وسألته: عن قول الله تعالى: {ونفس وما سواها} فألهمها فجورها وتقواها، فقال: ونفس وما سواها، يقول سبحانه وما أقدرها وما هاهنا من تسوية التقدير وحكمة التدبير الذي لا يكون إلا بالله ولا يوجد إلا من الله، وقد قال بعض المفسرين: وما سواها: هو ومن سواها، فألهمها هو عرفها تعريفا بينا ليس مما يلتبس بكفره، منعمة ولا يعايا بشيء من المعرفة من فجورها وتقواها إذا عرفها هيبتها وأجتراها لأن الهيبة اتقاء والفجور اجتراء فهي تعرف من الأشياء كلها ما يجتري عليه من الفجور وما تهاب وتخشا من جميع الأمور، فهي على ما لا تهاب مجتريه ولما هابت متقية فهي ملهمة لتقواها وفجورها لمعرفة ما تهابه وتجترئ عليه من أمورها.
وسألته: أيضا عن قول الله سبحانه: والسموات مطويات بيمينه، فقال: إنما يريد سبحانه قدرته عليهن ونفاذ أمره وقضائه وحكمه جل ثناؤه فيهن لأن كل ما كان من الأشياء مطويا في يمينك فأنت عليه أقدر منك على غيره من جميع شأنك ومن كان في يديه شيء مطوي كان على حفظه كله قويا، ولا يتوهم أنهن مطويات في يمينه كطي الثياب إلا عمي جهول لعاب وما في ذلك لو كان كذلك من الإكتاب ومن القوة والإقتدار.
وأما قبضته وإحاطته وقدرته، فذلك أنه يقال لمن كان محيطا بشيء وقادرا عليه إذا سئل عنه من يعرفه هل له قدرة فيه ? قال: نعم والله ما هو إلا قبضته وفي يده وليس يريد بذلك إذا قال قبضة الكف والله لا شريك له متعال عن أن يوصف من أوصاف الإنسان بوصف.
وسألته: عن قول الله سبحانه: وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له، والإنابة إليه هي الرجوع بطاعته عليه وإسلامهم له هو سلوكهم سبيله فلم ينب إليه سبحانه من تولى عنه ولم يسلم له جل ثناؤه من تبرأ منه، فالإنابة إليه هي الاعتصام والإسلام له هو الاستسلام ولم يعتصم به قط من آثر غيره ولم يسلم له من خالف أمره.
صفحه ۹