خواطر الخيال وإملاء الوجدان
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
ژانرها
وفي سنة 1919 ذهب الأستاذ إلى باريس ليبحث مع مدير مصنع «بلييل» في مسألة تركيب السلم الموسيقي وإنشاء آلة للأصوات الشرقية، وكان من رأي المسيو جوستاف لييون مدير المصنع أن تربط ثلاثة بيانات بمعزف (توش) واحد بواسطة الأسلاك الكهربائية لدرس الأصوات الزائدة.
وفي عام 1920 رجع إلى سوريا وطفق يفكر في اختراع آلة تعطي الأصوات الشرقية حتى أوجدها، وجعل يدخل فيها من التحسينات كل ما يخطر بباله.
وفي سنة 1922 ذهب إلى باريس وأخذ معه هذه الآلة، فعمل مثلها آلة أخرى تدار بالكهرباء بواسطة أنابيب هوائية ومنافيخ من الكاوتشوك، ولكن أصواتها لم تحرز من النقاء والضبط ما أحرزته الآلة التي صنعها في سوريا.
ثم أنشأ يفكر في صنع بيانو مناسب للأصوات الشرقية يشمل المقامات الكاملة والأنصاف والأرباع، فتوصل باجتهاده إلى تنفيذ فكرته بشكل أفضل من الأنواع التي ظهرت أخيرا بمصر؛ إذ جعل فوق التوش السوداء توشا جوزي اللون بارزا قليلا عن الأسود للأرباع مطارقها الوترية موضوعة في صف واحد فوق المطارق المعتادة بمسافة، ولكن ظهرت عقبة صغيرة وهي ضبط الأصوات، وستذلل قريبا؛ لأن العمال الإفرنج لم تتعود آذانهم بعد على الأصوات الشرقية وأرباعها.
في نفس هذا العام أرسل له الجنرال جورو خطاب تهنئة لإيجاد البيانو الشرقي، وبعث إليه المجلس النيابي خطابا مماثلا.
طرق نابغتنا عدة أنواع من التآليف الموسيقية ونجح فيها وبهر، وأهم مؤلفاته الآتية: النشيد الوطني العثماني، 30 لحنا وتنويعا شرقيا، 12 ترتيلا دينيا من الصولو طبعت بباريس، نشيد موسى، ترتيل، فالزللكونسير، جافوت من مقام الري مينور، رعاة كنعان أوبيرا تركية ذات ثلاثة فصول كتبت موضوعها الكاتبة التركية الكبيرة خالدة أديب هانم.
لنعد إلى وصف الآلة التي اخترعها أستاذنا، وهي عبارة عن صندوق بشكل المكتب الأمريكاني بجانبها الأيمن محرك يدار بالرجل فيدير عجلة بها سير يدير ترسا صغيرا من الخشب له مضارب متحركة بشكل أبي رياح، وهذه المضارب مغطاة باللبد، وعلى سطح الآلة وتر من السلك واحد، وبجانبي الوتر أكتافان من التوش مثل البيانو، وحينما يوقع عليها تعفق الوتر بمقصات من الحديد وتخرج أصواتا نقية مضبوطة، والأرباع لها توش ثالث فوق السود وناتئة عنها، ولقد أنفق الأستاذ أكثر من خمسة آلاف من الجنيهات على هذه الآلة وأختها والأخرى التي تدور بالكهرباء.
ليس نابغتنا من الأغنياء، ولكن شغفه بالفن وتفانيه في خدمة الموسيقى الشرقية جعلاه يضحي كل ما أوتي من مال ونشب دون تردد.
ولا شك في أن القارئ فرغ منه الصبر وزاد به الشوق لمعرفة اسم هذا النابغة، ولكني أردت أن أستدرج بعض القراء الذين لا يقرءون إلا العناوين أو بضعة سطور من رأس الموضوع، ولا يقدرون الأبحاث قدرها، فليفخر الشرق بنابغته الأستاذ وديع صبرا، وليوله الزعامة من النهوض بموسيقاه، ولتطأطأ له الرءوس إجلالا، وليقل القراء معي للمتشدقين والجامدين المحافظين على القديم: أطرق كرى إن النعامة في القرى.
الروايات التمثيلية
صفحه نامشخص