همه چیز و بیشتر: تاریخچه مختصری از بی نهایت
كل شيء وأكثر: تاريخ موجز للانهائية
ژانرها
في هذا الصدد، في نسخة ظنية من هذه المقدمة كانت أكثر تفخيما وتقليدية، أعيد حكي هاتين الأسطورتين وتسليط الضوء عليهما. وبما أن الأمور على هذا المنوال، فإنني أشجع القراء الذين لا يعلمون الكثير عن هاتين الأسطورتين أن يستعينوا بمحرك البحث جوجل قبل متابعة القراءة. إنهما أسطورتان مرعبتان تحذيريتان لهما مغزى؛ إذ تهدفان إلى منع من هم أدنى مكانة من طرح أسئلة صعبة تتعلق بمن يعلونهم في المكانة الاجتماعية. بادئ بدء، من الخطأ أن نقول إنهما استمرتا بما يفوق العمر الافتراضي للاستفادة منهما؛ لأنهما لم يحققا نفعا قط. لكننا أشربناهما في مرحلة ما، ويمكن الاستشهاد بهما في الخطاب من أجل إثارة استجابات معينة يمكن التنبؤ بها. وهذا يحقق نفعا لمن اكتسبوا الكثير من المعرفة. قد تختلف معي لأن أسطورة بروميثيوس لها تأثير واضح على الحياة الأكاديمية. لكن الشيء الذي يحتاج إلى توضيح أن تلك الأسطورة تمنح العلماء مبررا لارتداء عباءة الكهنة، وعن طريق التلميح إلى المواقف التي ربما تفتقر كثيرا إلى السلوك الكهنوتي لدى نظرائهم في بلدان أخرى، يمكنهم أن يتفادوا الكثير من الآراء المناهضة لآرائهم. كما أنها تعطي الأشخاص الآخرين من غير العلماء ذريعة ضمنية يمكنهم أن يشهروها في أوجه العلماء. وبناء عليه، فقد توصل العلماء وغير العلماء إلى اتفاق يقضي بقبول كلا الفريقين بكون أسطورة بروميثيوس نموذجا للواقع يمكن قبوله. يمكنك أن تصف هذا بإجماع بروميثيوس. وهذا الإجماع شيء لن يعترف أحد أبدا بأنه يؤمن به، إذا طلبت منهم توضيح رؤيتهم أو حاولت إشراكهم في هذا المستوى من الاستبطان، لكنه يجري التشديد عليه وترسيخه بوجه عام في كل فيلم سينمائي أو عرض تليفزيوني عن العلم كما تؤكد عليه الكثير من الكتب، وعلاوة على ذلك، فإنه من البديهي أن يكون أساسا تستند عليه المواقف العامة التي من المتوقع أن يتبناها العلماء.
وبمجرد قبولك لإجماع بروميثيوس، لا يصبح أمامك سبيل سوى أن تتخذ أحد موقفين لا ثالث لهما: إما أن تحترم قواعده وإما أن تخالفها عامدا متعمدا. فإما أن تكون كاهنا أو إنسانا سيئا؛ كاهنا لأنك إذا كنت أحد حراس الشعلة الأكاديمية وكنت على استعداد لأن تقبل أن يكون لجزء من معرفتك تداعيات خطيرة، فيمكنك أن تحظى بالكثير من المنفعة بفضل الاختيار الصائب للاقتباسات الرنانة والمهيبة، وإنسانا سيئا لأن مثالب أسطورة بروميثيوس قد تلاشت في الأساس. فلم يعد أحد يطرد من جنة عدن أو يعقل بسلسلة في صخرة لتنهش كبده العقبان. صحيح أن علماء العصر الحديث لا بد أن ينالوا نصيبهم من النقد، ولكن، باستثناء الأشخاص القائمين على إدارة مدارس الفتيات في أفغانستان، أو باحث الطب الحيوي الذي اشتبك في صراع مع نشطاء حقوق الحيوان، لم يعودوا مضطرين إلى تفادي سهام النقد. ولذا إذا كنت أحد أولئك الناس الذين لديهم بالفعل إمكانية الوصول إلى معرفة بمستوى بروميثيوس، فالأمر لم يعد ينطوي على الكثير من المخاطرة الشخصية، وبقدر ما ينظر إلى المعرفة باعتبارها خطيرة، يمكن أن تبدو مثيرة نوعا ما من منظور عابث، تماما كما لو كنت مراهقا قد اكتشف لتوه أين يخبئ أبوه مفاتيح الخزانة التي يحتفظ فيها ببندقيته.
لم تكن الحال كذلك، على ما يبدو، مع بذور الذرة المشعة. فمن الواضح أن إعطاء هذا النوع من المادة للأطفال ليس سلوكا كهنوتيا. لكن عندما أعطوا هذه المادة في اجتماع كشافة أو عندما تعرضوا للمعرفة المقدسة بطرق أخرى لا حصر لها في المدن الجامعية بالغرب الأوسط الأمريكي، لم يحدث أن قوبل هذا قط بموقف عقلي من قبيل «لقد أفلتنا من العقاب على شيء ما؛ ألسنا أشقياء؟» وإنما قوبل بموقف عقلي آخر مفاده «لدينا معرفة ما مثيرة للاهتمام وربما تكون مفيدة بحيث يحتاج إليها أي شاب أحسنت تربيته وتعليمه.»
إذن لم يكن لإجماع بروميثيوس حضور طاغ في المدن الجامعية بالغرب الأوسط الأمريكي. فبعد أن انتقلت إلى المدن الجامعية الساحلية ، ارتكبت مجموعة من السقطات الاجتماعية التي عجزت فيها عن مخاطبة أحد الحاصلين على درجة الدكتوراه أو تقديمه باستخدام لقبه الصحيح. فببساطة لم نفعل هذا قط حيثما نشأت لأن هذا كان من شأنه أن يضفي علينا التأثير الكوميدي الواهي لشخصيات مسرحية «ذا كروسيبل» عند مخاطبتهم بعضهم بعضا بألقاب مثل «رب البيت» و«ربة البيت» (في بلدتنا، كان هناك رجل حاصل على درجة الدكتوراه ولا يعمل في المجال الأكاديمي وكان يصر على أن ينادى بهذا اللقب. ألطف وصف يمكن أن يوصف به رأي الناس فيه أنه «مشوش»).
في الفقرة السابقة، استخدمت طريقا مختصرا مجازيا فظا بعض الشيء من خلال السخرية من أشخاص لديهم نوع من الهوس بألقابهم الأكاديمية، والأرجح أن القراء المنتمين إلى أوساط أكاديمية - خلافا للمدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي - سيغضبون ويشعرون كما لو كانوا قد أسيئت معاملتهم بسبب زعم واه يطرحه رجل يهاجم لكنه غير قادر على الصمود؛ لذا دعوني أوضح على نحو مباشر أن الأمر أعقد بكثير مما يبدو عليه، وأن أساتذة جامعات هارفرد وكامبريدج وبولونيا وبيركلي يخاطب بعضهم بعضا بأسمائهم الأولى طوال الوقت.
بيد أنني أحاول صراحة أن ألفت انتباه القارئ إلى حقيقة مفادها أنه حتى بين الأكاديميين الذين يركبون الدراجات ذهابا إلى العمل ويرتدون القمصان القصيرة الأكمام والجينز الأزرق، ويتحاشون استخدام الألقاب الرسمية، توجد بينهم ضوابط وقيود وقواعد وخطوط فاصلة واضحة، وتدرجات هرمية ينبغي أن تحترم، وأن الأشخاص الذين يخالفون ذلك يمكن أن يعرضوا أنفسهم لعقوبة شديدة مبالغ فيها. وهنا، أشعر بأنني أقف على أرضية أكثر رسوخا؛ لأن كل من قضى وقتا على أي درجة من درجات السلم الأكاديمي واجه على الأرجح موقفا واحدا على الأقل لا يحسد عليه خالف فيه تلك القيود وانتقد انتقادا لاذعا في اجتماع لأعضاء هيئة التدريس أو في رسالة ضمن بريد القراء أو عبر البريد الإلكتروني. أقول لكم إنه بمقدور قاطني المدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي أن ينشئوا دون إدراك واع لهذه القواعد، تماما مثلما أن مجتمع الإيلوي لم يفطن أبدا إلى حقيقة أنه كان طعاما لمجتمع المورلوك. وكما حاولت أن أوضح من خلال مثال الذرة المشعة، تولد المدن الجامعية في الغرب الأوسط الأمريكي حالة من عدم الاكتراث المناهض لبروميثيوس وهو ما يغضب بعض الناس. وهذه الحالة تغلغلت في كل فقرة من فقرات هذا الكتاب. •••
ثمة توقع منطقي بما فيه الكفاية أن أي شخص يغامر بالكتابة عن الرياضيات ينبغي أن يقدم إسهاما إيجابيا من نوع ما أو يصمت. ثمة استثناءات لمقالات رأي تصدر من آن لآخر، وتلخص نتائج أخرى دون تقديم مادة جديدة في حد ذاتها، لكن حتى مقالة الرأي ينبغي أن تكتب وفق معايير صارمة بما يكفي بحيث إن أي طالب جاد في المجال موضع البحث، ولنقل طالب الدكتوراه، يمكن أن يقبل الأمر على ظاهره ولا يعرف قط أن هناك احتمالية لأن يكون قد جرى تلميعه أو إعادة ترتيبه أو إفساده تماما، وهو ما ينطوي على شيء من الخطورة. ولذا، إذا كان المرء يتصرف وفق قواعد النشر الأكاديمي، فإن تأليف كتاب جاد ومهم من الناحية الفكرية عن الرياضيات يتضمن شيئا من إعادة الترتيب أو الصقل، كما فعل ديفيد فوستر والاس في كتابه هذا، لا ينظر إليه باستحسان.
ثمة ممارسة أخرى تجعل الأكاديميين المتفرغين يستشيطون غضبا على ما يبدو، وهي عبور الحواجز بين فروع المعرفة الشديدة التخصص (أو، في حالة التاريخ، المناطق الجغرافية أو الحقب الزمنية) من أجل كتابة مقالات تجمع بين عدد من الخيوط، وتبرز الموضوعات المشتركة بينها. ومن الأفضل أن تترك الأسباب الفعلية وراء هذا الحظر لعلماء الأنثروبولوجيا وعلماء النفس، لكنني أستنتج أن هذه النوعية من الأمور ينظر إليها باعتبارها امتيازا يكتسب فقط مع السن وعند التقاعد مع الاحتفاظ بدرجة شرفية، وأن تأليف أي مادة كهذه قبل سن الستين يجعل المرء يصنف على أنه مدع، وهو ما يعني، في الأوساط الأكاديمية، الإعداد لتدابير عقابية تبلغ درجة من الشدة لم يسمع عنها سوى في الأساطير الإغريقية.
إذن قواعد طريق النشر الأكاديمي صارمة وتطبق بقسوة. وهذا يفرض بعض القيود الضيقة والصعبة على الموضوعات التي يمكن أن يكتب عنها الأذكياء من الناس دون أن يتعرضوا للعقاب، وأمر على درجة من الصرامة تكفي لأن يبحث البعض عن سبل للتحايل على القواعد. وأبرز تلك السبل الخيال العلمي على ما يبدو؛ فروائيو الخيال العلمي يزعمون أن لهم الحق فيما يكتبون، وجرى العرف على تمكينهم من ذلك، وهو نوع من الحصانة كتلك التي كانت تمنح لمهرجي البلاط الملكي في العصور الوسطى. في حقيقة الأمر، ثمة عدد كبير من أساتذة العلوم الطبيعية الذين انتهجوا نهج المهرج، والتقطوا القلم وكتبوا أعمالا حققت نجاحا بدرجة أو بأخرى عن الخيال العلمي في مجال العلوم الطبيعية؛ وذلك كطريقة لتفادي هذين القيدين البشعين اللذين يعوقان التبسيط والترويج والجمع الشامل بين خيوط متنوعة.
كذلك يسمح للأكاديميين الجادين أن يؤلفوا كتبا تستهدف بوضوح عموم القراء، بالرغم من أن هذا قد ينظر إليه باعتباره سلوكا من سلوكيات المدعين إذا انخرط فيه الأكاديمي في وقت مبكر أكثر من اللازم من حياته المهنية.
صفحه نامشخص