فالإيقاع والوزن — مثلا — يستعملان وحدهما فى الصفر فى الناى وصنعة الضرب على القيثار، وما قد يكون من صنائع لها مثل قوتهما، كصفارة الراعى. والوزن وحده — بغير إيقاع — يستخدم فى الرقص، فإن الرقص أيضا يحاكى الخلق والانفعال والفعل بوساطة الأوزان الحركية. أما الصنعة التى تحاكى باللغة وحدها منثورة أو منظومة — ومن النظم ما يكون فى جملة أعاريض مجتمعة، ومنه ما يكون فى جنس واحد من الأعاريض — أما هذه الصنعة فلم يعرف لها اسم حتى الآن، فليس لدينا تسمية عامة لمشاهد سوفرون وكسنارخوس ومحاورات سقراط، ولا لما قد يعمل من المحاكاة فى العروض الثلاثى أو الإليجى أو غيرهما من الأعاريض. إلا أن الناس يلحقون كلمة الشعر — أو العمل (يوياين) — بالعروض المقول فيه، فيطلقون اسم «الشعراء إلاليجيين» على فريق، واسم شعراء الإيى على فريق آخر، لا يرجعون فى تسمية هؤلاء وأولئك شعراء إلى المحاكاة بل إلى العروض دون تمييز بين محاك منهم وغير محاك، حتى لقد جرت عادتهم أنه إذا وضعت مقالة طبية أو طبيعية فى كلام منظوم سموا واضعها شاعرا. على أنك لا تجد شيئا مشتركا بين هوميروس وأمبدوكليس ما خلا الوزن، بحيث يحق لك أن تسمى الأول منهما شاعرا، أما الثانى فيصدق عليه اسم «الطبيعى» أكثر من اسم «الشاعر». وعلى هذا القياس ينبغى أيضا أن نسمى شاعرا من يأتى بالمحاكاة فى مزيج من الأعاريض. كما فعل خايريمون فى «كنتورس» وهى قصيدة تجمع بين الأعاريض كلها. فلتوضع الحدود بين هذه الأمور على النحو الذى وصفناه.
ثم إن من الصنائع ما يستعمل جميع الوسائط التى ذكرنا: أعنى الوزن والغناء والعروض، كالشعر الديثرمبى والنومى، وكالتراجيديا والكوميديا. غير أن الفرق بين هذه الصنائع أن الأولين تستخدمان الوسائط الثلاثة مجتمعة، على حين أن الأخريين تستخدمانها مفرقة فى جزء جزء. هذا قولى فى الفروق بين الصنائع التى بها يحدثون المحاكاة
[chapter 2]
صفحه ۳۲