فالارتماء على أدبهم وطريقة تفكيرهم الأدبية، والحرص الشديد على تقليد أسلوبهم دون الانتماء إلى تراثنا يجعلنا أشبه بالقرود في نظرهم وفي نظر قرائنا على السواء.
وإني لأعجب من الأدباء الشبان حين أسمعهم يقرءون قصصهم في الإذاعة أو في الندوات العامة، فأجدهم لا يكادون يقيمون كلمة عربية صحيحة، وقد اتخذ أغلبهم أسلوب الجمل القصيرة البرقية في قصصهم، فأعفى نفسه من التركيب العربي للجملة، وهو مع ذلك عاجز عن نطق جملته الأعجمية.
وإني لأحس في كثير مما أقرأ من الأدب الحديث أن الأديب من هؤلاء يريد أن يقول شيئا ولكن الكلمة لا تكاد تسعفه، ويوشك لولا الخجل أن يقولها في لغة أجنبية، بل إن بعضهم لا يخجل ويفعلها.
وأنا أعرف أن المدارس المصرية لم تعد تهتم باللغة العربية الاهتمام اللائق باللغة التي نعيش بها، ولكن الأديب الذي يريد أن يصبح أديبا لا يجوز له أن يعتذر بذلك، فإن عليه أن يعلم نفسه اللغة التي يريد أن يصبح أديبا من أدبائها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالدراسة العميقة للتراث العربي من شعر ونثر، ثم عودا إلى العنوان؛ إن الكرام بحفظ العهد تمتحن!
ثروت أباظة
نحن أقوى من الحياة
الأهرام - العدد 32653
5 مايو 1976
ليس في مصر من لا يعلم أن هناك أزمة جارفة تحيط بنا، سواء كان ذلك متمثلا في عدم توازن دخل الفرد مع متطلبات الحياة، أو كان ذلك في الخدمات العامة، ومن المضحك المبكي أن تقدم الجرائد كل يوم دليلا على ذلك، كأن الأمر ما زال يحتاج إلى دليل، ومثل ذلك يقبل إذا كان المسئولون لا يعرفون ذلك ويحتاجون إلى من ينبههم إليه، ولكن الشواهد جميعها تدل على أن المسئولين أكثر علما منا نحن أفراد الشعب بهذا الانهيار الذي نعانيه، ولذلك كان صديقي محقا حين سألني: اكتبوا لنا ماذا علينا نحن أفراد الشعب أن نعمل، ولا عليكم من الماضي فقد عرفنا ما كان فيه، ولا عليكم أيضا من هذه المتاعب اليومية التي نعانيها في الرزق أو في الخدمات العامة، فكل فرد منا أدرى بأزمته من الآخرين، إنما وظيفتكم الآن أن ترشدوا الناس كيف يواجهون حياتهم اليومية تلك.
هو محق في هذا الطلب؛ لأن الناس تعودوا أن يطلبوا النصح ليسخروا من الناصح، أو ليعملوا عكس نصيحته.
صفحه نامشخص