِيَامِ الْعَيْنِ. (١)
كَمَا صَرَّحُوا بِعَدَمِ صِحَّةِ الإِْبْرَاءِ عَنِ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ (فِيمَا لَوْ تَكَفَّل بِأَدَاءِ مَا يَمُوتُ فُلاَنٌ وَلَمْ يُؤَدِّهِ) لأَِنَّ الْكَفَالَةَ عَمَّا يَجِبُ مِنْ مَالٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْمَال لَمْ يَجِبْ لِلْكَفِيل عَلَى الأَْصِيل، فَلاَ يَصِحُّ إِبْرَاؤُهُ قَبْل الْوُجُوبِ. وَنَحْوُهُ لَوْ قَال: أَبْرَأْتُكَ عَنْ ثَمَنِ مَا تَشْتَرِيهِ مِنِّي غَدًا فَلاَ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ أَيْضًا.
وَمَثَّل لَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِإِبْرَاءِ الْمُفَوِّضَةِ عَنْ مَهْرِهَا قَبْل الْفَرْضِ (التَّقْدِيرِ) وَالدُّخُول، وَمِثْلُهُ الإِْبْرَاءُ عَنِ الْمُتْعَةِ قَبْل الطَّلاَقِ، لِعَدَمِ الْوُجُوبِ. وَاسْتَثْنَوْا صُورَةً يَصِحُّ فِيهَا الإِْبْرَاءُ قَبْل الْوُجُوبِ. وَهِيَ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلاَ إِذْنٍ، وَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، أَوْ رَضِيَ بِبَقَائِهَا، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ حَافِرُهَا مِمَّا يَقَعُ فِيهَا. (٢)
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الاِكْتِفَاءِ بِوُجُودِ السَّبَبِ، وَهُوَ التَّصَرُّفُ أَوِ الْوَاقِعَةُ الَّتِي يَنْشَأُ بِهَا الْحَقُّ الْمُبْرَأُ مِنْهُ، وَلَوْ لَمْ يَجِبِ الْحَقُّ بَعْدُ، وَقَدْ تَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ الْحَطَّابُ فِي (الاِلْتِزَامَاتِ) فَعَقَدَ فَصْلًا لإِسْقَاطِ الْحَقِّ

(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٦٥٣ ط بولاق. أما الإبراء بعد الفرض فيصح مما مضى مطلقا، وعما بعده مما وجب بدخول أول وقته حسب طريقة فرض النفقة باليوم أو الشهر أو السنة.
(٢) الفتاوى الهندية ٣ / ٩٥، الفتاوى الخانية ٣ / ٦٣ بهامش الهندية، والأشباه والنظائر للسيوطي ٤٩٠
قَبْل وُجُوبِهِ، وَتَعَرَّضَ لِلْمَسَائِل الْمَشْهُورَةِ، وَكَرَّرَ الإِْشَارَةَ لِلْخِلاَفِ، وَاسْتَظْهَرَ الاِكْتِفَاءَ بِالسَّبَبِ. وَمِمَّا قَال: " إِذَا أَبْرَأَتِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا مِنْ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْل الْبِنَاءِ وَقَبْل أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَقَال ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ: يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الإِْبْرَاءِ مِمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ قَبْل حُصُول الْوُجُوبِ (وَذَكَرَ عِبَارَاتٍ شَتَّى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إِلَى تَقَدُّمِ سَبَبِ الْوُجُوبِ أَوْ حُصُول الْوُجُوبِ) ثُمَّ قَال: فَهُوَ إِسْقَاطٌ لِلْحَقِّ قَبْل وُجُوبِهِ بَعْدَ سَبَبِهِ ". (١)
ثُمَّ أَشَارَ الْحَطَّابُ إِلَى مَسْأَلَةِ إِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَل فَقَال: فِي لُزُومِ ذَلِكَ قَوْلاَنِ: هَل يَلْزَمُهَا؛ لأَِنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا قَدْ وُجِدَ، أَوْ لاَ يَلْزَمُهَا؛ لأَِنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ؟ قَوْلاَنِ حَكَاهُمَا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ " ثُمَّ قَال آخِرَ الْمَسْأَلَةِ: " وَالَّذِي تَحَصَّل مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْقَطَتْ عَنْ زَوْجِهَا نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَل لَزِمَهَا ذَلِكَ عَلَى الْقَوْل الرَّاجِحِ ". (٢)
٣٨ - وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُجُوبِ الْحَقِّ الْمُبْرَأِ مِنْهُ إِنَّمَا هِيَ لِلْوَاقِعِ لاَ لِلاِعْتِقَادِ، فَلَوْ أَبْرَأَهُ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنْ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ، صَحَّ الإِْبْرَاءُ لِمُصَادَفَتِهِ الْحَقَّ الْوَاجِبَ. وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى تَصْرِيحٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ سِوَى الاِسْتِئْنَاسِ بِمَا سَبَقَ

(١) تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب (ضمن فتاوى عليش فتح العلي المالك ١ / ٣٢٢ ط البابي الحلبي) والأمثلة لديه كثيرة في الصفحات ١ / ٣٠٦ - ٣٣٢ مع الإشارة لبعض المسائل لم يصح فيها الإسقاط لملاحظ خاصة لا لعدم وجوب الحق فيها.
(٢) الالتزامات للحطاب ١ / ٣٢٢

1 / 159