خواطر الخيال وإملاء الوجدان
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
ژانرها
أضحكت الكاتبة علينا سامعيها بنكاتها السمجة التي لفقتها، ولكني سأضحك القراء بحادثة حقيقية حصلت بباريس تدلنا على ما بها من الآلاف المؤلفة من السخفاء والأغبياء، وذلك بين طبقات الفنيين أنفسهم، وهي من الحوادث التي سجلت عليهم العار والخزي.
نشرت مجلة «الألوستراسيون» الفرنسية في سنة 1910 مقالة ضافية بقلم الكاتب الكبير «هنري لافدان» أحد أعضاء المجمع العلمي، وصف فيها معرض الصور الذي أقامه المصورون «الأحرار» فقال:
شاهدت فيه ثمانين ألف قيأة لا صورة، وحاولت أن أفهم منها شيئا فما استطعت، شاهدتها من الجهة اليمنى واليسرى فلم أفقه لها معنى، فسولت لي نفسي أن أشاهدها من بين ساقي لأرى الصور معكوسة، وبهذه الطريقة فهمت بعضا من معانيها التافهة.
حرض هذا القول بعضا من محرري مجلة «فانتازيو» الباريسية فتفننوا في إلقاء درس زاجر فاضح لهؤلاء المغرورين.
رأى أحد هؤلاء المحررين جحشا لصاحب فندق حقير يحب السكر، فاذا أكله حرك ذيله طربا وفرحا، فاستصحب هو ورفاقه محضرا من محكمة «السين» وذهبوا إلى الفندق ومعهم لوحة من نسيج التصوير وأصباغ وريشة كبيرة وطلبوا من المحضر أن يدون بمحضره ما سيعاينه، ثم علقوا اللوحة البيضاء في الحائط على ارتفاع يماثل قامة جحشنا، وربطوا الريشة بذيله وكلفوا أحدهم بغمسها في الأصباغ كلما جفت، ثم أنشأ الآخر يلقم الجحش قطع السكر، وطفق ذلك المصور الماهر ينقش صورته بذيله، وكلما أتم قطعة من اللوحة حركوها فصور بحرا خضما تغرب فيه الشمس، وكتبوا عنوان الصورة «اضطجعت الشمس على الأدرياتيك» وبقيت إمضاء المصور فاختاروا لها مرادفها الأدبي «اليبورون» فقسموه شطرين، وقدموا الشطر الأخير فصار «بورونالي» ثم أرسلوا الصورة إلى المعرض، وقالوا للقائمين بأمره: إنها لأحد الأحرار، فأعجبوا بها أيما إعجاب، ووضعوها في أرفع مكان بصدر المعرض.
وبعد يومين من عرض الصورة فاجأتهم مجلة «الألوستراسيون» بمقالة شرحت فيها كيفية تصوير هذه الصورة، وشفعتها بصورتين فوتوغرافيتين؛ إحداهما لمصورنا الفني حينما كان مشتغلا بتصويرها، وأخرى لمحضر المعاينة الرسمي حتى لا يخالج القارئ شك في حقيقتها؛ فكان هذا الدرس داعية لإقفال معرضهم وهربهم من الخزي والعار. (4) رقص الأموات
عنوان لكتاب ظهر حديثا في عالم الأدب نمقته باللغة الفرنسية يراعة الكاتبة الفاضلة إنشراح هانم شوقي، ولقد ابتهجت أفئدتنا أن رأينا كاتبة ثالثة تحسن الإنشاء الفرنسي، فأصبحت تفتخر بها البلاد هي والسيدتان حرم محمد عارف باشا وأحمد خلوصي بك.
وقبل أن نخوض في تحليل هذا الكتاب يحسن بنا أن نسرد كلمة عن منشأ رقص الأموات.
ابتدأت الفكرة الخرافية لرقص الأموات في القرن الرابع عشر، وانتشرت في جميع بلاد أوروبا تقريبا، إذ يعتقدون أن جميع الأموات ملك وصعلوك وشيخ وطفل وكاعب وحيزبون يشتركون في رقص يرأسه الموت وبيده كنارة «كمنجة» من هيكل عظمي وقوسها قطعة من العظام، ومغزاه أن القضاء يحتم الفناء على جميع الأحياء.
وتوجد أعظم الصور التي تمثل رقص الأموات بمدينة «بال» وهي من رسم «هولبن»، ومن الصور المشهورة أيضا صورة «سان ماكلو».
صفحه نامشخص