خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
ناشر
دار صادر
محل انتشار
بيروت
بِالطَّائِف ملازمًا للْقِرَاءَة والإفادة مُعْتَزِلا عَن النَّاس وَكَانَ عَاملا بِالْعلمِ لَا يخْشَى فِي الله لومة لائم مهابًا موقرًا فِي النُّفُوس عَلَيْهِ سِيمَا الصّلاح وَالتَّقوى طَاهِرا متقشفًا فِي ملبسه مُعْتَقدًا عِنْد الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ أهل الطَّائِف لَا يصدرون إِلَّا عَن أمره وَلَهُم فِيهِ اعْتِقَاد ومحبة زَائِدَة وَكَانَ وَالِده كثير المَال عقيمًا فَشَكا حَاله للسَّيِّد شيخ بن عبد الله بن شيخ بن طه باعلوي فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ للسَّيِّد علوي بن أَحْمد العيدروس ببتي قَرْيَة من أَعمال تريم تقضي حَاجَتك فَذهب إِلَيْهِ فَوجدَ فِي طَرِيقه لصافهم اللص بِفعل سوء بِهِ فتمثل لَهُ فَارس مَنعه من ذَلِك وَوصل إِلَى مقْصده فَلَمَّا رَآهُ السَّيِّد علوي قَالَ لَهُ بعد أَن سلم عَلَيْهِ قد حيناك من الْعَدو وارجع فقد حصل لَك مقصودك فَرجع من حِينه إِلَى بَلَده وواقع زَوجته فَحملت بِصَاحِب التَّرْجَمَة تِلْكَ اللَّيْلَة هَكَذَا حكى بعض الحضارمة وَمن مؤلفاته شرح القصيدة الْمُسَمَّاة بالحديقة الأنيقة الَّتِي أَولهَا إِلَى كم ذَا التماد وَأَنت صادي وَشرح بَانَتْ سعاد وذيل على تَارِيخ الْمَدِينَة للمرجاني فِي مُجَلد وَكَانَت وَفَاته بِالطَّائِف يَوْم الْجُمُعَة سَابِع شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَألف وَدفن بِالْقربِ من تربة الإِمَام عبد الله بن عَبَّاس ﵄
الشَّيْخ أَحْمد بن عبد الله بن أبي اللطف الْبري الْحَنَفِيّ الْخَطِيب الْمدنِي أحد أَعْيَان الْعلمَاء بِالْمَدِينَةِ وأنبل من بهَا من رُؤَسَاء الْعلم الْمَشْهُورين بالبراعة وَحسن الْعبارَة مَعَ بديع الشّعْر الرَّائِق والنثر الْفَائِق وَحفظ أحاسن المحاسن من أَخْبَار الْمُتَقَدِّمين ولطائف الْمُتَأَخِّرين وَطَالَ عمره فِي عزة ورفعة وَكَانَ بليغًا حسن الْعبارَة ولد فِي سنة عشرَة بعد الْألف بِطيبَة الطّيبَة وَبهَا نَشأ وَقَرَأَ الْقُرْآن بالروايات وَأخذ عَن علمائها ورحل إِلَى مَكَّة وَأخذ بهَا عَن جمع وأجازوه مِنْهُم الْعَلامَة عبد الْملك العصامي صَاحب التصانيف الفائقة المفيدة الْآتِي ذكره وَمِنْهُم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى المرشدي وَكَانَ بديع المحاضرة عَالما بِوَضْع كل شَيْء من فنون المحاضرة فِي مَوْضِعه وَكَانَ بَينه وَبَين الشَّيْخ مُحَمَّد ميرزا ابْن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمدنِي الْآتِي ذكره مَوَدَّة أكيدة وَكَانَ فِي يَوْم الْجُمُعَة غَالِبا يَأْتِيهِ إِلَى بَيته ويتذاكرون ببديع الفرائد وفرائد القلائد وَله أشعار حسان ونثر حسن لَا سِيمَا خطبه الَّتِي كَانَ ينشيها حَال مُبَاشَرَته بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ فَإِنَّهَا فائقة بليغة وَلما وصل القَاضِي الْفَاضِل تَاج الدّين الْمَالِكِي الْمَكِّيّ للمدينة الشَّرِيفَة سنة خمس وَأَرْبَعين وَألف ومدح أَهلهَا بِهَذِهِ الأبيات وَهِي
1 / 230