1
فأقول أحمر، ولا من شيء أعرفه؛ لأنه ليس شيئا يسمى، وعلم الله أن من يهوي في جهنم سبعين خريفا وعيناه تدوران في رأسه، لا يبصر من حيث ابتدأ إلى حيث ينتهي شرا من وجه دنياك!
إنك يا بني تصور الأرض لا أرضا ولا ماء بل قلوبا ودموعا، وتعرفها لا دولا ولا أمما بل آلاما وحوادث، فكأن هذه الأرض العظيمة تحتاج إلى وقدتين من قلبك ومن الشمس، وإلى نفحتين من خيالك ومن الفضاء، وإلى قدرين من حزنك ومن الأبد، ومن ثم فلا عجب يا بني إن كان مركز الثقل فيها على وهمين: على محورها،
2
وعلى ظهرك!
هيهات لقد أسرفت على نفسك الضعيفة، وجعلت هذه الحصاة الهينة تحت مطرقة الزمن، فما تزال رخوا منبعثا مسترسلا في اندقاق ولين، كأنك رجل من العجين، وكم تقول لي: «فلان» وجاهه العريض، ودهره المريض!
وانظر إلى «فلان» كيف جعله الكبر يذكر منا وينسى، وكيف أصبح من الغنى وأمسى!
و«فلان» كيف تمر من فرج أصابعه سفن الآمال، في تيار المال؛ كأن يده قنطرة على نهر الأقدار، أو جسر تعبره حظوظ السماء إلى أهل هذه الدار!
و«فلان» قبحه الله! كيف صار شيطانه في إنسانه، وطول عمره في لسانه، وكثرة ماله في قلة إحسانه!
و«فلان» أخزاه الله! فما بر ولا نفع، بل تفرق بالحرص على ما جمع، وطمع في كل شيء حتى في الطمع! «وفلان» الذي جمع وعدد،
صفحه نامشخص