إذ بقيت الصناعة في يد أهل البلاد سواء اعتنقوا الإسلام أو ظلوا على دين المسيح.
70
وقد تحدثنا في كتاب الفن الإسلامي عن صناعة النسيج في مصر منذ فتحها العرب حتى نهاية العصر الطولوني، وتكلمنا عن احتكار الحكومة لها إلى حد كبير، وعن نظام الطراز: طراز الخاصة حيث كانت تصنع المنسوجات للخليفة والأقمشة التي كان يخلعها على كبار رجال الدولة وأفراد حاشيته، وطراز العامة: الذي كان يشتغل فضلا عن هذا بإنتاج المنسوجات اللازمة للشعب. أما المصانع الأهلية فكانت تسير جنبا إلى جنب مع الطراز الحكومي، وتثقلها الحكومة بضرائب فادحة ورقابة شديدة؛
71
كما يظهر مما كتبه المقدسي في هذا الشأن.
72
أما في العصر الفاطمي فقد بلغ نظام الطراز من الجودة والدقة درجة زادت كثيرا في كمية منتجاته وفي نفاسة نوعها، وقد كانت هناك أصناف من الأقمشة الغالية المشغولة بالحرير لا تنسج إلا للخليفة نفسه؛ ولكن أفراد الرعية كانوا يحصلون على قطع أخرى نفيسة جدا، فكانت الجلاليب والأقمصة والعمائم والأحزمة تصنع من أقمشة غالية، تزينها أشرطة مشغولة بالحرير، أخذ حجمها في الزيادة حتى صارت في القرن السادس الهجري (الثاني عشر) تغطي أكثر الأرضية الكتانية في الأقمشة.
وكثيرا ما أمر الخلفاء بصناعة منسوجات فاخرة لإهدائها إلى الأمراء والملوك الذين كانوا يخطبون ودهم أو تربطهم بهم علاقات الصداقة وحسن الجوار، وقد كان الخلفاء الفاطميون يعلمون حق العلم أن قياصرة بيزنطة والأمراء والحكام في أوروبا الجنوبية يعجبون بالمنسوجات المصرية إعجابا شديدا.
وقد روى المقريزي أن دار الوزير يعقوب بن كلس حولت بعد وفاته إلى مصنع حكومي للنسج وصارت تعرف باسم دار الديباج.
73
صفحه نامشخص