إنك لا تدري إلى أي حد تبلغ البدائية الجاهلية من صاحبنا السائل يا هبياس، ولا تدري كم يتعذر عليك أن تقنعه!
هبياس :
وماذا يضرك من أمثال هذا البدائي يا سقراط؟ إنه إذا لم يرض بقولة الحق، فسيكون هو أضحوكة الضاحكين.
سقراط :
لكنه مع ذلك سيكون أبعد ما يكون الإنسان قبولا لمثل جوابك هذا، وسيتناولني أنا بلاذع تهكمه، قائلا: هل أصاب رأسك مس من جنون حتى لتظن أن «فيدياس» نحات رديء؟ وعندئذ لا بد لي من الاعتراف له بأنني لا أظن مثل هذا الظن بفيدياس.
هبياس :
وستكون في اعترافك هذا على حق يا سقراط.
سقراط :
بالطبع، ومع ذلك فإذا ما اعترفت له بأن فيدياس فنان مجيد في فنه، سيقول لي على الفور: «وهل تظن أن فيدياس لم يكن على علم بمثل هذا الجمال الذي تحدثني الآن عنه؟» وعندئذ سأستفسره ما يريد بسؤاله هذا، وسيجيب قائلا: «لأن فيدياس حين نحت تمثال «آثيني» لم يجعل عينيها من ذهب، إنما صنعها من عاج، ألم يكن الذهب (على رأيك ) ليزيدها جمالا؟ ولا بد أن يكون خطؤه هذا في فنه راجعا إلى جهله بهذه الحقيقة التي جئت تقررها لي اليوم، وهي أن كل شيء جميل إنما يستمد جماله من الذهب» - فبماذا ترد اعتراضه هذا يا هبياس؟
هبياس :
صفحه نامشخص