40

خلاف الأمة في العبادات ومذهب أهل السنة والجماعة

خلاف الأمة في العبادات ومذهب أهل السنة والجماعة

ویرایشگر

عثمان جمعة خيرية

ناشر

دار الفاروق

سال انتشار

۱۴۱۰ ه.ق

محل انتشار

الطائف

وقتال أهل الصُّفَّة مع الكفار، واستماعهم لمناجاته ليلة الإسراء (١).

والأحاديث المأثورة في نزول الربِّ إلى الأرض يوم عرفة وصبيحة مزدلفة، ورؤية النبي ﷺ في الأرض بعين رأسه (٢)، وأمثال هذه الأحاديث المكذوبة التي يطول وصفها، فإن المكذوب من ذلك لا يحصيه أحد إلا الله تعالى؛ لأن الكذب يحدث شيئاً فشيئاً، ليس بمنزلة الصدق الموروث عن النبي ﷺ الذي لا يحدث بعده وإنما يكون موجوداً في زمنه ﷺ، وهو محفوظ محروس بنقل خلفاء الرسول وورثة الأنبياء.

• وكان من الدلائل على انتفاء هذه الأمور المكذوبة وغيرها وجوه:

أحدها : أن ما توفرت هِمَمُ الخلقٍ ودواعيهم على نقله وإشاعته يمتنع في العادة كتمانه، فانفراد العدد القليل به يدلُّ على كذبهم، كما يُعْلَم كذب من خرج يوم الجمعة وأخبر بحادثة كبيرة في الجامع مثل: سقوط الخطيب، وقتله، وإمساك أقوام في المسجد، إذا لم يخبر بذلك إلا الواحد والاثنان، ويعلم كذب من أخبر أن في الطرقات بلاداً عظيمة وأمماً كثيرين، ولم يخبر بذلك السيارة، وإنما انفرد به الواحد والاثنان. ويعلم كذب من أخبر بمعادن ذهب وفضة متيسرة لمن أرادها بمكانٍ يعلمه الناس، ولم يخبر بذلك إلا الواحد والاثنان، وأمثال ذلك كثيرة.

فباعتبار العقل وقياسه وضربه الأمثال: يعلم كذب ما ينقل من الأمور التي مضت سنة الله بظهورها وانتشارها لو كانت موجودة، كما يعلم أيضاً صدق ما

(١) روي أن أهل الصُّفّة قاتلوا مع الكفار لما انكسر المسلمون يوم حُنين، أو غير يوم حنين، وأنهم قالوا: نحن مع الله. من كان الله معه كنا معه.

ورُووا أيضاً: أن أهل الصفة كانوا يتحدثون صبيحة المعراج بسرِّ كان الله أمر نبيه أن يكتمه، فقال لهم: من أين لكم هذا؟ قالوا: الله علّمنا إياه...

وهذا وأمثاله يرويه طوائف من أجهل المنتسبين إلى الدين، يبنون عليه من النفاق والبدع ما يناسبهم، ويسقطون بذلك وساطة الرسل ويزعمون أنهم يصلون إلى الله ويتلقون منه دون حاجة إلى رسول. وهذا كفر أعظم من كفر اليهود والنصارى الذين لم يُسْقطوا وساطة الرسل عامة بل أسقطوا رسالة محمد ﷺ.

انظر: ((مجموع الفتاوى)) (١١ / ٥٦٤-٥٦٥).

(٢) انظر هذه الأحاديث وتخريجها في ((الوصية الكبرى)) لابن تيمية، بتحقيقنا ص(٧٠-٧٧).

40