231

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

ناشر

دار صادر

محل انتشار

بيروت

ثمَّ انتبه وَهُوَ حَافظ الْبَيْتَيْنِ ثمَّ لم تكن إِلَّا نَحْو عشرَة أَيَّام من هَذِه الرُّؤْيَا حَتَّى وصل القَاضِي وَكَانَ دُخُوله الْمَسْجِد الشريف من بَاب السَّلَام وَصَاحب التَّرْجَمَة فِي مجْلِس درسه على الصّفة الَّتِي كَانَت فِي الرُّؤْيَا ثمَّ لم يلبث أَن جَاءَ إِلَى الْمجْلس فَتَلقاهُ الْبري وَجلسَ فِي الْموضع الَّذِي جلس فِيهِ وَأَشَارَ باستمرار الْقِرَاءَة جَريا على عَادَته فِي التفضل وَالْإِحْسَان والجبر فَألْقى الكراريس وأنشده الْبَيْتَيْنِ ثمَّ أخبرهُ بالرؤيا فَقضى الْعجب واستسر ثمَّ بعد قِيَامه من الْمجْلس أنْشدهُ قَوْله معتذرًا ومتشكرًا
(لَئِن كَانَ قدري مثل مَا قلت عِنْدَمَا ... تواضعت إِذْ طبقت كتبك فِي الوسن)
(فقد صَحَّ بالاحرى اتصافك بِالَّذِي ... وصفت بِهِ الْمُلُوك من ظَنك الْحسن)
(لِأَنِّي وَإِن أحرزت ذَاك فإنني ... لديك أَخُو صمت وَأَنت لَك اللسن)
وَكَانَت وَفَاته لست بَقينَ من صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَألف وَدفن فِي بَقِيع الْغَرْقَد ورثاه جمع مِنْهُم تِلْمِيذه أَحْمد بن شَيخنَا المرحوم إِبْرَاهِيم الخياري عمر الله تَعَالَى بِوُجُودِهِ مَدِينَة الْعلم فَإِنَّهُ رثاه بقصيدة طَوِيلَة أرخ وَفَاته فِيهَا بقوله
(فجأ الْأَنَام جَمِيعهم ... خطب ألم بهم عَجِيب)
(ومصيبة قد أوجبت ... للطفل فِيهَا أَن يشيب)
(ورزية عظمت ... بدار الْمُصْطَفى طه الحبيب)
(فقد الإِمَام الْحَافِظ ... الْعَلامَة الشهم الْخَطِيب)
(فأجبتهم متأوها ... بِلِسَان محزون كئيب)
(زل أول الْأَعْدَاد من ... تَارِيخه لتكن مُصِيب)
(واسمع فقدوا فِي لنا ... تَارِيخه مَاتَ الْخَطِيب)
وَمرَاده بِأول الْأَعْدَاد وَاحِد لَا الْمِيم كَمَا يتَوَهَّم على أَن زِيَادَة وَاحِد أَو اثْنَيْنِ فِي الْعدَد لَا يضر فِي التَّارِيخ كَمَا قيل فليفهم
الشَّيْخ أَحْمد بن عبد الرَّزَّاق بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد الْمَشْهُور بالمغربي الرَّشِيدِيّ المولد والوفاة الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُحَرر النقاد المفنن كَانَ فَاضلا كَامِلا صَاحب براعة وفصاحة عقدت عَلَيْهِ الخناصر وأقرت بفضله عُلَمَاء عصره حفظ الْقُرْآن بِبَلَدِهِ وَأخذ بهَا عَن الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن الْبُرُلُّسِيّ وَمُحَمّد الشَّاب وَعلي الْخياط ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وجاور بالجامع الْأَزْهَر وَأخذ عَن شُيُوخ كثيرين ولازم الْعَلَاء الشبراملسي وَبِه تخرج وبرع فِي الْعُلُوم النقلية والعقلية حَتَّى فاق أقرانه وَرجع إِلَى بَلَده وَصَارَ

1 / 232