خلاصة الیومیة والشذور
خلاصة اليومية والشذور
ژانرها
المضحكات ليست بالقليلة، ولكن الذين يحسنون صناعة الضحك هم القليلون، فليس من الضروري أن نفتش عن رجل من أمثال أبطال موليير لنغرب في الضحك؛ فإن في كل رجل من الذين نراهم ونعاشرهم موطنا للنقص وفي كل عمل موضعا للكلفة والتصنع، والوادع الناعم البال ولو كان مغمورا بالشقاء، ذلك الرجل الذي يعرف كيف يفطن إلى مواطن الغرور والرياء من أعمال الإنسان فإنه لا يطبق فمه ما دام يفتح عينيه.
الجمال والجلال
النفس الإنسانية يتنازعها عاملان قويان، هما حب الحياة والخوف من الموت، وبهذين العاملين يتعلق الشعور بالجميل والجليل؛ فالجميل كل ما حبب الحياة إلى النفس وأظهرها لها في المظهر الذي يبسط الرجاء فيها ويبعث على الاغتباط بها، والجليل كل ما حرك فيها الوحشة وحجب عنها رونق الحياة؛ فالربيع والصباح والنور والصحة والشباب والحركة والمناظر الرائقة والخضرة والأبنية المزخرفة، كلها جميلة؛ لأنها تنعش الحواس وتذكرها بالحياة، والشتاء والليل والظلمة والمرض والهرم والسكون والقفار المخيفة والأطلال الدارسة والصروح القوية المتينة التي تنبئ بتعاقب السكان عليها والمعابد والهياكل والقوى الطبيعية الهائلة، كلها جليلة؛ لأنها تقبض الحواس وتميل بالنفس إلى التضاؤل والضعة أمام رهبة الفناء وعظمة الطبيعة وضخامتها. الجميل مظهر القدرة والجليل مظهر القوة، والنفس تقابل القدرة بالإعجاب والقوة بالخشوع.
الاعتراف بالنقص
لا يعترف الإنسان بشيء مما يشعر بنقصه إلا إذا كان يريد أن يتوصل من ذلك إلى الاشتهار بنوع ما من الكمال؛ فروسو والقديس أوغسطين وهيني لم يذيعوا كل تلك الأسرار الخفية التي سردوها في اعترافاتهم - من غير أن يخشوا أن ينقلها سواهم على غير حقيقتها أو تكون هناك ضرورة ماسة لإذاعتها - إلا طمعا في الاتصاف بمزية الصراحة الفلسفية أو الدينية، وهي أكبر في نظرهم من جميع تلك المزايا التي جردوا أنفسهم عنها بمحض اختيارهم.
الأطفال رجال صغار
نفوس الأطفال أصدق معرض تدرس فيه أخلاق الرجال، فإن جميع ما يضحكنا من طباعهم كالأنانية والغرور الشديد والغيرة الحادة، وحبهم المفرط لاستجلاب المدح والإعجاب يظل كامنا في نفوس الرجال، تتغير أشكاله وموضوعاته من الألاعيب إلى العروض الحقيقية وهو باق لا يتغير، وإنما يضطرون إلى مداراته؛ لأنهم لا يجدون من يحتمله منهم كما كان يحتمله آباؤهم وأمهاتهم.
المساومة في التجارة
كثرة اللجاج والمساومة في بيوعنا تدل على أن تجارنا لا يحسبون حسابهم ولا يعنون بتقدير أرباحهم كما يوافق رءوس أموالهم، بل يدعونها عرضة لتقلبات المصادفات، إما إلى المكسب أو إلى الخسارة، وربما كان هذا الإهمال هو السر في اضطراب السوق المصرية وتذبذب الأسعار بين الهبوط والصعود.
حماية العرض
صفحه نامشخص