213

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

ناشر

دار صادر

محل انتشار

بيروت

هَذَا الْفَنّ يُوجب التحسر مِمَّا لَا يحْتَاج إِلَى تفكر وَمَا أحسن قَول مُحَمَّد بن عبد السَّلَام
(قد نكس الرَّأْس أهل الكيميا خجلًا ... وقطروا أدمعًا من بعد مَا سهروا)
(إِن طالعوا كتبا للدرس بَينهم ... صَارُوا ملوكًا إِن هم جربوا افتقروا)
(تعلقوا بحبال الشَّمْس من طمع ... وَكم فَتى مِنْهُم قد غره الْقَمَر)
وللشهاب الخفاجي
(مولَايَ مثل الكيمياء وَلَيْسَ من ... أكسيره نفع لكسرى جَابر)
(فَإِذا تصورناه فَهُوَ لنا غنى ... وَإِذا نجر بِهِ ففقر حَاضر)
والأكسير شَيْء يوضع قَلِيله على النّحاس فَيصير ذَهَبا وعَلى الرصاص فَيصير فضَّة وَقد اشْتهر فِي الكيميا وَقَالَ ابْن عَرَبِيّ بِحِصَّتِهِ وَكَذَا الشَّيْخ الْبونِي وَكثير من الْعلمَاء وَمن حوز تعاطيه شَرط أَن لَا تنْقَلب عَنهُ عَن مَعْدن النَّقْدَيْنِ بعد ذَلِك وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان والحافظ السُّيُوطِيّ وَالتَّحْقِيق أَن تعاطيه من غير علم يقيني عَبث وضلال وَفَسَاد وَعَن مشَاهد من أستاذ عَارِف واختبار لمعدنه بِحَيْثُ يبْقى ذَهَبا أَو فضَّة لم يتَغَيَّر وَإِذا عرض على أَرْبَاب الْخِبْرَة أَجمعُوا على أَن معدنه صَحِيح جَائِز وَنقل ابْن شَاكر عَن الْعَلامَة عبد الرَّحِيم على الشير بِابْن برهَان وَكَانَ رحْلَة فِي عُلُوم شَتَّى وَكَانَ عُرْيَان الرَّأْس أَنه قَالَ لَو كَانَ علم الكيميا حَقًا لما احتجنا إِلَى الْخراج وَلَو كَانَ علم الطلاسم حَقًا لما احتجنا إِلَى الجنذ وَلَو كَانَ علم النُّجُوم حَقًا لما احتجنا إِلَى الرُّسُل والبريد وَقد خرجنَا عَمَّا يَعْنِي إِلَى ضِدّه فلنرجع لما نَحن بصدده فَنَقُول أَن لِابْنِ شاهين قصدا غررا وَمن أحْسنهَا ديباجة قصيدته الَّتِي كتب بهَا إِلَى شيخ الْإِسْلَام يحيى بن زَكَرِيَّا يمدحه بهَا وَيطْلب مِنْهُ قَضَاء الْحَج وَقد تقدم طرف من خَبَرهَا فِي تَرْجَمَة أَحْمد بن زين الدّين المنطقي ومطلعها قَوْله
(لَا يسلني عَن الزَّمَان سؤول ... إِن عتبي على الزَّمَان يطول)
(طَال عتبي كطول عمر تجنيه ... فعتبي بِذَنبِهِ مَوْصُول)
(أنست بِي خطوبه فَلَو اغتال ... سوائي لعزني التبديل)
وَهَذَا ينظر إِلَى قَول الشريف البياضي
(ألفت الضنى لما تطاول مكثه ... فَلَو زَالَ عَن جسمي بكته الْجَوَارِح)
وَقَول أبي الطّيب المتنبي

1 / 214