(وقلدوا أَمركُم لله دركم ... رحب الذِّرَاع بِأَمْر الْحَرْب مضطلعا)
(لَا مترفا إِن رخاء الْعَيْش ساعده ... وَلَا إِذا عض مَكْرُوه بِهِ خشعا)
(وَلَيْسَ يشْغلهُ مَال يثمره ... عَنْكُم وَلَا ولد يَبْغِي لَهُ الرفعا)
(مَا زَالَ يحلب در الدَّهْر أشطره ... يكون متّبعا يَوْمًا ومتَبَعا)
(حَتَّى اسْتمرّ على شزر مريرته ... مستحكم الرَّأْي لافخما وَلَا ضرعا)
(أَقُول) عِبَارَته فِي الْوَاجِب الأول فِي مُنْتَهى التَّحْقِيق، وَهُوَ الْمُحَافظَة على مَا أجمع عَلَيْهِ السّلف الصَّالح من الدّين وَإِطْلَاق الْحُرِّيَّة للْأمة فِيمَا سواهُ من الْمسَائِل الاجتهادية من حَيْثُ الْعلم وَعمل الْأَفْرَاد فِي الْعِبَادَات، وَأما مَا يتَعَلَّق بالسياسة وَالْقَضَاء المنوط بالحكومة فَلهُ أَن يرجح بعض الْأَحْكَام الاجتهادية على بعض، باستشارة الْعلمَاء من أهل الْحل وَالْعقد، وَلَا سِيمَا إِذا لم يكن هُوَ من أهل الِاجْتِهَاد فِي الشَّرْع، وَلَقَد كَانَ أَئِمَّة الدّين يطيعون الْخُلَفَاء فِيمَا يُخَالف اجتهادهم من أُمُور الْحُكُومَة إِذا لم يُخَالف النَّص الْقطعِي من الْكتاب وَالسّنة وَلَكنهُمْ لم يطيعوهم فِي القَوْل بِخلق الْقُرْآن لِأَنَّهُ من أُمُور العقائد الَّتِي خالفوا فِيهَا السّلف. .
وَالْجهَاد الَّذِي ذكره فِي الْوَاجِب السَّادِس أَرَادَ بِهِ الْقِتَال الْعَيْنِيّ والكفائي وَإِنَّمَا يجب على كل مُكَلّف إِذا استولى الْعَدو على بعض بِلَاد الْمُسلمين وَتوقف دَفعه على ذَلِك وَإِلَّا اكْتفى بِمن يستنفرهم الإِمَام بِحَسب الْحَاجة، وَالْجهَاد قد يكون بِالْمَالِ وَاللِّسَان وَمِنْه الدعْوَة إِلَى الْإِسْلَام بالبرهان. وَتجب طَاعَة الإِمَام فِي التَّعْلِيم العسكري بنظام الْقرعَة وَغَيره، وَعَلِيهِ أَن يعد للأعداء مَا يَسْتَطِيع من قُوَّة ليقاتلهم بِمَا يقاتلوننا بِهِ أَو يفوقهم، وَمِنْه إنْشَاء البوارج والغواصات والطيارات الحربية وأنواع الأسلحة الخ وَتجب طَاعَته فِي ذَلِك كُله بِالْمَالِ وَالنَّفس، بِنَصّ قَوْله تَعَالَى ﴿وأَعِدُّوا لَهْم مَا اسْتطَعْتُم من قُوَّة﴾ وَالْخطاب للْأمة وَإِنَّمَا الرئيس هُوَ الَّذِي يوحد النظام فِيهَا. وعَلى هَذَا تكون الْعُلُوم والفنون الطبيعية والكيماوية والآلية كلهَا من الْوَاجِبَات الكفائية وَمَا لَا يتم الْوَاجِب الْمُطلق إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِب. وَلَيْسَ فِي الْإِسْلَام جِهَاد يجب بِهِ قتال كل مُخَالف وَإِن كَانَ معاهدا أَو ذِمِّيا.
1 / 37