خلاصة الیومیة والشذور

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
59

خلاصة الیومیة والشذور

خلاصة اليومية والشذور

ژانرها

لا حق إلا أنه

لا حق في الدنيا يرام

ولما نشرت هذه الأبيات في الجريدة ، نشر كاتب في العدد 3360 من اللواء مقالا افتتاحيا تحت عنوان «يرون الحقيقة ويمارون فيها» قال منه: إن الذين ينحرفون عن طريق الحقيقة لم يضلوه ولو شاءوا لاستقاموا فيه، ولكنهم لا يشاءون؛ فالحيلة فيهم قليلة.

مثلهم مثل من يجعل بينك وبين الشمس يده إذا تعالت في السماء ليحجب عنك نورها وهو يدري بأنه لا يحتجب، فالويل لهم من أنفسهم والويل لطلاب الحقيقة منهم.

نعم، إن الحقيقة لا تدرك بين الذين أشربوا في نفوسهم هذه الطباع ولكنها غير مجهولة ولا خافية، وهل يخفى النور على بصير وقد ضمن مقالته أبياتا بهذا المعنى.

فقد ظن الكاتب أني أنكرت الحقيقة مطلقا، وليس هذا مرادي، فالحقائق من صنف (2 × 2 = 4) كثيرة لا تحصر ولا تنكر، ولكن الحقيقة التي عنيتها ليست من طراز هذه الحقائق؛ فهي الحقيقة الكبرى، الحقيقة الشاملة التي ينضوي تحتها كل ما عداها من حقائق، فمن هو ذاك الذي يحسب الكاتب أنه يعرف هذه الحقيقة ويماري فيها؟ تلك أكبر من أن يعرفها أحد فيكتمها، بل تلك أسطع من أن يقابلها بصر إنسان.

خلود الفنون

تساوى الآن أرباب القرائح والفنون، فلم يعد الشاعر ينفرد بتخليد ثمرات قريحته عن زميليه المصور والمغني؛ فبواسطة التصوير الشمسي الملون أصبحت الصورة تنقل من قرن إلى قرن من غير أن يذهب تقادم العهد برونقها، وبالفونوغراف والأنواط الموسيقية أصبح في الإمكان حفظ أصوات المغنين وألحان الموسيقيين مئات السنين بعد أن كانت تخرج من بين شفاههم فيلاشيها الهواء.

نقد الكتب

يحسن بالقارئ أن يعيد تصفح الكتب التي يقرؤها مرة في كل ثلاث سنين على الأكثر، فإنه يضاعف انتفاعه بها ولا تفوته طلاوة الجديد؛ فإنها تتغير في نظره حتى لقد يظهر له كأنه يقرؤها للمرة الأولى فيرى في معانيها ودقائقها ما كان لا ينتبه إليه من قبل، كما يبدو له من مآخذها وأغلاطها ما كان يخفى عليه، وربما تغير حكمه عنها إلى نقيضه فيروقه ما كان يرفضه ويرفض ما كان يروقه مترقيا مع ارتقاء معلوماته.

صفحه نامشخص