وتجنبن ظلمة التعقيد
وركبن اللفظ القريب فأدرك
ن به غاية المراد البعيد
وقال بعض المحدثين: البلاغة هي إصدار المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ.
ومن أقوال الثعالبي: أبلغ الكلام ما حسن إيجازه، وقل مجازه، وكثر إعجازه، وتناسبت صدوره وأعجازه، وأيضا البليغ من يحول الكلام على حسب الأماني، ويخيط الألفاظ على قدر المعاني.
وسئل الكندي عن البلاغة قال: ركنها اللفظ وهو على ثلاثة أنواع: فنوع لا تعرفه العامة ولا تتكلم به، ونوع تعرفه وتتكلم به، ونوع تعرفه ولا تتكلم به وهو أحمدها.
قال معاوية بن أبي سفيان لصحار بن عياش العبدي: ما هذه البلاغة التي فيكم؟ قال: شيء تجيش به صدورنا فتقذفه على ألسنتنا. فقال له رجل من عرض القوم: يا أمير المؤمنين، هؤلاء بالبسر والرطب أبصر منهم بالخطب. فقال له صحار: أجل والله إنا لنعلم أن الريح لتلقحه، وإن البرد ليعقده، وإن القمر ليصبغه، وإن الحر لينضجه.
وقال رجل للقباني: ما البلاغة؟ قال: كل من بلغك حاجته وأفهمك معناه بلا إعادة ولا حبسة ولا استعانة فهو بليغ. قالوا: قد فهمنا الإعادة والحبسة، فما معنى الاستعانة؟ قال: أن يقول عند مقاطع كلامه: اسمع مني، وافهم عني، أو يمسح عثنونه أو يفتل أصابعه، أو يكثر التفاته من غير موجب، أو يتساعل من غير سعلة، أو ينبهر في كلامه، قال الشاعر:
مليء ببهر والتفات وسعلة
ومسحة عثنون وفتل الأصابع
صفحه نامشخص