147

وقال: رؤية الله تعالى لا تكون بالطلب لأنها امتنان من الله تعالى، وما كان امتنانا لا يصح طلبه إنما يصح طلب ما كان سعاية . وأطال في ذلك، ثم اقال: وإذا وقع ما وقع من الرؤية عن طلب فليس هو الرؤية الحقيقية الحاصلة اعن الطلب وذلك لأن مطلوبه من المرئي إنما هو أن يراه على ما هو عليه في نفسه وذلك محال فإن التجلي لا يقع لعبد إلا على صورة علمه به وإلا أنكره فما تجلى تعالى لطالب الرؤية إلا في غير ما طلبه ، فلهذا كانت الرؤية إذا ووقعت امتنانا على العبد لا استحقاقا وجزاء ثم إذا وقع الالتذاذ بما رآه وتخيل أنه مطلوبه تجلى له بعد ذلك من غير طلب فكان ذلك التجلي امتنانا إلهيا وأعطاه من العلم به ما لم يكن عنده ولا خطر على باله وكان تنعمه بتلك الرؤية كنعيم أهل الجنان. وقال: وهذه المسألة ما نبه عليها أحد غيري فيما أعلم وأطال في ذلك.

اوقال في الباب الخامس والسبعين وثلاثمائة، في قوله تعالى: كل ازب بما لديهم فرحون [المؤمنون: 53]: اعلم أن كل جاهل متنعم بجهل ابالأمور لكن لا يعلم أنه جاهل بها فإنه لو علم أن ثم علما خلاف ما يعلمه او لأدركه التنغيص وما تنعم بجهله قط فليس كل حزب بما لديهم فرحون في الدنيا، وإنما ذلك في الآخرة، وأما في الدنيا فذلك في كثير من الناس لا في كلهم.

ووقال في قوله تعالى في المنافقين: (وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا ووا خلوا إلى شيطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون لقلح الله يستهزع بهم} [البقرة: 14 -15] : اعلم أن المنافق برزخ بين المؤمن والكافر فإذا انقلب تخلص إلى أحد الطرفين وهو طرف الكفر ولم يتخلص للإيمان إذ لو تخلص الهنا للإيمان ولم يكن برزخا لكان إذا انقلب لا ينقلب إلا إلى الله في دار كرامته فما أخذ المنافق إلا بأمر دقيق لا يشعر به كثير من العلماء وقد نبه اعلى ذلك بقوله: (وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ،امنا)* [البقرة: 14] فلو أنهم اقالوا ذلك حقيقة لسعدوا وكذلك قوله : وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: إنا معكم أي: لو قالوا ذلك وسكتوا لما أثر فيهم الذم الواقع ولكنهم زادوا اقولهم: {إنما نحن مستهزءون) [البقرة: 14] فشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا

صفحه نامشخص