نعم في بعض المواضع يكون استعمال الجملة صحيحا، كما إذا كان لك دين على آخر فرحمته وتركت دينك، أو أجلته حتى يوسر، فالعدل أن تأخذه والرحمة أن تتركه أو تؤجله، والرحمة فوق العدل.
وجملة القول أن الجملة صحيحة إذا كان الذى يرحم هو الذى يملك حق العدل، ثم هو يتنازل عن حقه في العدل ويرحم، أما الرحمة حيث يكون العدل من حق غيره فخطأ بين كما مثلنا. (8-6) العدل والإحسان
كذلك كثيرا ما يقرن العدل بالإحسان، ونعني بالعدل أداء الواجب من غير تحيز، وبالإحسان الفضل في أداء الواجب والزيادة عليه، ولنضرب لذلك مثالا يتجلى فيه معنى الإحسان.
هب أن اثنين اشتركا في عمل، وكان أحدهما قويا والآخر ضعيفا، فموقف القوي مع الضعيف لا يعدو أحوالا ثلاثة:
الأول:
أن يستغل القوي مركزه، ويقول: إنني أقوى منه، فلأنتهز فرصة ضعفه وأكلفه عمله وجزءا من عملي، فإذا لم يعمل أجبرته واتخذت ما أستطيع من الوسائل لإرغامه، وهذا موقف يمثل المبدأ المشهور «الحق للقوة» وهو مبدأ سار عليه الناس في حالة بداوتهم وهمجيتهم. ولا يزال يطبق بين المتمدينين وإن كان أقل من قبل، وهذا هو «الظلم» بعينه.
الثاني:
أن يقول القوي: إن علي نصيبا من العمل، وعلى زميلي نصيبا، ولست أستغل قوتي فأحمل زميلي فوق نصيبه، ولا أطبق مبدأ «الحق للقوة» ولكن أعمل واجبي لا أكثر ولا أقل، وليعمل هو نصيبه لا أكثر ولا أقل.
وهذا الموقف هو العدل، يتساوى فيه العاملان بأن يعمل كل واجبه.
الثالث:
صفحه نامشخص