79

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

ناشر

دار صادر

محل انتشار

بيروت

مصر فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ثمَّ قَالَ لَهُ ختم الوزارة دخل إِلَى حُدُود دمشق فصادف مَجِيئه فِي ثَانِي يَوْم وسافر الْوَزير وَأقَام هُوَ بِدِمَشْق ثمَّ سَار أَثَره إِلَى اروم فَأكْرمه وَحصل لَهُ من جَانِبه مَال طائل وَجعل لَهُ من الجرايات بِمصْر مَا يقوم بِهِ وَكَانَ لَهُ من هَذَا الْقَبِيل أَشْيَاء كَثِيرَة مِنْهَا أَنه كَانَ فِي مجْلِس بعض الوزراء بِمصْر فمسك لَهُ كتابا كَبِيرا وقسمه شطرين وَقَالَ لَهُ مَا مِقْدَار كل وَاحِد من الشطرين فاستخرجه فِي الْحَال وَذكر فِي بعض محاضراته أَن ثَلَاثَة أشخاص من المهرة فِي علم الْحَرْف قصدُوا مَكَّة وحدانًا فنفد مَا مَعَهم من المَاء والزاد وهم فِي بَريَّة قفراء فَقَالَ أحدهم أَنا نخدم هَذَا الْعلم هَذِه السنين وَهَذَا مَحل اتلاف النُّفُوس فليعمل كل منا وفقًا لأجل المَاء والمأكل والمركب فَنزل كل مِنْهُم وفقًا فَلم تمض هنيهة إِلَّا وَقد ظهر لَهُم فِي الْمَكَان الَّذِي كَانُوا نزولًا فِيهِ عين مَاء عذبة وجمال يَقُود ثَلَاثَة جمال وَرَأَوا فِي بعض ذَلِك الْجَبَل قَرْيَة عامرة لم يَكُونُوا رأوها قبل ذَلِك فحمدوا الله تَعَالَى بجميل أَسْمَائِهِ وأثنوا على جزيل نعمائه قَالَ وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى وَقد اجْتمعت بِهِ فِي دمشق والقاهرة وَكَانَت وَفَاته فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَألف بِمصْر وَدفن بتربة المجاورين الشَّيْخ أَبُو بكر بن إِسْمَاعِيل ابْن القطب الرباني شهَاب الدّين الشنواني وجده الْأَعْلَى ابْن عَم سَيِّدي على وَفَاء الشريف الوفائي التّونسِيّ امام الْعَلامَة الْأُسْتَاذ عَلامَة عصره فِي جَمِيع الْفُنُون كَانَ فِي عصره إِمَام النُّحَاة تشد إِلَيْهِ الرّحال للأخذ عَنهُ والتلقي مِنْهُ مولده شنوان وَهِي بَلْدَة بالمنوفية وَتخرج فِي الْقَاهِرَة بِابْن قَاسم الْعَبَّادِيّ وَمُحَمّد الخفاجي وَالِد الشهَاب وَأخذ عَن الشهَاب أَحْمد بن حجر الْمَكِّيّ وجمال الدّين يُوسُف ابْن زَكَرِيَّا وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العلقمي وَالشَّمْس مُحَمَّد الرَّمْلِيّ وتفوق وَكَانَ كثير الِاطِّلَاع على اللُّغَة ومعاني الْأَشْعَار حَافِظًا لمذاهب النُّحَاة والشواهد كثير الْعِنَايَة بهَا حسن الضَّبْط أَخذ النَّاس عَنهُ كثيرا وَعَلِيهِ تخْرجُوا وانتهت إِلَيْهِ الرياسة العلمية ولازمه بعد الشهَاب ابْن قَاسم جلّ تلامذته وَمِمَّنْ لَازمه وَتخرج بِهِ الشهَاب أَحْمد الغنيمي وَعلي الْحلَبِي وَابْن أُخْته الشهَاب الخفاجي وعامر الشبراوي وسري الدّين الدروري يُوسُف الفيشي وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن الْحَمَوِيّ وَالشَّمْس البابلي وَإِبْرَاهِيم الْمَيْمُونِيّ وَغَيرهم من أكَابِر الْعلمَاء وابتلى بالفالج فَمَكثَ فِيهِ سِنِين وَهُوَ لَا يقوم من مَجْلِسه إِلَّا بمساعد وَكَانَت تذْهب الأفاضل إِلَى بَيته وَلَا تَنْصَرِف عَن نَادِيه وَألف المؤلفات المقبولة مِنْهَا حَاشِيَة على متن التَّوْضِيح فِي مجلدات لم تكمل وحاشية على

1 / 79