أمر السيد محافظ القاهرة ألا تسير لحوم الذبائح مكشوفة في الشوارع، وهو أمر جدير بأن يهنأ عليه السيد المحافظ، والحديث عن بشاعة هذا المنظر ومجافاته للذوق يجعل الموضوع وكأنه يحتاج إلى نقاش، أو كأنما يختلف فيه رأي ورأي.
والقائمون بالعمل التنفيذي بشر يضيقون بالهجوم ويسعدون بالمديح، وكان من الطبيعي أن تؤيد الصحافة هذا العمل من السيد المحافظ، ومن لا يريد أن يؤيد فلا جناح عليه إذا هو صمت، أما أن يتخذه بعض رسامي الكاريكاتير مادة للسخرية فهو أمر يدعو إلى الدهشة والألم في نفس الوقت.
لماذا تستوي الحسنات والسيئات، وكيف يقبل هؤلاء البشر من القائمين على السلطة التنفيذية على أعمالهم إذا هم وجدوا أعمالهم جميعا - الطيب منها وغير الطيب - محل نقد وسخرية؟
إني أهنئ السيد المحافظ على هذا الأمر الذي أصدره، وأتمنى لو زاد وأمر أن تغطى عربات القمامة التي نفتح عليها عيوننا في الصباح فتذكرنا بتأخرنا وتقدم العالم.
إن كان لا بد أن تكون القمامة في عربة صدئة يجرها حمار أكثر صدأ، فلا أقل من غطاء يذود عن العين والنفس والمشاعر ما تكره.
وبالمناسبة فهمت أنه لا سبيل إلى إلغاء عربات الكارو فجأة دون تمهيد، لأن التموين يعتمد عليها، وفهمت أنه لا بد من عام أو عامين حتى يمكن إلغاؤها.
ولكن أليس من المستطاع أن تحدد لها مواعيد سير أو مواعيد عدم سير، وهذه الدراجات غير البخارية التي تحمل فوقها سيارات نقل والتي تتسبب هي وأخواتها من عربات الكارو في اختناق المرور والناس جميعا.
ويكفي أن أقول إنني أقطع الطريق من بيتنا إلى الأهرام في عشر دقائق ماشيا وأقطعه في خمس وأربعين دقيقة بالسيارة، حتى نعرف فضل العربات الكارو وما يسمونها بالتريسكلات على أعصابنا، ولا حاجة بنا أن نقول أوقاتنا، فقد أصبح هذا الوقت سيفا يقطعنا دائما ولا نملك أن نقطعه.
ثروت أباظة
مقهى في عرض البحر الأبيض المتوسط
صفحه نامشخص