بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة قال أبو عبد الله: الدار والدارة والدير، هي جميعًا من: دار، يدور، دوْرًا ودورانًا ودؤورًا، ودوُورًا. وذلك إذا طاف بالشيء، أو حوله، ثم عاد إلى موضع بدئه. فأما الدار فاسم جامعٌ للعرصة والبناء والمحلة، وإنما سميت بذلك لكثرة دوران الناس فيها، واختلافهم، وترددهم خلالها. وتطلق أيضًا على البلد، كقوله تعالى: (فأصبحوا في ديارهم جاثمين)، أي في بلدهم. و"الدار" اسم لمدينة سيدنا رسول الله ﷺ. والدارً: القبيلة، وفي الحديث (ألا أنبئكم بخير دور الأنصار؟ دور بني النجار ثم دور بني الأشهل ثم دور بني الحارث، ثم دور بن الساعدة، وفي كل دور الأنصار خير) . فالدور ههنا جمع دار، وهي القبيلة، والمراد أنها قبائل اجتمعت، كل في محله، فسميت المحلة دارًا، وسمي بها ساكنوها على المجاز، بحذف المضاف، إذ الأصل أهل الدور وهو كقوله تعالى: (واسأل القرية)، أي أهل القرية. وفي الحديث: (ما بقيت دارٌ إلا بني فيها مسجدٌ) أي ما بقيت قبيلةٌ لأهلها مسدٌ يجتمعون للصلاة فيه. وقد يقال للدار دارةٌ، لكن الدارة أخص من الدار، قال أمية: له داعٍ بمكَة مشمَعِلٌ ... وآخر خلف دارَ [ته ينادي] والدار: صنمٌ سمي به بنو عبد الدار بن قصي ابن كلاب. والدار: اسم رجلٍ من لحمٍ. والدار مؤنثة، قيل: وقد تذكر، كقوله تعالى: (وتنعمَ دارُ المتقين) وذلك على معنى المثوى والموضع ولها جموعُ قلةٍ وكثيرٍ، فيقال في جمع القلة: أدؤر، وأدوُرٌ، بالهمز وبغيره، فإذا همزت، فالهمزة مبدلةٌ من واوٍ مضمومةٍ. ويقال في جمع الكثير: دورٌ وديارٌ. قال ابن سيدة جمع الدار آدُرٌ على القلب، وديارةٌ ودياراتٌ وديرانٌ ودورٌ ودوْراتٌ. وقال الأزهري: يقال: ديرٌ ودِيرةٌ وأديارٌ ودِيرانٌ ودارَةٌ، وداراتٌ، ودُورٌ، ودوْرانٌ، وأدْوارٌ، ودِوارٌ وأدورِةٌ، وديارةٌ. وأما الدارة: فهي ما أحاط بالشيء، ومنه دارةُ القمرِ، وهي هالته التي حوله، ود دارة الرمل وما استدار منه. والدارة أيضًا هي كل أرضٍ واسعةٍ بين جبالٍ. قال الزمخشري: هي أرضٌ سهلةٌ تحيط بها جبال من جهاتها جميعًا. وكل موضعٍ يدار به بشيء يحجزه فهو دارةٌ كالدارات التي تتخذ في المباطخ ونحوها، وتُجعل فيها الخمر. وأنشد: تلقى الإوزينَ في أكنافِ دارتها ... فوضى، وبين يديها التبن منثور قال أبو منصور، حكايةً عن الأصمعي: الدارةُ رملٌ مستدير، في وسطه فجوة، وثال: الدارة هي الجوبة الواسعة تحفها الجبال، وقال أبو حنيفة: إنها تعد من بطونِ الأرض المنبتة، وقيل: هي البُهرة إلا أن البُهرة لا تكون إلا سهلة، والدار تكون غليظةً وسهلةً. وقيل: الدارة كل جوْبة [تنفتح] في الرمل. والدارة مونثة، وجمعها داراتٌ ودورٌ، قال الراجز: من الدَّبيل ناشطًا للدور وقال زهير: ترَبصُ، فإن تُقو ِ المروراتُ منهم ... ودارتُها، لا تقوِ منهم (إذًا تخلُ) وأما الدير، فهو بيتٌ يتعبد فيه الرهبان، ولا يكاد يكون في البصر الأعظم. إنما يكون في الصحارى، ورؤوس الجبال. فإن كان في المِصر الأعظم كان كنيسة أو بيعةً. وربما فرقوا بينهما، فجعلوا الكنيسة لليهود، والبيعة للنصارى. قال الجوهري: "دير النصارى أصله وجمعه أديارٌ". والديراني: صاحبه الذي ينسبُ إليه، وهو نسبٌ على غير قياسٍ. وقال أبو منصور: "صاحبه الذي يسكنه ويعمُرُه ديراني وديارٌ". وقال أيضًا: قال سلمة، عن الفرَّاء: يقال دارٌ وديارٌ ودُورٌ، وفي الجمع القليل: أدْوُرٌ وأدْؤرٌ وديرانٌ ويقال: آدُرٌ، على القلب. ويقال: ديرٌ ودِيرةٌ وأديارٌ وديرانٌ، ودارةٌ وداراتٌ وأديرةٌ وديرٌ ودُورٌ ودورانٌ وأدوارٌ ودِوارٌ وأدورَةٌ، هكذا على نسقٍ. وهذا يشعر بأن الدير من اللغات في الدار، ولعله بعد تسمية الدار به خصص بالموضع الذي تسكنه الرهبان، فصار علمًا عليه، والله تعالى أعلم بالصواب. الباب الأول قال أبو عبد الله: من الدور التي حاولت استقصاءها: ١ الدارُ: معرفةً غير مضافة: محالٌ كثيرة، منا: محلةٌ كانت بين البصرة والبحرين. قال ابن درَيدٍ في الملاحين: الدار منزلٌ بين البصرة والأحساء.

1 / 1

٢ والدارُ اسمُ لمدينة رسول الله ﷺ وبذلك فسر قوله تعالى: (والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم) . ٣ ودارٌ: اسم محلةٍ ذكرت في شعر نهشل بن حري: ونحن منعنا الحيَّ أن يتقسموا ... بدارٍ، وقالوا: ما لِمن فرَّ مقعدُ ٤ ودارٌ: موضعٌ معروفٌ بالبحرين، إليه يُنسب الداري العطار، وقيل: إنه دارًا وأما دارٌ مضافة فكثير، وسنذكر ما استطعنا جمعه ومعرفته، وهي: ٥ دارُ الأرقم: بمكة، وهي منسوبة إلى الأرقم ابن أبي الأرقم. أورد الطبري في (نسبٍ الصحابة) عن عثمان بن الأرقم أنه قال: (كنتُ ابن سبعٍ في الإسلام. أسلم أبي سابع سبعة، وكانت داره على الصفا، وهي الدار التي كان رسول الله ﷺ يدعو فيها أول العهد بالإسلام. فأسلم في تلك الدار خلقٌ كثيرون، ودعا فيها النبي ﷺ. ليلة الاثنين، وقال: اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، عمر ابن الخطاب أو عمرو بن هشام، فجاء ابن الخطاب من الغد فأسلم في دار الأرقم، فخرج المسلمون منها وكبروا وطافوا بالبيت ظاهرين، وسميت بعد ذلك بدار الإسلام، وتصدق بها الأرقم على ولده وكتب بذلك: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما قضى به الأرقم في داره التي عند الصفا، إنها صدقةٌ بمكانها من الجرم، لا تباع ولا تورث، شهد بذلك هشام بن العاص ومولاه. قال: فلم تزل هذه الدار صدقةً، فيها ولده يسكنونها حتى زمن المنصور قال يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم: إني لأعلم اليوم الذي وقعت فيه الدار في نفس أبي جعفر، فقد رأيته يسعى بين الصفا والمروة في بعض حجاته، وكنا نحن على ظهر الدار، فكان يمر من تحتنا، وهو ينظر إلينا من حين يهبط بطن الوادي حتى تصعد إلى الصفا. فلما كان خروج محمد بن عبد الله بن الحسن عليه بالمدينة، كان عبد الله بن عثمان بن الأرقم. ممن بايعه، لكنه لم يخرج معه، فبعث المنصور بكتابٍ إلى عامله على المدينة ليحبس ابن الأرقم، ثم بعث برجلٍ كوفي يقال له شهابٌ، وكتب إلى عامل المدينة ليدخله عل ابن الأرقم وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، فوجده متضجرًا من سجنه فسأله: أتريد الخروج مما أنت فيه؟ قال: نعم. قال: تبيع دار الأرقم، فإن أمير المؤمنين يريدها لنفسه، قال: إنها صدقةٌ وحظي منها هبة لأمير المؤمنين، وإن معي شركاء، إخوةً وأبناء عمومة. قال: تخلَّ عن حظك منها تخرج مما أنت فيه، فوهبها له، وتتبع أقرباءه، وأغراهم فباعوه إياها فانتهت إلى المنصور، ومن بعده للمهدي ثم للخيزران أم موسى وهارون، ثم لجعفر بن موسى الهادي، ثم اشتراها غسان بن عبادة من أبناء جعفر بن موسى. ٦ دار الاستخراج: قيل: هي دار العذاب التي كان الحجاج يعذب عماله فيها إن بدر منهم تقصير، أو ما يوجب العقوبة. ٧ [دار البحر: وهي بالمنصورية، قال علي الإيادي يصفها ويمدح بانيها المعزَّ العبيدي: ولما استطالً العزُّ واستولت البُنى ... على النجمِ وامتدَّ الرواقُ المُزوَّقُ بنَى قبةٌ للمُلكِ في قلب جنةٍ ... لها منظرٌ يزهى به الطرفُ مونقٌ بمعشوقةِ الساحاتِ أما عراصُها ... فخضرٌ، وأما طيرُها فهي نطقُ تحفُّ بقصرٍ ذي قصورٍ كأنما ... ترى البحر في أرجائه وهو متأقُ إذا بثَّ فيها الليل أشخاصَ نجمهِ ... رأيتَ وجوهَ الزندِ بالنارِ تحرقُ] ٨ [دار بشر: قال ابن الفقيه: هي بلدة قديمة، في غوطة دمشق، تقع شرق باب جيرون بخمسة أميال. مرَّ بها عدي ابن زيدٍ موفدًا من كسرى إلى ملك الروم، فنزل بها، وقال يذكرها: ربَّ دارٍ بأسفلِ الجزعِ من دُو ... مة أشهى إليّ من جيرون وندامى لا يفرحون بما نا ... لوا، ولا يرهبون صرفَ المنونِ قد سُقيتُ الشمولَ في دار بشرٍ ... قهوةً مزَّةً بماءٍ سخينِ] ٩ دار ابن دعان: بمكة؛ وهي دار عبد الله بن عمرو بن كعبٍ بن سعد بن [تيمٍ] بن مرة. وهي الدار التي شهد فيها سيدنا رسول الله ﷺ حلفَ الفضول مع عمومته. ١٠ دار أبي سفيان: تنسب إلى أبي سفيان بن حربٍ وهي بمكة، ويقال لها: دارُ ريطة، وفي الحديث: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ) . ١١ [دار بجالة: وكانت سجنًا، وهي منسوبةٌ إلى بجالة ابن عبدة] .

1 / 2

١٢ دار البطيخ: وهي محلةٌ ببغداد، كانت لبيع الفاكهة قال الهيثم: كانت قبل أن تنقل إلى الكرخ، في درب يعرفُ بدربِ الأساكفة، وإلى جانبها دربٌ يعرفُ بدرب الخير، ثم نقلت من هذا المكان إلى موضعها بالكرخ أيام المهدي قال البصيري يذكرها: أنتَ ابنُ كلِّ البرايا، لكنِ اقتصروا ... على اسم حمزةَ وصفًا غير تشميخِ كدارٍ بطيخَ تحوي كل فاكهة ... وما اسمها الدهر إلا دارُ بطيخ ١٣ دار البقر: وهما قريتان بمصر، يقال للأولى: دار البقرِ القبلية، وللثانية، دار البقرِ البحرية] . ١٤ دار البنود: كانت دارًا للسلاح، بمصر، اتخذها علويو مصر سجنًا لمن يراد قتله، حبسَ فيها التهامي فقال يذكرها: طرقَتْ خيالًا بعدَ طولِ صدودها ... وفرتْ إليه السجنَ ليلةَ عيدها أنّى اهتدت؟ ولا التيهُ منشاها ولا ... سفحُ المقطمِ من مجرِّ برودها أسرتْ إليهمن وراء تهامةٍ ... وجفاهُ داني الدارِ، غيرُ بعيدها مستوطنًا دارَ البنود، وقلبُه ... للرعبِ يخفقُ مثلَ خفقِ بُنودها دارٌ تحطُّ بها المنون سنانُها ... فتروحُ والمهجاتُ جلُّ صيودِها ١٥ دار بني بياضة: من دور المدينة، ولها ذكرٌ عند أهل السير. ١٦ دار بني عبد مناف: كانت بمكة، قبالة المسجد الحرام، عند باب بني شيبة. ١٧ دار بني جحجبى: وهي من دور المدينة. ١٨ دار بني جحشٍ: من دور مكة بالردم. ١٩ [دار بني ساعدة: من دور المدينة، ذكرها أهل السير] . ٢٠ [دار بني سلمة: من دور المدينة أيضًا] . ٢١ [دار بني مالك: من دور المدينة أيضًا، وعندها بركت ناقة رسول الله ﷺ يوم دخوله المدينة مهاجرًا] . ٢٢ دار بني النضير: رأيتها في شعر عروة بن الورد ولا أعلم عنها شيئًا. قال: وأحدثُ معهدًا من أمٍّ وهبٍ ... معرّسنُا بدارِ بني نضير ٢٣ الدار البيضاء: كانت بأعلى مكة، وهي دار محمد بن يوسف الثقفي، بقرب بئر الطوي. ٢٤ [والدار البيضاء أيضًا بالبصرة: ابتناها عبيد الله بن زياد بن أبيه: واعتنى ببنائها وجملها بالتصاوير، فلما فرغ منها البناؤون، أمر رجاله ألا يمنعوا أحدًا من دخولها وأن يأتوه بمن تكلم بشيء عليها، فدخل إليها أعرابي بصحبة بصري، فلما شاهدا التصاوير، قال الأعرابي: لا ينتفع صاحب هذه الدار بها إلا قليلًا] . وقال البصري: بقاؤه فيها مستحيل، ولبثُهُ [بيننا] غير طويل. فجيء بهما إلى عبيد الله، وأخبر بأمرهما وما قالاه. فقال [للأعرابي]: لم قلت ما قلت؟ فقال: لأني رأيت فيها أسدًا كالحًا، وكلبًا نابحًا، وكبشًا ناطحًا. قال للبصري: وأنت، لم قلت ما قلت؟ فارتعد خوفًا وقال: لا أدري أيها الأمير، أهو مني للأعرابي احتذاء، أم أنه حمقٌ وبذاء. فأمر بإخراجهما [جرًا] على البطون، ولكن كان الأمر كما قالا، فلم يسكن هذه الدار إلا قليلًا، حتى أخرجه أهل البصرة، فانطلق إلى الشام ولم يعد بعد ذلك إليها. وفي خبرٍ ذكره الخالدي أن عبيد الله لما بنى الدار البيضاء، أمر رجاله أن يأتوه بمن يقول فيها شيئًا، فجاؤوه برجل قرأ قوله تعالى وهو ينظر إلى الدار: "أتبنون بكل ريعٍ آيةً تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" فسأله: ما الذي دعاك إلى ما قلت؟ فقال: آيةٌ عرضت لي، فقال: لأعملنَّ بالآية الثالثة ثم أمر أن يُبنى عليه ركنٌ من أركان الدار] .

1 / 3

٢٥ دار التاج: كانت جليلة القدر، مشهورة واسعة، وهي ببغداد، على الجانب الشقي من دجلة. وضعأساسها المعتضد، وسماها باسمها، ولم تتم في خلافته، فأتمها ابنه المكتفي. وكان أول ما وضع من البناء في الجانب الشرقي قصر جعفر البرمكي وكان معروفًا بالشرب والتهتك مما أهم أباه كثيرًا، فنهاه عما هو فيه، فلم يجد معه شيء، فطلب منه أن يتخذ لنفسه قصرًا نائيًا على الجانب الشرقي، ليكون مع ندمانه وقيانه بعيدًا عن العيون. فبنى جعفر لنفسه قصرًا عظيمًا هناك فلما قارب فراغه، سار إليه في أصحابه وفيهم مويس بن عمران فطاف به فاستحسنه، وسمع ما قاله أصحابهُ فيه من تقريظ، ومويسٌ لا يتكلم. فقال له: مابك؟ قال: حسبي الذي قالوه. فأدرك جعفر ما يريده مويسٌ، فقال له: أقسمتَ عليك لتقولن. فقال: إذا مررت بدارِ صاحب لك، ورأيتها خيرًا من دارك فما أنت صانعٌ؟ قال: حسبك يا مويس! فما الرأي إذًا. قال: اغدُ على أمير المؤمنين، فإنْ سألك عن سبب تأخيرك عنه، فقلْ: كنت في قصرٍ بنيته لمولاي المأمون فدخل جعفر على الرشيد فسأله: ما أخرك عنا؛؟ قال: كنت في الجانب الشرقي في قصرٍ بنيته لمولاي المأمون هناك. وله مكانةٌ عظيمةٌ عندي، فقد جعل في حجري قبل حجرك، واستخدمني أبي له، فرغبت في أن أتخذ هذا القصر له، في تلك الناحية، ليصحَّ مزاجه، ويصفو ذهنه، في موضع طاب هواؤه، وعذب ماؤه. فقال: والله لا سكنه أحدٌ سواك. فظلَّ جعفر يتردد إليه إلى أن أوقع الرشيد بآل برمك. وكان القصر يعرف إلى ذلك الوقت بقصر جعفر، ثم انتقل إليه المأمون، وأضاف إليه جملةً من البرية حوله وجعلها ميدانًا لركض الخيل واللعب بالصوالجة، ثم فتح له، بابًا شرقيًا، وأجرى فيه نهرًا ساقه من نهر المعلى وابتنى إلى جواره منازل لأصحابه، سميت من بعد بالمأمونية ثم أنزل في القصر الفضل والحسن ابني سهلٍ، ثم لما طلبه الحسن وهبه له، فعرف بالقصر الحسني مدة، ثم آل أمره إلى بوران بنت الحسن، بعد موت أبيها [استنزلها] المعتمد عنه وعوضها منه، فجددته وأحسنت فرشه، ثم أخبرت الخليفة باعتماد أمره، فأتاه فرح في نفسه، ونزل فيه بقية عمره. ثم آل أمره إلى المعتضد من بعده، فوسعه، وأدار سورًا من حوله، ثم ابتدئ ببناء التاج، فجمع الرجال ليحفر الأساسات، ثم اتفق خروجه إلى آمد، فلما آب رأى الدخان منه [وابتنى] تحت القصر آزاجًا من القصر إلى الثريا تمشي فيها الحُرم والجواري والسراري. وما زال باقيًا إلى الغرق الأول الذي حدث ببغداد، فغفا أثره. ومات المعتضد بالله في سنة تسع وثمانين ومائتين، وتولى بعده ابنه المكتفي بالله، فأتمَّ عمارة التاج. أما صفة التاج، فكان وجهه [مبنيًا] على خمسة عقود، كل عقد على عشرة أساطين. وفي أيام المقتفي وقعت صاعقةٌ سنة تسع وأربعين وخمسمائة، فتأججت النار فيه وفي القبة والدار التي كانت القبة أحد مرافقها، وبقيت النار تسعة أيام ثم أطفئت، ثم جدد المقتفي بناءه، ثم [تركه فأتمه] من بعده المستضيء، وهو يعرف إلى اليوم بدار التاج. ٢٦ دار ثمود: بالحجر وكانت محلة لقوم صالح. وفي الحديث: (لما مرَّ بالحجر، دار ثمود، قال لأصحابه: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين) . ٢٧ دار جين: اسم موضع. ذكره العمراني. وفيه نظر. ٢٨ دار الحكيم: وهي محلةٌ مشهورةٌ من محال الكوفة، تنسب إلى الحكيم بن سعد بن ثورٍ البكائي، من بني البكاء بن عامر بن صعصعة. ٢٩ دار الحمام: بمكة، على يسار المصعد من المسجد إلى ردم عمر. بناها معاوية بن أبي سفيان. ٣٠ دار خالصة: بمكة، وهي من دورها القديمة، تنسب إلى خالصة مولاة الخيزران. ٣١ دار الخيزران: بمكة. بنتها الخيزران، جارية المهدي وزوجه. ٣٢ دار الحيل: وهي من دور الخلافة العظيمة ببغداد. كانت عظيمة الأرجاء، عالية البناء، فيها صحن عظيمٌ، ذرعه أكثر من ألف ذراع في أكثر من ألف ذراعٍ. وكان يوقف فيها في الأعياد، وعند ورود الرسل من كل أنحاء البلاد. وفي كل جانب منها خمسمائة فرسٍ بمراكب الذهب والفضة كل فرس منها على يد شاكري. ٣٣ دار دينار: وهما محلتان من محالٌ بغداد، يقال [لإحداهما] دار دينارٍ الكبرى. ٣٤ وللأخرى دار دينار الصغرى.

1 / 4

وكانتا في الجانب الشرقي قرب سوق الثلاثاء، [وهما منسوبتان] إلى دينار بن عبد الله أحد موالي الرشيد، وهو الذي عاضد الحسن بن سهل في حروب فتنة إبراهيم بن المهدي قال الألوسي يذكر دار دينارٍ: نهرُ المُعلّى لشاطي دارِ دينارِ ... مجامعُ العيس أوطاني وأوطاري حيثُ الصبا ناعمٌ، والدار دانيةٌ ... والدهرُ يأتي على وقفي وإيثاري والليل بين الدمى والغيد محتضرٌ ... قصيرُ ما بينَ روحاتي وإبكاري وقد تطاول حتى ما تخيلَ لي ... أنَّ الزمانَ لياليه بأسحاري وكان دينار المولى أجل قائد في أيام المأمون، ثم سخط عليه، وله أخٌ يسمى يحيى بن عبد الله قال دعبل يهموهما: مازال عصياننا لله يرذلُنا ... حتى دفعنا إلى يحيى بن دينارٍ إلى عليجين لم تقطع ثمارهما ... قد طالَ ما سجدا للشمس والنارِ وقال يهجوهما، ويهجو الحسنَ بن رجاءٍ، وابني هشامٍ، أحمد وعليا، وكانوا ينزلون المحرم ببغداد: ألا فاشتروا مني ملوكَ المخرَّمِ ... أبيعْ حسنًا وابني [رجاءٍ] بدرهم وأعطِ [رجاءً] فوق ذاك زيادة ... واسمح بدينارٍ بغير تندمٍ فإن ردَّ من عيبٍ عليَّ جميعهم ... فليس يرد العيب يحيى بن أكثم ٣٥ [دار الرزبن: من نواحي سجستان، وقيل: من نواحي كرمان. والله أعلم بالصواب] . ٣٦ [الدار الرقطاء: بمكة، كانت مسكنًا لسيدنا محمد ﷺ. وتُعرف بدار خديجة أيضًا، لأنه ابتنى بها في تلك الدار ولم يزل يسكنها إلى يوم هجرته ﷺ، فأخذها عقيل ابن أبي طالب، ثم اشتراها معاوية في خلافته لتكون مسجدًا له] . ٣٧ دار الرقيق: وهي محلةٌ كانت ببغداد، متصلة بالحريم [الطاهري] من الجانب الغربي، ويقال لها شارع دار الرقيق أيضًا. قال: بعضهم من أبيات كتبها على حصن أبي جعفر المنصور: إني بليتُ بظبيٍ ... من الظباء رشيقِ رأيته يتسنى ... بقرب دار الرقيق فقال لي: مولاي زُرني ... فقد شرقت بريقي فقال لي رمت أمرًا ... أعلى من العيوق ودار الرقيق ما تزال باقية إلى الآن، وفيها يقول التميمي: شارع دار الرقيق أرَّقني ... فليت دار الرقيق لم تكن به فتاةٌ للقلب فاتنةٌ ... أنا فداءٌ لوجهها الحسنِ ٣٨ [دار الروم: محلةٌ من محال بغداد، بجانبها الشرقي يقطنها جماعةٌ من الروم أنزلوا بها، ولهم فيها بيعتان] . ٣٩ دار [الريحانيين]: من دور الخلافة ببغداد. بعد نقضه تشرف على سوق الرياحين. أستجدها المستظهر بالله بعد نقضه لدار خاتون التي بباب الغربة، ودار السيدة بنت المقتدي وكان بالريحانيين سوق للسفطيين، فأخربها، وأضافها إلى الدار، وفيها اثنان وعشرون دكانًا. وهناك خان معروف بخان العاصم، ومن ورائه ثلاثة وعشرون دكانًا، وسوقٌ للعطارين فيها خمسة وأربعون دكانًا، وستة عشر، دكانًا فيها مداد الذهب، وعدة آدُر من دار الحرم، وقد عمل الجميع دارًا ذات أربعة وجوه، بعضها يقابل بعضًا. أما سعة صحنها فستمائة ذراعٍ، وكان في وسطها بستانٌ، وفيها أكثر من ستين حجرة، تنتهي إلى الباب المعروف بدرْكاه خاتون، من باب الحُرمِ، قرب باب النوبي. وكان البدء بعملها في سنة ثلاث وخمسمائة، وفرغ منها بعد أربع سنين وفيها يقول سبطً: تهنَّ بها أشرفَ الأرض دارًا ... جمعتَ العلاء بها والفخارا تتيسه على البدر، بدر السماء ... بساكنيها شرفًا وافتخارا وأضحت حمى ملك لا يجار ... عليه، وبحر ندى لا يُجارى ٤٠ دار رائعة: بالعين مهملة، محلةٌ بمكة، فيها مدفن آمنة بنت وهب، أم سيدنا رسول الله ﷺ. وقيل: مدفنها بالأبواء بين مكة والمدينة، وقيل: بمكة، في شعب أبي دب. والله تعالى أعلم بالصواب. ٤١ دار رائغة: بالغين معجمةً، محلةٌ من محال مكة، تنسب إلى امرأةٍ من أهلها، يقال لها رائغةٌ ذكرها أبو نصرٍ الساجي. ٤٢ [دار زنْج: محلة في بعض قرى الصغانيان، ينسب إليها أبو شعيب صالح بن منصور الجراح الدار زنجي الصغاني مات سنة ثلاثمائة، روى عن قتيبة بن سعيد، وروى عنه عبيد الله بن محمد بن يعقوب البخاري] .

1 / 5