وسألت عن أية القصاص هل يقتل فيها الحر بالعبد وهل تجب الدية في شيء من العمد، وقد فصل الله فيما سألت عنه في ذلك من أمره بقوله: وعند ذكره (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) فجلعهم في القصاص أصنافا مختلفة شتا وعلى ما ذكر الله من اختلافهم وشتاتهم اختلفوا باجتماع في دياتهم فدية العبد على قدر قيمته، والمرأة مخالفة للرجل في ديته، وهذا كله مجتمع عليه لا أعلم أحدا يقول بخلاف فيه، واختلافهم رحمك الله في الديات دليل على اختلافهم في القود والجراحات.
وما اختلف من ذلك فيه فليس بواحد والخلاف فبين بين الحر والعبد ولا يحكم في المختلف بالاستواء من لا علم له بالحكم في الأشياء، ولا قود ولا قصاص بين حر وعبد وليس أمرهما في كثير من الدين بواحد حد العبد في الزنا وغيره ليس يجده، والسيد في أكثر أموره، فليس كعبده، وكذلك المرأة في كثير أمورها فليست كالرجل ولو كانت كهو لما كان له عليها من الفضل ما ذكر الله سبحانه في قوله: وللرجال عليهن درجة.
وكفى بهذا في اختلافهما بيانا وحجة، فإن قيل: القاتل عبدا أو إمرأة عمدا وكان بقتله إياهما قتل في أرض الله مفسدا، قتل إذا صح فساده عند الإمام صاغرا ولم يحرز قاتله من القتل أن يكون حرا لقول الله سبحانه: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وفي الناس الحر والعبد جميعا معا فأحل الله من قتل الأنفس بالفساد في أرضه ما أحل من قتلها بترك التوحيد ورفضه. فأما من قتل عبدا أو إمرأة معاصيا أو قتله أو حصره فليس كمن قتلهما مفسد ا، وكان بفساده في أرض الله متمردا.
صفحه ۱۷