قالت إلايزا: «سيدتي، هل فقدت طفلا من قبل؟»
استدار السيد بيرد وسار نحو النافذة وانفجرت السيدة بيرد باكية، ثم قالت بعد أن استعادت رباطة جأشها: «لماذا تسألين هذا السؤال؟ لقد فقدت طفلا صغيرا.» «إذن ستشعرين بي. لقد فقدت اثنين، واحدا تلو الآخر - تركتهما مدفونين هناك حين هربت؛ ولم يتبق لي سوى هذا. لم أنم ليلة واحدة من دونه؛ كان هو كل ما أملكه. إنه قرة عيني وما أعتز به في كل يوم وليلة يا سيدتي، وكانوا سيأخذونه مني - كانوا سيبيعونه - جنوبا يا سيدتي؛ كان سيذهب وحيدا - طفل لم يبتعد عن أمه قط في حياته! لم أستطع لذلك صبرا يا سيدتي. علمت أنني لن أكون صالحة لأي شيء بعده إذا ما حدث ذلك، وحين علمت أن الأوراق قد وقعت وأنه قد بيع بالفعل، أخذته ليلا وهربت به، وطاردوني - الرجل الذي اشتراه وبعض عبيد سيدي، وكانوا خلفي تماما وسمعتهم - فقفزت على الجليد ولا أعلم كيف عبرت؛ لكن كنت محظوظة في النهاية إذ ساعدني رجل عند الضفة الأخرى من النهر.»
لم تبك المرأة ولم تنتحب. كانت قد ذهبت إلى مكان تجفف فيه الدموع؛ لكن كل من حولها كان يظهر نحوها تعبيرات التعاطف معها.
كان الصبيان قد ألقيا بأنفسهما في جونلة فستان والدتهما، حيث بكيا وانتحبا ملء صدورهما؛ وغطت السيدة بيرد وجهها بمنديلها، بينما هتفت دينا العجوز بحماسة كبيرة والدموع تتحدر على وجنتيها: «فليرحمنا الرب!» فيما كان كادجو العجوز يمسح عينيه بأطراف كمه.
حيث بكيا وانتحبا ملء صدورهما.
قالت السيدة بيرد حين تمكنت من الحديث مرة أخرى: «وإلى أين تنوين الذهاب أيتها المرأة الصالحة؟»
أجابت وهي تنظر إلى وجه السيدة بيرد بنظرة ثقة: «إلى كندا، إلا أنني لا أعرف أين هي. أهي بعيدة عن هنا؟»
قالت السيدة بيرد بعفوية: «أيتها المسكينة!» «هل هي بعيدة لهذه الدرجة؟»
قالت السيدة بيرد: «أبعد مما تظنين أيتها الشابة المسكينة! لكننا سنحاول ونفكر فيما يمكن أن نساعدك به. هيا يا دينا، أعدي لها سريرا في غرفتك، بالقرب من المطبخ، وسأفكر فيما يمكن أن نفعل لها في الصباح.»
كان السيد والسيدة بيرد قد عادا مرة أخرى إلى الصالة، جلست السيدة في كرسيها الهزاز أمام النار، وراحت تهتز به للأمام والخلف وهي غارقة في التفكير. بينما ذرع السيد بيرد الغرفة جيئة وذهابا وهو يغمغم في نفسه: «أف! يا له من أمر مربك ومحير!» ثم قال وهو يتجه نحو زوجته: «أقول يا زوجتي إنها ينبغي أن تذهب بعيدا عن هنا في هذه الليلة. إن ذلك الرجل سيتبعها وسيأتي إلى هنا في الصباح الباكر؛ ولو كانت المرأة وحيدة لكان بإمكانها أن تختبئ بلا حراك حتى ينتهي الأمر، لكن ذلك الطفل الصغير لن يصمت أمام الكثير من الجياد والأشخاص، إنني خائف من أن يكشف نفسه بأن يطل برأسه من أحد الأبواب أو النوافذ. سيكون من غير المفيد لي أن يتم الإمساك بهما عندي! لا، ينبغي أن يرحلا عن منزلنا الليلة.» «الليلة! كيف ذلك؟ وإلى أين؟»
صفحه نامشخص