خاتمة مستدرك الوسائل تأليف المحدث الجليل الميرزا الشيخ حسين النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320 ه الجزء الأول تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث PageV0MP001
BM النوري، حسين بن محمد تقي، 1254 - 1320 ه.
136 خاتمة مستدرك الوسائل / تأليف الميرزا الشيخ حسين النوري 504 و 4 ح / الطبرسي، تحقيق مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث. - قم:
9 ن / مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث، 1415 ه.
1415 ه ج. نموذج المصادر بالهامش.
1. أحاديث الشيعة - القرن الثاني عشر. 2. الحديث - علم الرجال.
أ. مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث - المحقق. ب.
العنوان. ج. العنوان: مستدرك الوسائل.
ردمك (شابك) 1 - 84 - 5503 - 964 احتمالا 9 اجزاء . VOLS 9 / 1 - 84 - 5503 - ISBN 964 ردمك) شابك X - 85 - 5503 - 964 / ج 1 1. VOL / X - 85 5503 - ISBN 964 الكتاب: خاتمة مستدرك الوسائل / ج 1 المؤلف: المحدث النوري تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (عليهم اللام) لإحياء التراث - قم الطبعة: الأولى رجب 1415 ه الفلم والألواح الحساسة (الزنك): نور - قم المطبعة: ستاره - قم الكمية: 3000 نسخة السعر: 2400 ريال ساعدت وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي على طبعه PageV0MP002
بسم الله الرحمن الرحيم PageV0MP003
جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث قم - دورشهر (خيابان شهيد فاطمي) كوچه 9 - پلاك 5 ص. ب. 996 / 37185 - هاتف 4 - 730001 PageV0MP004
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى أهل بيته المطهرين، وصحبه الأوفياء المخلصين، والرحمة على أرواح علمائنا الأبرار الذين نشروا علوم آل محمد عليهم السلام الذين من تمسك بحبلهم اهتدى، وتمسك بالعروة الوثقى، وبلغ السعادة القصوى، ونال الدرجات العلى، ومن تخلف عنهم هوى وغوى.
وبعد:
عمد الأوائل من رجال الشيعة الإمامية إلى جمع كل ما روي من حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وحديث أهل البيت عليهم السلام ابتداء من صدر الاسلام وحتى أواسط القرن الثالث الهجري، ولم تثن طلائعهم أزمة منع التدوين المعروفة التي عاشها الحديث الشريف عند غيرهم قرنا من الزمان، ولم توقف همتهم تلك العواصف الكثيفة التي حاولت بمكرها ودهائها أن تحجب نور الشمس عن العالمين (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) بل ازداد إيمانا بأن الحظر المفروض على التدوين سيلبس هذا الدين لباسا لا يمت بصلة إلى الاسلام -، وربما يطمس معالمه PageV0MP005
بمرور الأيام فيضيع الحق أو يخفى ويلتبس على كثير من العامة، كما حصل.
ونتيجة لهذا الادراك تجمع لديهم - في أقل من ثلاثة قرون - ما يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب حفظت بأسمائها وأسماء مؤلفيها. وقد اشتهرت من بينها مجموعة من الكتب عرفت باسم (الأصول الأربعمائة " وهي أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف من أصحاب الإمامين الباقر محمد بن علي (ت / 114 ه) والصادق جعفر بن محمد (ت / 148 ه) عليهما السلام، ومن أصحاب سائر الأئمة عليهم السلام على رأي البعض.
وقد تميزت هذه الأصول الأربعمائة عن سائر مؤلفات الشيعة في القرون الثلاثة الأولى من عمر الاسلام بمميزات كثيرة لعل من أهمها حصول الاجماع على اعتبارها حاكية لكلام المعصوم، ما اشتمل على نص كلامه عليه السلام سماعا بلا واسطة في النقل والتدوين.
ولما كانت مؤلفات الشيعة ليست كلها بمثابة الأصول الأربعمائة في قوة الحجية، لهذا قام اللاحقون من أقطاب علماء الشيعة - بعد انتهاء ذلك العصر الزاهر بحياة الأئمة عليهم السلام - بإعمال دورهم في التسابق إلى دراسة هذا التراث الضخم والنظر فيه وتدقيقه وتحقيقه بحسب ما لديهم من القرائن الكثيرة، فاجتهدوا في الوصول إلى الحق ما استطاعوا إليه سبيلا، وكان فيهم من هو في مرتبة عالية من مراتب النظر والتحقيق، وعلى درجة راقية من التعمق والتدقيق.
وقد كان لعملهم هذا أثره الملموس، إذ تركوا لغيرهم كتبا كثيرة، مادتها: الأصول الأربعمائة، وغيرها من الكتب الأخرى التي بلغت من الاعتبار عند هؤلاء الاعلام درجة من الوثوق بها ما يوجب الركون إليها واعتمادها. PageV0MP006
وقد اتصفت كتب المرحلة اللاحقة بجودة التصنيف وتوزيع المطالب الحديثية على أبوابها الفقهية، ومن أشهرها كتب المحمدين الثلاثة - قدس سرهم الشريف -: وهي:
1 - الكافي: لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي، المعروف بثقة الاسلام (ت / - 329 ه).
2 - كتاب من لا يحضره الفقيه: لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المشتهر بالصدوق (ت / 380 ه).
3 - تهذيب الأحكام: لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المشتهر بشيخ الطائفة (ت / 460 ه).
4 - الاستبصار: لشيخ الطائفة أيضا.
وتمييزا لهذه الكتب عن غيرها أطلق عليها اسم (الأصول الأربعة) باعتبار أنها أضبط وأجمع كتب الحديث الشريف، وامتازت عن غيرها باحتوائها الشامل على أحاديث الأحكام الشرعية الفرعية، وإن كان الكافي منها مشتملا على كثير من أحاديث الأصول والمواعظ، وكتاب من لا يحضره الفقيه منها يحتوي على مجموعة من المواعظ، مع ما لمؤلفيها من مقام عال، ومنزلة رفيعة، وشأن جليل، حيث انتهى كل منهم إلى رئاسة محدثي المذهب الامامي في عصره، وهذا ما يسر لكتبهم هذه أن تحتل موقع الصدارة بين كتب الحديث الأخرى التي قد لا تقل عنها اعتبارا بالإضافة إلى وثاقة مؤلفيها وشهرتهم أيضا.
وهكذا بقيت كتب هذه المرحلة وعلى رأسها الكتب الأربعة مدار الدرس لقرون متعاقبة، فكانت - ولا تزال - معول الفقهاء ومرجع العلماء، حتى دفعت الهمة إلى جمع شتات الاخبار المتفرقة في الكتب المعروفة الانتساب إلى أهلها، المعتبرة في مادتها، وضمها إلى ما في هذه الكتب PageV0MP007
الأربعة ونظائرها، وجعل الكل في كتاب واحد، سهل الطريقة، حسن التبويب، جيد الترتيب، ليلبي حاجة الفقيه من حيث الاستدلال بالحديث على مسائل الفقه كافة لون الرجوع إلى عشرات بل مئات الكتب الأخرى للغرض المذكور نفسه.
وممن يسر الله تعالى - وله الحمد - لهذه المهمة الشاقة المضنية - التي لا يقتصر أمرها على الجمع والتدوين، وإنما على التدقيق والتحقيق - رجل عالم مشهور، وفقيه متضلع، ومحدث ثقة أمين، اجتمعت في شخصه خصال الورع، والزهد، والتقوى، والعبادة، مع نفاذ البصيرة، وصفاء السريرة، والولاء التام لآل خير الأنام عليهم الصلاة والسلام ذلك هو العبقري الشيخ الحر العاملي (ت / 1104 ه) - قدس سره الشريف -.
أدرك الشيخ الحر - رضي الله تعالى عنه - أهمية هذا العمل الجبار وقيمته العلمية، فاسترخص لأجله ما يقرب من عشرين عاما من عمره الشريف، جمع خلالها الكثير من كتب الحديث عند الشيعة التي كانت تدور عليها رحى الاستدلال والاستنباط، فجمعها ضمن منهج سليم، استعرض خطواته في مقدمة كتابه الذي أعده لهذه الغاية، ذلك الكتاب هو (تفصيل وسائل الشيعة) الذي تشرفت مؤسستنا بإعادة تحقيقه وطبعه وفق أحدث الأساليب العلمية، فظهر بحلته الجديدة في ثلاثين مجلدا.
وما ان أتم الشيخ الحر كتابه هذا حتى تلقفته الحواضر العلمية الشيعية في كل مكان، ورزق فضيلة الشهرة بين الفقهاء والعلماء، وطلبة العلوم الشرعية، إذ يسر لهم الوقوف على خمسة وثلاثين ألفا وثمانمائة وثمانية وستين حديثا، فلا غرو إذا أن يكون (وسائل الشيعة) جامعا مأمونا للكتب الحديثية الكثيرة، التي طالما استنزفت من جهود رواد الحركة الفقهية الشئ الكثير، وأن يكون من أكثر كتب الحديث فائدة عند الشيعة الإمامية. PageV0MP008
ولا يخفى أن (وسائل الشيعة) وإن كان فريدا في بابه، إلا أن مصنفه - قدس سره - لم. يسجل كل ما وصل إلى عصره من حديث العترة الطاهرة عليهم السلام بل ترك الكثير من الأحاديث لأسباب سيأتي بيانها عند الحديث عن الفائدة الأولى من فوائد هذه الخاتمة.
ومن هنا برزت الحاجة من جديد إلى كتاب آخر يكمل الشوط الذي انتهى إليه صاحب (الوسائل) فيلم شتات الاخبار الأخرى، ويجمع الأحاديث التي لم يسجلها الشيخ الحر - قدس سره الشريف - ويجعلها دررا منسقة، طالما اشتاق العلماء أن يروها مجتمعة.
وقد قيض الله نعالى لهذا العمل الضخم رجلا عبقري التتبع، بصيرا، ناقدا، واسع المعرفة، مفرط النباهة، حاد الذكاء، هو فارس ميدان الحديث في عصره حيث انتهت إليه رئاسة الحديث وأهله، لا عن تقليد وانكار للجديد، وإنما من نظر وجد، فأحيا من خلال ما شيده من معارف رسوما وأطلالا أوشكت الأيام أن تجعلها ركاما مسلوب الجمال ألا وهو:
خاتمة المحدثين الشيخ ميرزا حسين النوري النجفي، المتوفى بها.
سنة 1320 ه.
لقد وقف المحدث النوري على جملة وافرة من الاخبار التي لم يحوها كتاب الوسائل، وذلك في بضع سنين من التصفح الطويل في كتب الشيعة الإمامية ، والتتبع الفريد لكل ما لم يورده الشيخ الحر، ومن هنا كانت انطلاقة (مستدرك الوسائل) إكمالا لما استهدفه الأصل نفسه، وجمعا لكل ما ربما يستفاد منه في باب الأحكام الشرعية، ولو بوجه، أو في نظر بعض.
قال الشيخ البحاثة الامام آقا بزرك الطهراني (ت / 1389 ه) وهو يصف عمل أستاذه النوري في مكتبته العظيمة المشتملة على ألوف من الكتب والآثار النادرة العزيزة الوجود، أو الفريدة، ما نصه: PageV0MP009
(فلا يخرج منها إلا للضرورة وفي الصباح يأتيه من كان يعينه على مقابلة ما يحتاج إلى تصحيحه ومقابلته مما صنفه أو استنسخه من كتب الحديث وغيرها.. وكان إذا دخل عليه أحد في حال المقابلة اعتذر منه، أو قضى حاجته باستعجال، لئلا يزاحم وروده أشغاله العلمية ومقابلته.
أما في الأيام الأخيرة وحينما كان مشغولا بتكميل (المستدرك) فقد قاطع الناس على الاطلاق، حتى أنه لو سئل عن شرح حديث، أو ذكر خبر، أو تفصيل قضية، أو تاريخ شئ، أو حال راو، أو غير ذلك من مسائل الفقه والأصول. لم يجب بالتفصيل بل يذكر للسائل مواضع الجواب ومصادره فيما إذا كان في الخارج، وأما إذا كان في مكتبته فيخرج الموضوع من أحد الكتب ويعطيه للسائل ليتأمله، كل ذلك خوف مزاحمة الإجابة الشغل الأهم من القراءة والكتابة).
وقد شهد بمكانة المستدرك وأهميته فحول العلماء، وأقطاب الفقهاء، وكبار المحققين، وأعاظم المجتهدين في عصره كالشيخ الأعظم الميرزا محمد تقي الشيرازي (ت / 1338 ه).
وشيخ الشريعة الأصفهاني (ت / 1339 ه).
والشيخ المحقق محمد كاظم الخراساني (ت / 1329 ه).
- صاحب الكفاية - الذي نقل عنه أنه كان يقول. ان الحجة للمجتهد في عصرنا هذا لا تتم قبل الرجوع إلى المستدرك.
وهذه شهادة تكشف عن أهمية المستدرك في نظر الفقهاء، وتجعله كتابا متحدا مع الوسائل في أهدافه وغاياته، أو كما يقول النوري، قدس سره -: صار الوسائل ومستدركه كتابين كأنهما نجمان مقترنان يهتدى بهما على مرور الدهور والأزمان، أو بحران ملتقيان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان. PageV0MP010
خاتمة المستدرك إذا كانت أحاديث المستدرك تعرب عن سعة اطلاع الشيخ النوري - قدس سره - في عالم الرواية، وتكشف عن تتبعه النادر لكل شاردة وواردة من روايات أهل البيت عليهم السلام فان خاتمة المستدرك هي المرآة العاكسة لنبوغه في علوم الحديث الشريف، ولوحة فنية معبرة بصدق عن شخصيته العلمية بكل أبعادها.
إذ نجد في فوائد هذه الخاتمة الاثنتي عشرة، تعرضه إلى الكثير من المطالب الرجالية العالية، والمباحث العويصة المرتبطة بعلم الحديث، مع العناية الفائقة في دراسة التوثيقات الرجالية العامة، واختلاف المشارب والمسارب فيها، وكشف النقاب عن اختلاف المباني العلمية في هذا الاتجاه، ومن ثم مناقشتها نقاشا طويلا هادئا متزنا، بيد أنه قد يثور قلمه أحيانا، ويغضب في مناقشة ما يراه تهافتا، وعندها يترك العنان ليراعه ليدبج ملحمة من الأدلة - إن صح التعبير - على إبطال رأي من الآراء.
لقد ركز المصنف في فوائد هذه الخاتمة على مناقشة المباني العلمية في التوثيقات الرجالية العامة، خصوصا تلك التي تخالف مبناه، ولا تتفق مع وجهة نظره بوجه من الوجوه.
ولقد كان حريصا على نتبع الأقوال في كل مسألة يريد بحثها في هذا المضمار، ومن ثم استعراض مهارة في الدفاع عن وجهة نظره وإبطال ما خالف مبناه، وبسط ذلك على وفق منهج ثابت على الرغم من كثرة الآراء والأقوال التي حشدها في هذه الخاتمة. كل ذلك بهدف إنشاء هيكل جديد بالمعارف الحديثية.
وبغض النظر عن المباني التي شيدت صروحها في فوائد هذه PageV0MP011
الخاتمة، نجد رعيلا من الفقهاء قد وقفوا إزاءها موقف الاعجاب، لما فيها من تحقيق ينم عن قابلية فذة ونادرة؟ ولهذا لم يكتم بعض الأصوليين إعجابه الشديد بهذه الفوائد، فصرح على رؤوس الاشهاد بأنهم - في بحوثهم الرجالية - كلهم عيال على النوري، مشيرا بذلك إلى ما في فوائد هذه الخاتمة من إبداع فل نظيره في فوائد كتب الحديث والرجال عند الشيعة الإمامية .
فالخاتمة إذا معرض فكري حافل بمختلف وجوه الآراء، إلى جنب الكثير من المخالفات والمنافرات في عويصات المسائل الحديثية، وهذا ما أملى على الشيخ النوري نوعا من الاسهاب في كشف غياهب تلكم المطالب عن موضوع ما رسم لها من فائدة في هذه الخاتمة.
والحق.. انها روضة رائعة من رياض علم الحديث، فيها من آيات الجمال ما يثبر إعجاب الناظر، ومن أفانين الورد وأريج الزهر ما ينعش المتنزه، ولكن تلك الروضة الغناء لم تخل من أشواك، وعلى الخبير المنقب أن يتحاشاها .
ومن آيات حسنها وجمالها انك واجد فيها مجموعة هائلة من رواة الحديث الشريف، مع دراسة تفصيلية لبعض المجهولين منهم، ممن لا دليل - في الظاهر - على كونه من المعروفين.
وما ان تحث الخطى مع المصنف في روضته حق يكشف لك عن أحوالهم بقرائن قد لا تخطر على بال أهل هذا الفن، وقد يريك أمورا لم ترد في كتاب رجالي قط تشهد على حسن حالهم فضلا عن وثاقتهم، وما أكثر ما يوقفك على أشياء لها دخل كبير في معرفة أحوال الغابرين، ولكن لم يلتفت إليها إلا القليل من النابغين في هذا الحقل المهم من الدراسة والتحقيق، وعندها ينتزع منك الاعتراف - شئت أم أبيت - بأن في هذه الخاتمة إحياء PageV0MP012
لرواة كثيرين لفهم النسيان بغشائه السميك عبر الأزمان، حتى لم يعد لهم ذلك الدور المهم في نقل الحديث وروايته، والتفاني العظيم من أجل الحفاظ على رواية حديث أهل البيت عليهم السلام من التلف والاندثار.
ومن مهارته العجيبة أنك تراه يعمد أحيانا إلى الغوص في تفاصيل حياة المهجورين، ثم لا يلبث أن يثبت لك أنهم من العلماء الاجلاء، أما برواية صريحة صحيحة اقتنصها من كتاب بعد موضوعه عن هذا الفن فلم يلتفت إليه أربابه، وإما باعتماده القرائن الكثيرة التي برهن عليها قبل إدخالها ميزان الجرح والتعديل.
انه دفاع عجيب لم يتصد إليه أحد قبله ولا بعده، مع قوة الأسلوب، وروعة البيان حتى يخيل إليك ان التدقيق والتحقيق في علم الرجال ما هو إلا من السحر الحلال.
ولم يقتصر بدفاعه هذا على أولئك الرواة، بل اعتنى عناية فائقة بكثير من الكتب والأصول الدارسة، وبين أنها كانت في الاعتبار والاشتهار كالشمس في رائعة النهار، مع البرهان على أنها عند أشهر العلماء المعول، إذ لا غناء لهم عنها ولا متحول.
وهذا هو ما نص عليه المصنف - قدس سره - في الفائدة الأولى من فوائد هذه الخاتمة.
ولما كان الشيخ النوري لم يترك مقدمة لهذه الخاتمة يبين فيها منهجه، ويكشف من خلالها عما في هذه الفوائد من الخرائد والفرائد، اكتفاء منه بمقدمة المستدرك! لذا ارتأينا أن نخص كل فائدة من فوائد هذه الخاتمة بشئ من التعريف بمحتواها العام، مع التركيز على أهم ما يمكن أن يقال في هذا المقام، ممهدين لذلك بما يوضح للقارئ الكريم جوانب الاتفاق والافتراق بين فوائد هذه الخاتمة وبين فوائد خاتمة الوسائل، لما في ذلك من PageV0MP013
أهمية بالغة في بيان حقيقة الاستدراك على فوائد خاتمة الوسائل. ومن ثم الرجوع إلى ما وعدنا به آنفا، فنقول:
أفردت لكل من خاتمة المستدرك وخاتمة الوسائل اثنتا عشرة فائدة، وقد امتازت فوائد الوسائل - تبعا لمنهج الشيخ الحر في الاختصار وتحاشي ضخامة الكتاب - إلى اختصار شديد بحيث لم تزد بتمامها على جزء واحد كما في الطبعة الأخيرة من الوسائل، بينما امتازت فوائد المستدرك بسعتها لضخامة المطالب المبحوثة فيها، هذا على الرغم من وجود التماثل البين بين عناوين فوائد الخاتمتين، وان افترقت كل منهما بفوائد لم تعنون في الأخرى، كما يتضح من الجدول التالي:
اسم الفائدة مختصرا ترتيبها في خاتمة المستدرك ترتيبها في خاتمة الوسائل 1 حول الكتب المعتمدة الأولى الرابعة 2 صحة الكتب المعتمدة ووثاقة مؤلفيها الثانية السادسة، والتاسعة 3 طرق المؤلف إلى مشايخه الثالثة الخامسة 4 فيما يتعلق بكتاب الكافي الرابعة الثالثة 5 طرق الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه الخامسة الأولى 6 طرق الشيخ الطوسي في التهذيب السادسة الثانية 7 حول أصحاب الاجماع السابعة السابعة 8 أمارة عامة لوثاقة المجاهيل من أصحاب - - الإمام الصادق عليه السلام الثامنة - 9 في إرجاع الأحاديث الحسنة إلى الصحيحة التاسعة - 10 الرواة الثقات والممدوحين العاشرة الثانية عشرة PageV0MP014
11 موقف الأخباريين من حجية القطع الحادية عشرة - 12 في شرف علم الحديث الشريف الثانية عشرة - 13 القرائن الدالة على ثبوت الخبر - الثامنة 14 في جواب الاعتراضات المحتملة - العاشرة 15 حول الأحاديث المضمرة - الحادية عشرة ومن الجدير بالإشارة أن فوائد خاتمة الوسائل (الثامنة، والعاشرة، والحادية عشرة) قد بحثها صاحب المستدرك ضمنا وفي أكثر من فائدة، لا سيما في الفائدتين الرابعة والخامسة.
وقد وجدنا الشيخ الحر - قدس سره - قد اقتصر في الفائدة الأولى على ترتيب طرق الصدوق فقط، بينما بحثت هذه الطرق تفصيلا في خاتمة المستدرك في الفائدة الخامسة، مع اعطاء دراسة تامة لكل رجل من رجال هذه الطرق، بل وتعيين من روى عنه من الثقات المشهورين مع تعيين رواياتهم في الكتب الأربعة وغيرها من كتب الحديث عن الشيعة الإمامية، ولم يستثن - من هذه الدراسة - أحد من الرواة إلا الثقات المشهورين شهرة واسعة جدا مع الاجماع على وثاقتهم.
ومثل هذا الفارق نجده أيضا فيما تخصص من فوائد الخاتمتين لمشيخة التهذيب والاستبصار، حيث الاكتفاء بنقلها كما هي من غير ترتيب في خاتمة الوسائل تلافيا للتكرار الذي ينجم من الترتيب، لاعتماد الشيخ الطوسي - قدس سره - على شطر من طرقه في بيان طرقه الأخرى، في حين أضيفت لدراسة هذه الطرق في خاتمة المستدرك جميع طرق الشيخ إلى كتب الشيعة في الفهرست، مع بيان الحكم - بالصحة أو الضعف - على كل طريق، ولا شك ان هذا الحكم على كل طريق من طرق الشيخ في PageV0MP015
الفهرست بالصحة أو الضعف، هو نتيجة لدراسة رجالية موسعة شملت جميع من ذكر في الفهرست، ولم يشذ عن ذلك إلا من كان معاصرا للشيخ وله كتاب رواه عنه مباشرة، إذ لا طريق.
إلى غير ذلك من المميزات التي انفردت بها إحداهما عن الأخرى، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو الاعتماد على المباني الاخبارية التي تختلف عن مباني الأصوليين إزاء بعض النتائج المقررة في هاتين الخاتمتين، اختلافا يضيق في بعض الأحيان فيعود لفظيا لا تفاوت فيما يرتبه المبنيان عليه من آثار، ولكنه قد يتسع أحيانا أخرى اتساعا بحيث لا يمكن الجمع بين آثارهما بحال.
إلا أن ما نجده في البحوث الرجالية والدرائية والكتب المعدة لهذا الغرض - بعد عصر الشيخ النوري - يؤكد على أن لثمرات (خاتمة المستدرك " أهمية لا يسع أرباب أي مبنى - في هذا الحقل - تركها أو الاعراض عنها بحال من الأحوال على الرغم من اعتماد المباني الخاصة فيها.
وقد اضطرنا هذا الاختلاف المبنوي - أحيانا - إلى الإشارة السريعة إلى أهمه خصوصا فيما يتعلق بالتوثيقات العامة المتركزة في الفوائد:
(الرابعة، والخامسة، والسادسة) وأعرضنا عن بيان الاختلافات الأخرى ، التزاما باظهار نص المؤلف بصورة واضحة خالية من التعقيد والتصحيف والتحريف كما هو منهجنا في التحقيق.
وبهذا المقدار من الحديث عن خاتمة المستدرك قد آن الأوان لان تحظى فوائده بما وعدنا به من تعريف فنقول: PageV0MP016
الفائدة الأولى خصصت هذه الفائدة لبيان مصادر المستدرك، وهي أقصر فائدة في فوائد هذه الخاتمة، إذ لم يذكر المصنف فيها سوى مقدمة يسيرة تعرب عن جهده في صياغة ما أنشأه من معارف مهمة ذات صلة بالحديث الشريف ومن ثم تعداد الكتب التي اعتمدها في تسجيل ما استدركه على الشيخ الحر من الأحاديث.
ولقد كان الابتداء بها في هذه الخاتمة موفقا من حيث الترتيب الفني لهذه الفوائد وتسلسلها على خلاف ما هو عليه في ترتيب فوائد خاتمة الوسائل إذ ابتدأت بنقل مشيخة الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه.
وعلى أية حال، فإن تنظيم فوائد خاتمة المستدرك ابتداء بمصادره وانتهاء بترجمة مؤلفه قد أضفى على هذه الخاتمة نوعا من الجمال، لانسجام العرض مع الترتيب.
ولما كان الشيخ الحر العاملي - قدس سره - قد أشار إلى كتب أهملها حين تدوين (الوسائل) لذا قد يكون (المستدرك) موحيا بالاعتماد على هذه الكتب ونظائرها.
ومن هنا يظهر اهتمام المصنف بهذه الفائدة وتقديمها على ما سواها، لأنها الأساس الذي شيد عليه صرح المستدرك.
وما كان الشيخ النوري مغامرا ليختار أرضا رخوة يقيم عليها مثل هذا البناء، لينهار قبل تمامه، كما سنوضحه في هذه السطور، فنقول:
صرح الشيخ الحر العاملي - قدس سره - في الفائدة الرابعة من PageV0MP017
خاتمة الوسائل بأسماء الكتب التي نقل منها أحاديث (الوسائل) فكانت على نحوين وهما:
الأول: كتب نقل منها مباشرة، وهي اثنان وثمانون كتابا.
الثاني: كتب نقل منها بالواسطة، وهي ستة وتسعون كتابا.
وبهذا يكون مجموع الكتب التي صرح الشيخ الحر باعتمادها في الوسائل - سواه بالواسطة أو غيرها - مائة وثمانية وسبعين كتابا.
وهذا العدد لا يمثل جميع ما وصل إلى عصر الشيخ الحر من كتب الشيعة قطعا.
وأيضا صرح الشيخ الحر في هامش له على بداية الفائدة المذكورة (30: 159 - 160) بأنه قد ترك النقل من كتب أخرى غير معتمدة عنده لسببين وهما:
الأول: عدم العلم بثقة بعض مؤلفي هذه الكتب.
الثاني: ثبوت ضعف بعضهم عنده.
ثم عدد من هذه الكتب ثلاثة عشر كتابا.
والشيخ النوري - قدس سره - لم يعتمد على هذه الكتب الثلاثة عشر كلها، بل ترك سبعة منها لعدم اعتمادها عنده أيضا، ولعل من ألفها هم (البعض) الذي ثبت ضعفه عند الشيخ الحر - طاب ثراه -.
أما (البعض) الاخر من هذه الكتب التي لم يكن لدى الشيخ الحر علم بثقة مؤلفيها، فلا يبعد أن تكون هي الستة المعتمدة في أحاديث المستدرك، وهي:
1 - كتاب مصباح الشريعة المنسوب إلى الإمام الصادق عليه السلام.
2 - كتاب الفقه الرضوي المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام.
3 - كتاب غوالي اللآلئ لابن أبي جمهور الأحسائي. PageV0MP018
4 - كتاب الشهاب لابن سلامة القضاعي.
5 - كتاب جامع الأخبار لمحمد بن محمد السبزواري.
6 - كتاب الدرر والغرر للآمدي.
وهذه الكتب الستة لا تمثل إلا جزا يسيرا جدا من أحاديث المستدرك التي اقتنصها المصنف - بعد تصفح طويل في تراث الشيعة - من كتب كثيرة، لم يصرح بها الشيخ الحر لا سلبا ولا إيجابا. وقد ذكر المصنف منها في هذه.
الفائدة اثنين وسبعين كتابا، كانت سبعة منها هي من مصادر بحار الأنوار، ولو أردنا تصنيف هذه الكتب لوجدناها مشتملة على بعض الأصول الأربعمائة، ونوادر قدماء الأصحاب، ورسائلهم، ومسائلهم، وصحائفهم، وتفاسيرهم وغيرها مما لم يكن عند الشيخ الحر العاملي وقت تأليف الوسائل.
ومن الملفت للنظر هو أن بعض مؤلفي الكتب المذكورة في هذه الفائدة هم من مؤلفي الكتب المعتمدة في الوسائل، كالصدوق الأول علي، ابن الحسين بن بابويه القمي (ت / 329 ه) والشيخ الصدوق محمد ابن علي بن الحسين بن - بابويه القمي (ت / 381 ه) والشيخ المفيد (ت / 413 ه)، والطبرسي صاحب مجمع البيان (ت / 558 ه)، والسيد ابن طاووس (ت / 664 ه)، والشهيد الأول (ت / 786 ه)، - قدس الله تعالى أرواحهم -.
وهذا يعني استقصاء المصنف لمؤلفات الاعلام الذين لا شك ولا شبهة في وثاقتهم، ومن ثم فرز ما لم يعتمد الحر منها في الوسائل، إما لعدم الوقوف عليها، أو لعدم وصول نسخة صحيحة منها إلى الشيخ الحر وقت التأليف. - ومثاله اعتماد الشيخ الحر على عشرة كتب من كتب السيد ابن طاووس (ت / 664 ه) إلا أن الشيخ النوري استدرك عليه ما فاته من أحاديث في PageV0MP019
(فلاح السائل) و (سعد السعود) حيث لم ينقل عنهما في الوسائل، ولا يشك أحد بصحة انتساب هذين الكتابين لهذا الفقيه الجليل، ومن هنا كانت أهمية هذه الفائدة إذ رسمت صورة واضحة لجهد المصنف في تتبع ما لم يورده الشيخ الحر من مؤلفات أعاظم الشيعة المعلومة النسبة إليهم.
ومما يلحظ في هذه الفائدة أنها لم تسجل جميع مصادر المستدرك، وما ترك ذكر فيها أكثر مما ذكر، لا عن غفلة من المصنف بل لنكتة مهمة وهي أن ما اعتمده النوري من الكتب ولم يشر إليه في هذه الفائدة إنما هو لاعتماده من قبل الشيخ الحر نفسه، وهذه ميزة مهمة للمستدرك تكشف عن تتبع مصنفه لما في مصادر الوسائل من أحاديث تركها الشيخ الحر، مع أنها تنطوي على أحكام فقهية بنظر النوري، ومروية بالأسانيد التي احتج بها الشيخ الحر، وهذه الكتب كثيرة نذكر منها:
كتاب المحاسن للبرقي، كامل الزيارات لابن قولويه، رجال الكشي، قرب الإسناد للحميري، تفسير علي بن إبراهيم القمي، تفسير العياشي، الكافي لثقة لاسلام الكليني، وكتاب من لا يحضره الفقيه، وعيون أخبار الرضا عليه السلام، والخصال، وإكمال الدين، وثواب الاعمال، ومعاني الأخبار لشيخ الصدوق، وأمالي الشيخ المفيد، والاختصاص له أيضا، وأمالي الطوسي، وكتاب الغيبة، ومصباح المتهجد له أيضا، ونهج البلاغة جمع السيد الشريف الرضي، وكنز الفوائد للكراجكي، والاحتجاج للطبرسي، وغيرها.
نعم، ذكر النوري في هذه الفائدة أربعة من الكتب المشتركة الاعتماد عليها بينه وبين صاحب الوسائل وهي:
1 - صحيفة الإمام الرضا عليه السلام.
2 - كتاب علاء بن رزين. PageV0MP020
3 - تفسير النعماني.
4 - كتاب المزار لابن المشهدي.
ولعل السبب في ذلك هو أن الأول منها قد اعتمده الشيخ الحر برواية الشيخ أبي علي الطبرسي، بينما اعتماده في المستدرك برواية غيره، وهي نسخة معتبرة فيها ما لم يتوفر بنسخة الشيخ الحر.
أما الثلاثة الأخرى فباعتبار الوقوت المباشر عليها من غير واسطة - دون ما في الوسائل - ولا يخفى ما في هذا الفرق من مبررات الاستدراك.
وخلاصة المقام: أن الفائدة الأولى من فوائد المستدرك جديرة بأن تنال اهتمام الباحثين، وأن تحظى بدراسة مقارنة مع الفائدة الرابعة من فوائد خاتمة الوسائل، لكي تتضح جهود الشيخ النوري في تتبع ما لم يقع في متناول الشيخ الحر من تراث الشيعة، ذلك التراث الذي أوشك أن يضمحل دوره في الفقه الشيعي بعد عصر الوسائل. PageV0MP021
الفائدة الثانية بعد أن فرغ المصنف - رحمه الله تعالى - من تعداد أسماء الكتب التي اعتمدها في المستدرك في الفائدة الأولى، انتقل إلى هذه الفائدة لدراسة ما ذكره هناك من الكتب دراسة تفصيلية، مع شرح دقيق ومستوعب لمكانة مؤلفيها، وبيان منزلتهم العلمية، ودرجة وثاقتهم، ومدى الاعتماد عليهم في عالم الرواية.
ولقد وجدنا المصنف - رحمه الله تعالى - في هذه الفائدة حريصا جدا على اعطاء صورة واضحة لكل كتاب اعتمده وكان محط تأمل البعض من العلماء، إما للشك في صحة نسبته إلى مؤلفه، أو لجهالة حال مصنفه، أو لحكم البعض على عدم وثاقته، أو لعدم وصول نسخة صحيحة - من هذا الكتاب أو ذاك - إلى المتأخرين مما أدى إلى إهماله، أو لغير هذا وذاك من الدواعي الأخرى التي حملت الاعلام على الاعراض عن الكتب المتصفة بهذه الأسباب أو بعضها. كل ذلك فرض على صاحب المستدرك - قدس سره - أن يدخل في هذا الباب من البحث الذي لم يطرقه أحد غيره، لا قبله - كما صرح به في آخر المطاف - ولا بعده فيما نعلم.
وحيث كانت الإحاطة بما في هذه الفائدة متعذرة عبر هذه السطور، لذا سيكون الحديث عنها مقتصرا على ما يضمن الوصول إلى تلك الإحاطة الموكول أمرها إلى القارئ الكريم نفسه، فنقول:
يمكن حصر الحديث عما في هذه الفائدة بالمحاور الثلاثة التالية.
المحور الأول: ما يتعلق بالكتب المذكورة في هذه الفائدة.
المحور الثاني: ما يتعلق بمؤلفي هذه الكتب. PageV0MP022
المحور الثالث: ما له ارتباط ما بأحد المحورين أو بهما معا.
وسوف نذكر بيانا ملخصا لما جاء في كل محور من هذه المحاور وعلى النحو التالي.
المحور الأول: (ما يتعلق بالكتب المذكورة في هذه الفائدة).
لقد اشتمل هذا المحور على أمرين مهمين في بيان حقيقة الكتب المذكورة في هذه الفائدة وهما:
أحدهما: في وصف هذه الكتب.
والاخر: في اثبات اعتبارها.
أما الأول: فيتلخص بالنقاط التالية:
1 - العناية في تحديد اسم الكتاب - موضع بحث الفائدة - بالضبط، مع عرض سائر الاختلافات في ضبطه إن وجدت لدى العلماء، ثم انتخاب ما يمثل الواقع اعتمادا على أدلة كثيرة، قد يرتبط بعضها بعصر المؤلف أو تلامذته.
2 - التأكيد على ما في أول الكتاب وآخره من كلام مصنفه، ولا يخفى ما في هذا العمل من أهمية كبيرة بالنسبة إلى الكتاب.
3 - الاهتمام الملحوظ في بيان تاريخ تأليف الكتاب المبحوث عنه، وتاريخ الفراغ من تأليفه، ولما كان هذا الامر غير متيسر بالنسبة إلى كثير من الكتب، صار معول الشيخ النوري - قدس سره - على ما في نسخه منها من حيث بيانه لتاريخ نسخها ووقت الفراغ منه، مع بيان اسم الناسخ، وقد وجدنا بعض نسخه الخطية يرجع تاريخها إلى القرن الرابع الهجري، كما في نسخته من كتاب درست بن منصور ونوادر علي بن أسباط وغيرهما.
4 - لغة جميع كتب هذه الفائدة هي اللغة العربية، حيث لم يعتمد فيها إلا على النص العربي للحديث الشريف لما في الاعتماد على النص PageV0MP023
المترجم من مضيعة لبلاغة الحديث الشريف وروعة نظمه، وقد نبه المصنف على هذا في كتاب روض الجنان لأبي الفتوح الرازي الآتي في هذه الفائدة.
5 - الإشارة إلى ما في هذه الكتب من أحاديث الاحكام، فبعضها غزير المادة الفقهية، وبعضها الاخر لا شئ فيه من ذلك بل موضوعه السنن والأخلاق والآداب العامة، وبعضها قد جمع بين الامرين.
واما الثاني. فغالبا ما يبتدئ بعرض اختلاف العلماء في الكتاب المبحوث عنه، من حيث طعنهم بالكتاب، أو شكهم بصحة نسبته إلى مؤلفه، مع بيان سائر الوجوه التي اعتمدها من قال بعدم اعتباره، ومن ثم الانتقال إلى الدفاع عن هذا الكتاب، وبيان قيمته العلمية، وذلك بالاعتماد على كثير من الشواهد والأدلة، نذكر أبرزها وهي:
1 - استقصاء ما كتبه أعلام الشيعة من شروح لهذا الكتاب المطعون فيه، وبيان ما في عملهم هذا من دليل عنايتهم به، وإلا في ثمرة تترتب على تظافر جهود العلماء في شرحه لو كان الكتاب غير جدير بالاهتمام والاعتبار؟!
كما نلحظه في كتاب الشهاب للقاضي القضاعي محمد بن سلامة المالكي المصري المتوفى بها ليلة الخميس 16 ذي القعدة / 454.
2 - بيان الطرق الموصلة إلى الكتاب تفصيلا، وقد يتوسع النوري - قدس سره - في كثير من الأحيان في تفصيل هذه الطرق فيذكر العديد منها، لاثبات صحة نسبة الكتاب إلى مصنفه بشكل لا يدع مجالا للشك في صحة هذه النسبة.
3 - ذكر أسماء العلماء الذين اعتمدوا الكتاب وصرحوا باعتباره، وقد يسجل النوري - قدس سره - العشرات من أسماء العلماء القدامى والمعاصرين له في هذا المضمار.
4 - تفصيل من روى عن هذا الكتاب من قدامي الأصحاب في كتبهم PageV0MP024
الحديثية المعتبرة، كما هو الحال في كتاب عاصم بن حميد المعتمد من قبل المحمدين الثلاثة - رضي الله عنهم - في كتبهم الأربعة.
5 - الغوص في بحر الإجازات العلمية التي منحها المشايخ العظام إلى فضلاء عصرهم وتلامذتهم، لاستخراج ما فيها من تقريظ ومدح لهذا الكتاب أو ذاك مع الإجازة بروايته، كما أن في تبيين هؤلاء المشايخ لطرقهم إلى هذه الكتب واتصالها بمؤلفيها ما يؤكد صحة نسبتها إليهم، هذا فضلا عن طرق النوري - قدس سره - إلى هذه المصنفات كما مز آنفا.
6 - اهتمام الشيخ النوري - قدس سره - باجراء المقارنة بين محتوى كتبه تلك مع ما في الكتب الأربعة، وغيرها من كتب الشيعة المهمة في مجال التعرف على أحاديث أهل البيت عليهم السلام لا سيما كتب الشيخ الصدوق والطوسي وأضرابهما، كل ذلك بهدف التأكيد على أن الاختلاف بين الاثنين نادر وقليل جدا.
7 - اقتناص أدلة الاحكام الفقهية المقررة لدى بعض الفقهاء والمأخوذة من روايات هذه الكتب، أو الموافقة لها من حيث المضمون.
8 - إثبات ان بعض الكتب التي تركها صاحب الوسائل - قدس سره - قد اعتمد عليها من حيث لا يعلم، كما هو الحال في كتاب الجعفريات الذي لم يذكره الشيخ الحر - رحمه الله - ضمن مصادر الوسائل، إلا أن خبر الوسائل (10: 2 32 / 135) قد أخذ من كتاب الاقبال للسيد ابن طاووس - رضي الله - مع أن الأخير نقله من كتاب الجعفريات نصا، وهذا تتبع نادر يستحق الثناء. على أن فيه ما يدل على اعتماد أكابر الفقهاء العباد على كتاب الجعفريات.
9 - الإطالة في الدفاع عن بعض الكتب، مع عرض عشرات الأدلة على اعتبارها واعتمادها وشهرتها لدى العلماء، كما هو الحال في كتاب PageV0MP025
دعائم الاسلام، ومصباح الشريعة، وكتاب الفقه الرضوي وغيرها.
أما الكتب المعلومة الانتساب إلى أعاظم رجالات الشيعة، فيجدها غير محتاجة إلى الدعم - وهو الصواب - لذا لم يتحدث عنها إلا قليلا، وربما ترك الحديث عنها لعدم أهميته قياسا إلى أهمية الحديث عن غيرها من الكتب الأخرى، وقد اختص هذا بكتب المشاهير كالشيخ المفيد وشيخ الطائفة - قدس سرهما الشريف - وغيرهما.
إلى غير ذلك من الأمور الأخرى المتصلة بهذا المحور والتي لا مجال لايضاحها في هذه العجالة.
المحور الثاني: ما يتعلق بمؤلفي هذه الكتب.
توسع المصنف في حديثه عن مؤلفي هذه الكتب، وقد أبدى مهارة في إجلالهم، وبيان منزلتهم العلمية، ومكانتهم عند أرباب النظر، مع فضلهم في الحفاظ على السنة بشقيها - النبوية والامامية - وصيانتها من التلف أو الضياع.
هذا ويمكن إجمال ما في هذا المحور بالنقاط التالية:
1 - ضبط أسماء المؤلفين كاملة، مع مناقشة جميع الاختلافات الواردة في ذلك.
2 - الاعتناء البالغ بالتضعيفات الموجهة إلى أي مؤلف كان من مؤلفي كتب هذه الفائدة. وهذه التضعيفات على نحوين:
أحدهما: تضعيفات أهل السنة.
والاخر: تضعيفات علماء الشيعة.
أما الأول: فلا يكلف النوري نفسه - قدس سره - بالرد عليه، ويهمله تماما، بل ويعد الرد عليه من تضييع العمر، وقد وجدناه - رحمه الله - في غير هذه الفائدة يعد قدح أهل السنة برجال الشيعة ورواتهم من حسن الراوي، وهو PageV0MP026
كذلك، إذ يكفي في التضعيف عندهم أن يكون الرجل شيعيا حتى ولو كان من عباد هذه الأمة وزهادها!! حتى لكأن اجتماع النقيضين أهون عند متعصبيهم من اجتماع التشيع والوثاقة في فرد مسلم!!! ناهيك عن كثرة امتداحهم وتوثيقاتهم بكتب الرجال لكلاب أهل النار من أحفاد ذي الثدية فيما نصت عليه صحاحهم.
وأما الثاني: فهو موضع اهتمام النوري - رحمه الله - إذ نراه يستعرض جميع الأقوال المضعفة لأي من أولئك المؤلفين، ثم ينتقل بعد ذلك إلى مناقشة هذه التضعيفات منتهيا إلى الحكم بجلالته وعلو قدرة ومنزلته، وله في إثبات ذلك منها:
أ - النص الصريح - من أحد العلماء المتضلعين في فن الرجال - على وثاقته.
ب - إيراد الكثير من أسانيد الكتب الأربعة المتصلة بقدامى مؤلفي بعض هذه الكتب خصوصا ما كان داخلا منهم في عداد أصحاب الأصول الأربعمائة المعروفة عند الشيعة، وذلك للدلالة على كونه معتمدا في الرواية من قبل رواة الشيعة الأوائل.
ج - رواية أجلاء الشيعة وأصحاب الاجماع: كابن أبي عمير، وصفوان، والبزنطي - الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة - عن قدامي هؤلاء المؤلفين.
د - بيان موقف العلماء إزاء من ضعف، وتصريحهم بخلافه.
ه - الاكثار من توظيف استدلالات الفقهاء في مجال الأحكام الفرعية لخدمة التوثيق حين يكون الاستدلال برواية رواها المؤلف أو وقع في اسنادها.
3 - إثبات تشيع من يدعى تسننه من أولئك المؤلفين، وله في إثبات PageV0MP027
ذلك طرق طريفة، لعل من أهمها كون المدعى تسننه هو (من دعاة الرفض) عند أهل السنة.
4 - المسكوت عنهم في كتب الرجال من أولئك المؤلفين قد نالوا حظا وافرا من البحث والتمحيص في هذه الفائدة، كما في شرحه لأصل زيد الزراد. ولقد كان المصنف آية عجيبة في توثيق من لم يذكر منهم في كتب الرجال بمدح أو قدح كأبي محمد جعفر بن أحمد القمي صاحب كتاب المسلسلات وغيرها من الكتب، إذ أكد جلالته بمختلف الطرق.
المحور الثالث: ما له ارتباط بموضوع الفائدة.
فرض هذا الباب من البحث على الشيخ النوري - قدس سره - التطرق إلى الكثير من الأمور الأخرى التي لم تذكر في أي من المحورين السابقين وكان لبعضها ارتباط جانبي بأحد المحورين، ولبعضها الاخر صلة وطيدة بموضوع هذه الفائدة.
وفيما يلي أهم تلكم الأمور التي تكرر ذكر بعضها بين فترة وأخرى، مجملة بالنقاط التالية:
1 - تنبيه المصنف - قدس سره - على طريقة حصوله على بعض مصادر المستدرك الفريدة، وقد يجزم أحيانا بافتقار مكتبات الشيعة في العراق العراق إليها، لحصوله عليها من بلاد الهند، أو إيران أو غيرها من البلدان النائية عن مكان تأليف خاتمة المستدرك، مما يكشف هذا عن اتصاله الوثيق برجال الفكر وعشاق التراث الشيعي ومكتبات الشيعة في مختلف بقاع العالم الاسلامي.
2 - إشارة المصنف إلى أخطائه - رحمه الله - إزاء ما ذكر عن بعض هذه الكتب أو بعض المؤلفين ني مؤلفاته السابقة كدار السلام، والنجم الثاقب وغيرهما. كما هو الحال في كتاب الدعوات للقطب الراوندي الآتي PageV0MP028
في هذه الفائدة برقم / 34، حيث سبق وان نسبه إلى غير مؤلفه في كتبه السابقة.
3 - التصريح باعتماده على مؤلفاته السابقة في شرح حال بعض الكتب المذكورة في هذه الفائدة كما يظهر ذلك من كتاب جامع الأخبار الآتي برقم / 51 والذي لم يقطع المصنف بنسبته إلى شخص معين، بل جعله مرددا بين اثنين، والصحيح انه لمحمد بن محمد السبزواري كما أثبته المحقق الأستاذ علاء آل جعفر في مقدمة تحقيقه للكتاب المذكور.
4 - الإحالة إلى الفوائد الأخرى في هذه الخاتمة لا سيما الفائدة الثالثة فيما له علاقة بمؤلفي هذه الكتب في الفائدتين.
5 - تعرضه إلى بيان بعض الطرق إلى الكتب التي اعتمدها الشيخ الحر العاملي ولم يعتمدها هو في المستدرك من هذه الطرق بل من طرق أخرى، لاختلاف النسخ تبعا لاختلاف طرقها، كما نجده في نسختيهما من صحيفة الإمام الرضا عليه السلام.
6 - تعرضه إلى بيان التصحيفات الحاصلة في أسماء الرواة الذين وقعوا في الأسانيد التي استفاد منها النوري في مجال التوثيقات العامة أو لأغراض أخرى في هذه الفائدة.
7 - تناوله لبعض الأمور المهمة المرتبطة بعلم الحديث الشريف، كبحثه عن الصحابة وحجية الحديث المرسل وغير ذلك من الأمور الأخرى ذات الصلة بدراية الحديث وروايته.
هذا وقد تسجل بعض المؤاخذات على المصنف - رحمه الله - لعل أهمها ما يأتي:
1 - اعتماده على كتاب واحد مجهول المؤلف وإن اعتذر عن الاستدراك به على الشيخ الحر باعتبار ان ما سجله منه ليس محتجا به وإنما PageV0MP029
هو كشاهد ومؤيد.
2 - تصريحه باعتماده على بعض الكتب التي افتقرت إلى المادة الفقهية تماما معللا ذلك بالحرص على حفظ مآثر الشيعة الإمامية من الضياع كما في كتاب مصباح الشريعة مما يجب - لو صح الاستدراك بهذا - ان تطرد العلة لتشمل سائر كتب الشيعة الأخرى التي هي من قبيل مصباح الشريعة.
3 - اعتماده - كما صرح هو - قدس سره - على كتاب واحد غير شيعي مع أن الاستدراك هو على (تفصيل وسائل الشيعة)!.
4 - لم يعر الاهتمام بالدفاع عن التوثيقات الرجالية العامة التي اعتمدها في مجال التوثيق في هذه الفائدة، بل ولم يشر إلى مواضع دفاعه عنها في الفوائد الأخرى من هذه الخاتمة كالرابعة والخامسة والسابعة وغيرها، حتى لكأنها مسلمة عند الجميع وليس الامر كذلك. PageV0MP030
الفائدة الثالثة في ذكر المشايخ العظام خصصت هذه الفائدة - التي هي أكبر الفوائد بعد الخامسة - لبيان طريق المصنف إلى أصحاب الكتب التي تقدمت الإشارة إليها في الفائدتين الأولى والثانية، منضمة إليها مئات الطرق الأخرى إلى من الف وصنف - من السلف الصالح - في علوم الشريعة الغراء من فقه وحديث وتفسير وأصول ونحو ذلك، ابتداء من عصر المصنف المتوفى سنة - 1320 ه - قدس سره -، وانتهاء بأصحاب الكتب الأربعة المشهورة، وما تلاها في الاعتبار.
وقد استهل هذه الفائدة ببحث ممتاز عن الإجازات العلمية ودورها المهم في رواية الحديث باعتبارها من أهم طرق تحمل الحديث وآداب نقله، مستعرضا لكثير من الإجازات التي استجازها المشايخ العظام، أو منحوها لمن استجازهم، ذاكرا نتفا من استجازة علماء الشيعة وفقهائهم عن فقهاء أهل السنة ومحدثيهم وأرباب العلوم الأدبية، لرواية جميع مؤلفاتهم ومصنفاتهم التي يحتاجون إلى النقل منها، كما حدث ذلك لهم بالشام ومصر ومكة وفلسطين. كما بين في هذا البحث الكيفية التي تتم بها معرفة مشايخ الإجازات بعيدا عن كتب الرجال ونصوصهم - كما بحث أيضا عن أصناف التحمل الأخرى -، إلا أنه لم يولها ما أولى الإجازة من اهتمام.
ومن مظاهر اعتداده الفائق بالإجازة انه خصص مساحة واسعة في هذا البحث للرد على دعوى انحصار الإجازة في التيمن إلا أن يكون متعلقها كتابا خاصا. فتفيد الضمان وتعهد صحته وحفظه من الغلط والتصحيف، حيث أثبت حاجة الفقهاء الأوائل إليها مطلقا حتى في الكتب المتواترة عن PageV0MP031
أصحابها، ثم ساق كثيرا من الأدلة التي تضاد هذه الدعوى، مشيرا إلى احتياط بعضهم في إتيان أمور بلا دليل وإنما لمواظبة بعض من سبق من الفقهاء عليها، متسائلا كيف لا تكون الإجازة كذلك بعد أن دأب عليها جميع الفقهاء؟
ولهذا نجد. لا يرى حجية فتوى الفقيه الذي لم يستجز أحدا في الرواية؟ لان الإجازة في نظره هي طريق الاحتياط الوحيد الذي لا ينبغي للفقيه مجانبته.
وبعد أن فرغ المصنف - قدس سره - من بحث الا جازت العلمية في عالم الرواية والتحديث، انتقل إلى موضوع هذه الفائدة، ألا وهو بيان طرقه مفصلة إلى المشايخ العظام.
ابتدأ المصنف بمشايخه الخمسة، وهم:
الأول: الشيخ مرتضى الأنصاري.
الثاني: الشيخ عبد الحسين الطهراني.
الثالث: السيد مهدي القزويني.
الرابع. المولى علي بن ميرزا خليل الطهراني.
الخامس: الميرزا محمد هاشم الخوانساري.
وهؤلاء الخمسة - قدس سرهم - قد أجازوا المصنف برواية جميع مصنفاتهم ومؤلفاتهم وما سمعوه أو قرأوه على مشايخهم، وهم بدورهم استجازوا مشايخهم الذين هم استجازوا أيضا ممن تقدم على طبقتهم، وهكذا الحال بالنسبة إلى الطبقات الأخرى الممتدة على ما يقرب من ألف عام.
إن القارئ الكريم ليجد في هذه الفائدة جهدا فريدا في تفصيل مشايخ هذه الطبقات التي تزداد تعقيدا كلما ابتعد عن عصر المصنف لكون كل PageV0MP032
مجيز منهم - مع كثرتهم - مستجيزا من غيره.
فالشيخ الأنصاري - مثلا - الذي ابتدأ به المصنف، له طريقان إلى المشايخ العظام.
أحدهما: عن الشيخ النراقي.
والاخر: عن السيد صدر الدين محمد بن صالح الموسوي.
ولكل من هذين الطريقين طرق أخرى، تتفرع منها طرق كثرة، وتتشعب من فروعها طرق أكثر.
فالشيخ النراقي مثلا يروي عن المشايخ العظام - بالإجازة - من أربعة طرق.
الأول: من طريق السيد بحر العلوم.
الثاني: من طريق والده. الشيخ مهدي النراقي.
الثالث: من طريق السيد محمد مهدي الشهرستاني.
الرابع. من طريق الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
والسيد بحر العلوم يروي - بالإجازة أيضا - عن المشايخ العظام من ثمانية طرق، والأول من هذه الثمانية له طريق، والثاني طريقان، والثالث طريق، والرابع طريق، والخامس طريقان، والسادس طريق، والسابع ثلاثة طرق، والثامن أربعة طرق. وهكذا الحال فيما يتفرع ويتشعب من طرق جديدة أخرى. هذا كله في الطريق الأول للشيخ الأنصاري - قدس سره - وقس عليه طريقه الثاني بل وطرق مشايخ النوري الأربعة - رحمهم الله تعالى -.
والشيخ النوري - قدس سره - لم يكن بعمله هذا مجدولا لسلسلة الإجازات بهذا النمط، ولا رابطا لحلقاتها بعضها ببعض ابتداء من نفسه الشريفة وانتهاء بأصحاب الكتب الأربعة الذين انتهت إليهم إجازات PageV0MP033
المشايخ كالكليني والصدوق والطوسي واضرابهم ممن تصلوا بأهل البيت عليهم السلام عبر سلسلة من الرواة فحسب، بل نجاوز هذا النمط من الترتيب، ولو لم يكن عمله في هذه الفائدة إلا هو لكان جديرا بأن يحظى باهتمام العلماء الأعلام خصوصا المشتغلين منهم بفن الحديث الشريف رواية ودراية، لما فيه من فوائد وعوائد تكشف للعيان مبلغ اهتمام الشيعة البالغ في الحفاظ على طريقة التحدث المثلى في سائر العصور.
نعم لم يكتف المصنف - قدس سره - بذلك، حيث أطال الوقوف على عدد غفير من المشايخ العظام، مبينا منزلتهم العلمية، وما أحاطت بحياتهم من حوادث وقصص طريفة لم يلتفت إليها العلماء، ولم تعتن بها كتب الرجال.
فهو يذكر أسمائهم، وكناهم، وأنسابهم، وأحسابهم، وألقابهم، ومناطق سكناهم، ورحلاتهم، وأسفارهم، وإجاراتهم، وعلاقات بعضهم ببعض، ودرجة القربى فيما بينهم سببا أو نسبا، مع شئ من أقوالهم، وأشعارهم، ومناظراتهم، ونوادرهم، وتهانيهم بأفراحهم، وتعازيهم بأحزانهم، وتراحمهم، وتوادهم وتعاطفهم مع تفصيل مصنفاتهم ومؤلفاتهم، وبيان تقواهم وتمسكهم بحبل الولاء وعرى الايمان، وما قيل بشأنهم، بل لم ينس حتى منامات بعضهم في حق بعض، ومن ضاعت منه كتبه، أو تلفت، أو سرقت، أو ظهرت بعد وفاته ونسبت لغيره اشتباها، وكثير ما يؤكد على تاريخ ولاداتهم، ووفياتهم، ومن صلى على جنائزهم، ومكان قبورهم، بما يعد تاريخا عظيما وسجلا حافلا لكل ما اتصل بمشايخ الإجازات - تغمدهم الله تعالى برحمته الواسعة وأجزل الثواب لهم - وعلى امتداد عشرة قرون تقريبا.
وقد انتهى به المطاف - على هذا النهج - إلى الشيخ أبي علي الحسن ابن شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي - أعلى الله تعالى PageV0MP034
مقامه - لانتهاء أكثر إجازات مشايخ الشيعة إليه، وبه تمم المصنف - رحمه الله تعالى - الطرق إلى أرباب المؤلفين والمشايخ من الخلف والسلف الصالحين، واتصال السند إلى أصحاب المجاميع التي تدور عليها رحى مذهب الشيعة كالكتب الأربعة وما يتلوها في الاعتبار.
وأما عن شرح طرق هؤلاء الأصحاب - قدس سرهم - إلى مصنفات الرواة من الكتب والأصول المعروفة فلم يبحثها في هذه الفائدة، واكتفى بالإحالة إلى فهارسهم وكتبهم المسندة التي ضمت مشيختهم تفصيلا.
ثم عرج بعد هذا على بيان نبذة من أحوال جملة من هؤلاء المشايخ الذين انتهت إليهم سلسلة الإجازات، وقد خص بالذكر منهم اثني عشر شيخا وهم:
الشيخ الكراجكي، الشيخ النجاشي، شيخ الطائفة الطوسي، الشريف الرضي، السيد المرتضى علم الهدى، الشيخ المفيد، الشيخ ابن قولويه، الشيخ الصدوق، الشيخ النعماني، ثقة الاسلام الكليني، الشيخ علي بن بابويه، الشيخ الكشي.
وقد تحدث عن كل واحد منهم - قدس سرهم - بما لا مزيد عليه إذ ذكر أنسابهم، وأحسابهم، وفضائلهم، ومآثرهم، مع شئ من قصصهم، وأخبارهم، وما يتصل بهم، مؤكدا على اعتراف أهل السنة بفضلهم وتعظيمهم وتبجيلهم.
أما عن الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني - طاب ثراه - فقد أحال المصنف إلى ما كتبه عنه وعن كتابه الكافي في الفائدة الرابعة.
وقبل أن نعرف القارئ الكريم بما في الفائدة الرابعة من فوائد هذه الخاتمة، نود أن نبين له بأن الشيخ النوري - قدس سره - قد رسم لسلسلة الإجازات بسائر الطبقات ابتداء من نفسه، وانتهاء بالسفير الرابع لمولانا PageV0MP035
ومقتدانا الإمام الحجة أرواحنا فداه، مشجرة رائعة مفصلة تضمنت أسماء المشايخ العظام، وقد كان المصنف حريصا جدا على كل ما رسمه فيها من حيث سعة الدوائر فيها وضيقها مع تلوينها، زيادة على ما رسمه من خطوط لها دلالتها في اتصال المشايخ بعضهم ببعض، وقد وجدنا في مشجرته اختلافا يسيرا مع ما أثبته في هذه. الفائدة، أشرنا إلى محله في هامش المتن وقد ارتأت مؤسستنا إعالة ترتيب هذه. المشجرة بشكل واضح ينسجم مع سهولة تتبع القارئ لسلسلة المشايخ عبر طبقاتهم أجمع لما في مشجرة المصنف من صعوبة بالغة حيث أودع فيها - وبمساحة ضيقة - من الدوائر الصغيرة والكبيرة والمتوسطة ما يقرب من عدد المشايخ المذكورين في متن هذه الفائدة، كل هذا مع تشابك خطوطها طولا وعرضا، مما يصعب معه تتبع أسماء مشايخ الإجازات عبر طبقاتهم.
وسوف يكون لنا حديث آخر عن هذه المشجرة في محله من هذا الكتاب لغرض التعريف بها وإزالة ما يكتنفها من غموض نسبي إن شاء الله تعالى. PageV0MP036
الفائدة الرابعة في شرح حال كتاب الكافي لثقة الاسلام الكليني افتتح المصنف - قدس سره - هذه. الفائدة بنبذة من أقوال علماء الإمامية في مدح كتاب الكافي، كالشيخ المفيد، والمحقق الكركي، والشهيد الثاني وأضرابهم.
ثم تعرض بعد ذلك إلى بيان معنى الحديث الصحيح عند القدماء، مؤكدا ان اتصاف الحديث عندهم بالصحة هو أعم منه عند المتأخرين الذين اصطلحوا عليه بما لم يكن معروفا لدى القد ماء الذين اكتفوا باطلاقه على ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه.
كوجوده في أكثر الأصول الأربعمائة.
أو تكرره في أصل أو أصلين.
أو كثرة طرقه.
أو لوجوده في أصل معروف الانتساب إلى من أجمعت الشيعة على تصديقه.
أو لاخذه من الكتب التي شاع بين القدماء الوثوق بها والاعتماد عليها.
أو لاندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمة عليهم السلام.
أو لاشتهاره ومطابقته لدليل قطعي.
أو لغير هذا وذاك من الأمور الخارجية الأخرى. PageV0MP037
ثم بين المصنف أن هذه القرائن لم تراع في اصطلاح المتأخرين للحديث الصحيح لفقدانها كلا أو جلا، وإنما كانت عنايتهم بالأمور الداخلية للخبر، والإحالات النفسية للراوي كالوثاقة والتثبت والضبط.
ومن هنا يرى المصنف ان الحكم بصحة حديث أحد من قدماء الأصحاب ، من دون الإضافة إلى كتابه - كأن يقال عنه في كتب الرجال:
صحيح الحديث - لا يصح أن يكون ذلك الحكم لأجل الأمور الخارجية المتوقفة على كل ما رواه ودونه وعرضه عليها فحسب، بل لابد وأن يكون ناظرا لما علم من حال ذلك الشخص، وما عرف من سيرته وطريقته من الوثاقة والتثبت والضبط، والبناء على نقل الصحيح من هذه الجهة.
وعليه فقول النجاشي - مثلا - في حق ثقة الاسلام الكليني: (كان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم) رجال النجاشي (ص 377 رقم 26 10) يثبت هذا المعنى، ويبعد من احتمال تلقي الكليني عن الضعيف والمجهول، لأنه ينافي كونه: أوثق الناس.. وأثبتهم.
وقد تنبه المصنف إلى ما قد يرد عليه من نفي الملازمة بين قول النجاشي، ورواية ثقة الاسلام عن ضعيف أو مجهول عند من يقول باجتهاد الكليني في تقييم رواة الكافي، لا سيما وان النجاشي نفسه قد ضعف رجالا وقعوا في أسانيد الكافي، وحكم بجهالة بعضهم، ورمى آخرين بالغلو بل ووضع الحديث أيضا، مما يدل على أن اجتهاد ثقة الاسلام إزاء بعض الرواة لم يكن مسلما عند الجميع!
لذا بين المصنف ما قاله العلماء قبله بشأن اختلاف القدماء مع المتأخرين في معنى الحديث الصحيح، حيث كان الأوائل ينظرون إلى الحديث من زاوية القرائن المتقدمة وباعتبار ما وثقوا بكونه صادرا عن المعصوم عليه السلام فهو أعم من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من PageV0MP038
الثقات أو أمارات أخر؟ ولهذا صرح بعض المتأخرين بأن بين صحيحهم وصحيح القدماء: العموم المطلق.
. وبناء عليه فان حكم الكليني بصحة حديث لا يستلزم صحته باصطلاح المتأخرين، لاحتمال كون منشأ الحكم غير وثاقة الراوي.
هذا بناء على اختلاف صحيح القدماء عن صحيح المتأخرين عند بعض العلماء، لكن المصنف يرى أن شهادة الكليني بصحة اخبار الكافي تفيد الوثوق برواتها، لأنها بحكم توثيق الجميع بالمعنى الأعم.
ثم تعرض بعد ذلك لنقد الخبر الذي شاع مؤخرا بشأن الكافي، من أنه عرض على الإمام الحجة عليه السلام وانه قال عنه: (ان هذا كاف لشيعتنا) فبين انه لا أصل له ولا أثر في مؤلفات أصحابنا، ولم تأت به رواية قط لا صحيحة ولا ضعيفة، بل صرح المحدث الاسترآبادي - وهو شيخ الأخباريين في عصره - بأنه لا أصل له ولا حقيقة، مع أن الاسترآبادي - رحمه الله تعالى - رام أن يجعل تمام أحاديث الكافي قطعية الصدور لما عنده من القرائن التي لا تنهض بذلك كما صرح به المصنف.
الا ان المصنف - قدس سره - وان نفى صحة هذا الخبر الا انه احتمل وقوع ما يصحح معناه، وهو عرض كتاب الكافي على أحد نواب الإمام عليه السلام حيث استبعد أن يكون هذا الكتاب في طول مدة تأليفه البالغة عشرين عاما لم يعرض على أحد الوكلاء - رضي الله تعالى عنهم - ولم يطلبه أحد منهم مع اهتمامهم البالغ بمصنفات ذلك العصر وتأكدهم من سلامة رواياتها ومطابقتها مع الواقع!
لقد بين المصنف وجوها عديدة في تقريب هذا الاحتمال، والحق انها كلها حدسية استحسانية لا تفيد القطع، وإلا لشاع ذلك واشتهر. أما من الوثوق المترتب على الظن المتاخم للعلم بكونهم عليهم السلام راضين PageV0MP039
بفعل الكليني -. قدس سره - ومجوزين للعمل بأخبار كتابه، فهو ليس بحجة عند من يرى أن طريق الوثوق الوحيد - كما هو عليه أكثر علماء الشيعة من المحققين والأصوليين - هو ما اكتشف من القرائن الرجالية المعول عليها في تقييم كل خبر من أخبار الكافي.
ثم ناقش المصنف ما أثير من لدن البعض حول حجية أخبار الكافي، ولعل أهم ما في هذه الفائدة هو هذا لما فيه من ثمرة الوقوف على آراء العلماء الآخرين بشأن الكافي وإن لم يستقصها المصنف بل اقتصر على قدر ضئيل منها.
ويمكن تحديد مناقشة المصنف بالجوانب التالية:
- الرد على من ناقش في حكم القدماء بصحة أخبارهم.
2 - مناقشة من ذهب إلى عدم شهادة الكليني ملى صحة أخبار الكافي، وقد نقل في مقام الرد مقاطع من خطبة كتاب الكافي للتدليل على صحة ما اختاره من حصول هذه الشهادة.
3 - ناقش من تمسك بعدم حجية أخبار الكافي بتضعيف القدماء كالشيخ المفيد - قدس سره - وغيره لبعض هذه الأخبار ، وحملها على وجود المعارض لتلك الأخبار مع كونه أقوى منها.
4 - ناقش التصنيف الجديد للحديث الذي ظهر على يد ابن إدريس والعلامة الحليين - قدس سرهما -.
5 - رد تصنيف أحاديث الكافي وفق المصطلح الجديد.
6 - وجه رواية الكليني عن غير الأئمة عليهم السلام مع التصريح في خطبة الكافي بما يشبه التقييد برواية الآثار الصحيحة الواردة عن الصادقين عليهما السلام.
7 - ناقش شبهة صاحب رياض العلماء في فصل الروضة عن الكافي وان PageV0MP040
أخباره كلها مروية عن الامام بلا واسطة، وانه لا تقية في أخباره، ولم يطل الكلام حول هذه الشبهة لعدم وجود ما يدل عليها، وعدم وجود الموافق لصاحبها أصلا، مع قيام الأدلة القطعية على خلافها.
8 - أكد في مناقشاته بعدم تصريح الأخباريين - حتى من قال منهم بقطعية أخبار الكافي - بأن ما رواه ثقة الاسلام صحيح بالمصطلح الجديد، أي. لا قائل منهم بأن رجال أسانيد الكافي كلهم من عدول الامامية وفي جميع الطبقات.
وانه لم يدع أحد منهم ان ما في الكافي مقدم على ما يوجد في غيره في جميع الحالات حتى عند التعارض، بل قد يقدم عليه غيره، إذا اشتمل على مزايا توجب تقديمه.
9 - العدة المجهولة في الكافي، لم يعتن بشأنها كثيرا، مع أن بعضهم قد ردها مطلقا، لأنه - قدس سره - يرى رجال هذه العدد - المعلومة والمجهولة - من مشايخ الإجازة وقد كان رأيه في الفائدة الثالثة في مشايخ الإجازات بأنهم فوق مستوى التوثيق.
وأخيرا لا بد من الإشارة السريعة إلى ما حققه المصنف - رحمه الله - في هذه الفائدة بشأن عدة الكافي التي يروى ثقة الاسلام بتوسطها عن سهل ابن زياد، وهل ان محمد بن الحسن المذكور فيها هو الصفار الثقة الجليل كما صرح به جميع من سبق المصنف؟ أو هو شخص آخر.
لقد في النوري - قدس سره - أن يكون المراد هو الصفار وذلك لوجوه سبعة، قد لا يخلو بعضها من مناقشة، إلا أن الوجه الرابع منها هو من أقوى الوجوه السبعة على الاطلاق.
على أن المصنف لم يكتف بهذا، بل ناقش الآراء التي شخصت الصفار في رجال هذه العدة. PageV0MP041
الفائدة الخامسة في شرح مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه وهي أكبر الفوائد حجما، إطلاقا في هذه الفائدة دراسة رجالية قيمة لحشد هائل من رواة الشيعة الإمامية من حملة حديث العترة عليهم السلام. إذ يجد القارئ الكريم فيها جهدا رجاليا رائعا، وعبقرية فذة في تحقيق الاخبار الرجالية المتعارضة، حيث أزاح مؤلفها النوري - قدس سره - الستار عن رجال كثيرين لفهم الزمان بغشاء النسيان، وأودعهم تأمل البعض في وثاقتهم في زاوية الاهمال، حيث أسفر بحثه عن جلالتهم وتبديد الشك والريب عنهم.
إنها فائدة كاسمها ولكن ليس ككل الفوائد، إذ اشتملت على موارد للظماء ومناهل عذبة ارتوى من فيضها قلم كل من تأخر عنه من أساطين الفن أجمع، لما فيها من تراجم لاعلام مشيخة الفقيه ورواته بما ليس له نظير في كتاب رجالي قط.
ابتدأ المصنف في هذه الفائدة بنقل ما قيل عن مكانة الشيخ الصدوق وأهمية كتابه - من لا يحضره الفقيه - وما امتاز به هذا الكتاب عن غيره بمميزات أهلته لان يحتل موقعا متقدما بين الكتب الموثوق بها جدا عند الشيعة الإمامية.
ثم بين بعد ذلك مسلك الشيخ الصدوق - رضي الله تعالى عنه - في هذا الكتاب ومنهجه في الأسانيد، الذي اختلف عن منهج ثقة الاسلام الكليني - رحمه الله تعالى -.
حيث كان الكليني يذكر تمام سلسلة السند في كل حديث يرويه في PageV0MP042
جميع أبواب وكتب الكافي - أصولا، وفروعا، وروضة - بينما سلك الصدوق طريقة أخرى، وهي اختصار الأسانيد فيما يرويه من الأحاديث وذلك بحذف أوائل السند والرواية مباشرة عن المعصوم عليه السلام بواسطة من رواه عنه من أصحابه، وهكذا سار في أغلب أحاديث الفقه، ثم وضح طريقه إلى من روى عنه من أصحاب الأئمة عليهم السلام في آخر الكتاب، وذلك بتفصيل طرقه إليهم عبر مشايخه، وهو ما يعرف: بمشيخة الفقيه - التي خصصت لها هذه الفائدة - وهذه المشيخة هي المرجع في اتصال أسانيد الكتاب.
ثم بين المصنف اهتمام العلماء بهذه المشيخة، وشرحهم لها، وعدد جملة من تلك الشروح، منبها إلى ما سيذكره في هذه الفائدة من تنبيهات هامة، مصرحا بأنها بمثابة الشرح والايضاح لما ذكره الشيخ الحر العاملي - قدس سره - في الفائدة الأولى من فوائد خاتمة وسائل الشيعة، ولهذا نرى المصنف قد اعتمد ترتيب خاتمة الوسائل في ذكر طرق الصدوق - رضي الله تعالى عنه - فابتدأها - كما ابتدأ الشيخ الحر فائدته الأولى - بطريق الصدوق إلى أبان بن تغلب، ومنتهيا بما كان من وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية، فكان عدد الطرق ثلاثمائة وخمسة وثمانين طريقا، تشعبت منها وتفرعت طرق كثيرة جدا، واشتملت هذه الطرق - بشعبها وفروعها - على الجم الغفير من رواة الشيعة. وربما لا نجد طريقا واحدا من بين هذه الطرق إلا وقد ضم من رجالات الشيعة من كان قطبا للرواية ومحورا لرواة الحديث الشريف في ذلك العصر البهي المستضئ بنور أهل البيت عليهم السلام.
فلا بدع إذا في أن نجد المصنف قد شغف بأولئك العظام حبا بعد أن تأكد من نزاهتهم وسلامتهم من كل شين، وبعد أن برهن على صدقهم ودل على وثاقتهم، وعرف ولاءهم لأئمتهم عليهم السلام ووفاءهم لهم، والنصح PageV0MP043
لامة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ووقف على ورعهم وتقواهم عن كثب، حيث استفرغ الجهد في البحث عنهم بشكل منقطع النظير.
على أن هذا الكلام لا يعني أن رجال مشيخة الفقيه كلهم بهذه المثابة، وهذا لا شك فيه أصلا عند أحد من علماء الشيعة من الأصوليين والأخباريين جميعا، إذ وجد في طرق الصدوق بعض الرواة الضعفاء أو المجاهيل الذين لم تذكرهم كتب الرجال.
ومن هنا يأتي دور المصنف - قدس سره - في بيان ما يراه من أحوال هؤلاء بدراسة تفصيلية يكشف من خلالها إمكانية الاعتماد على روايتهم وقبولها.
كان يكون أحدهم من مشايخ الإجازة، وقد فصل المصنف القول في مشايخ الإجازة وعلو مقامهم بحيث يراهم في غني عن التوثيق لأنهم فوق مستوى التوثيق.
أو لرواية الأجلة المعروفين بصدقهم ووثاقتهم عنهم.
ومن أمارات التوثيق بالمعنى العام المعتمدة في هذا الحقل، أن يكون المضعف هو ممن ذكره الشيخ الطوسي - قدس سره الشريف - في أصحاب الصادق عليه السلام لتصريح العلماء بما قام به ابن عقدة من تأليف كتاب في الرجال جمع فيه أربعة آلاف رجل كلهم من الثقات من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، ومن البداهة أن كتب الرجال الشيعية - بما فيها رجال الشيخ - لم يبلغ أصحاب الإمام الصادق عليه السلام فيها هذا العدد، فيكون ذلك قرينة على التوثيق فيما يراه المصنف.
ومنها: تصحيح العلماء القدامى والمتأخرين - لا سيما العلامة الحلي - قدس سره الشريف - لطرق وقع فيها أمثال هؤلاء الذين ضعفوا أو حكي تضعيفهم في كتب الرجال. PageV0MP044
ومنها: اعتماد المصنف على تصريح علماء الشيعة الأوائل بالأخذ بمرويات بعضهم، لا سيما الشيخ المفيد، والطوسي وأضرابهما.
ومنها: ترجيح الاخبار الرجالية التي تفيد التوثيق على غيرها لمسوغات كثيرة وأسباب علمية بسط الكلام عنها في محله.
ومنها أيضا: رواية أصحاب الاجماع عن شخص تعد من أمارات الوثاقة له بالمعنى العام.
أو رواية من صرحت كتب الرجال بأنه لا يروي إلا عن ثقة، عنه.
وقد يجد المصنف - أحيانا - في تضعيفات بعض من عرف بالتعصب من أهل السنة لرجال الشيعة قرينة على التوثيق لا سيما وأن المعروف عن بعضهم تضعيف من اشتهر بولائه وانقطاعه لائمة أهل البيت عليهم السلام، وعده من الضعفاء لا لشئ البتة وإنما لكونه داعية إلى الحق الذي يسمونه (الرفض) كما هو الحال في علم الشيعة جابر الجعفي - رضوان الله تعالى عليه - ومؤمن الطاق الذي أطلق عليه رجالهم: شيطان الطاق!!.
ولهذا يعد المصنف مدحهم - النادر - لرجال الشيعة كقدحهم لا نفع فيه ولا ضرر كما في شرحه للطريق رقم [97].
إلى غير ذلك من الأمور الأخرى الكثيرة التي اعتمدها النوري - قدس سره - في مقام التوثيق والتي يطول المقام هنا بايضاحها والتعريف بها! لذا نتركها روما للاختصار.
وتد يضطر المصنف إلى الإطالة في بيان وثاقة بعض هؤلاء الرواة، لا سيما من حفلت ترجمته بكثرة الأقوال في كتب الرجال مع الاختلاف الحاصل بينهم في توثيقه واعتبار ما يرويه من الأحاديث، كما هو الحال في أحمد بن هلال، وسهل بن زياد وغيرهما.
ومن منهج المصنف في دراسته لرجال مشيخة كتاب من لا يحضره PageV0MP045
الفقيه أنه يهتم بتدوين اسم الراوي كاملا، مع بيان نسبه، وولائه، ومذهبه إن كان ممن ينتسب إلى المذاهب الفاسدة كالواقفية أو الفطحية وغيرهما.
مع التأكيد على من اتفق معه في الاسم والمعاصرة، وكيفية التمييز بينهما، منبها على السهو أو الغلط الحاصل في ضبط الاسم أحيانا، مع الإشارة إلى من روى عنهم أو رووا عنه ومن نبغ من أسرته في العلم والرواية، ولم ينس أيضا ذكر مصنفاته، وربما نبه إلى طرق النجاشي وشيخ الطائفة - قدس سرهما - إليها، كل ذلك مشفوعا بعدد جم من رواياته في كتب الحديث المشهورة، وتسمية من روى عنه، فإن كان مقلا من الرواية نبه عليه، وإن كان مكثرا أطال في بيان مروياته وأكثر من الحديث في ترجمته وبيان حاله.
ولتمكن المصنف - رحمه الله - في فن الرجال، نراه لا يكاد يدع من أقوال علماء الرجال قولا واحدا فيمن تناوله بالبحث إلا وناقشه، حيث يستعرض في مقام خلاصة الرأي في الراوي جميع وجوه الذم فيه، وقد يستخلص منها - في الغالب - بفطنة وذكاء وجوها تضاد الذم، وقد يحملها على محامل أخرى جديرة بالعناية والاهتمام لما فيها من موافقة قول القادح للموثق.
ومن جملة ما يلفت نظر القارئ الكريم في هذه الفائدة عناية مصنفها - قدس سره - بدراسة وتحقيق ما نسبه علماء الرجال من عامية ووقف - ونحوهما - إلى بعض الرواة.
أما نسبة الغلو إلى البعض الاخر، فقد اهتم بها اهتماما ملحوظا وقد ردها بحجج قوية مشفوعة بالتحقيق العلمي الرائع في مواضع متعددة من هذه الفائدة، بما يمكن معه استخلاص رأيه النهائي في بيان الأسباب الداعية إلى اتهام بعض الرواة بمسألة الغلو، بأنها نتيجة روايتهم لجملة من الأخبار الدالة على جلالة قدر الأئمة من أهل البيت عليهم السلام مع أن مروياتهم تلك PageV0MP046
ليس فيها من الغلو شيئا كما هو الحق في عدد من الرواة الذين نزهت ساحتهم من هذه التهمة، هذا فضلا عن إطلاق البعض لهذه النسبة على ما لا يستلزمها أصلا، كل ذلك بسبب الاحتياط والتشدد والتنفير من الغلو ورواته.
كما اهتم المصنف في هذه الفائدة ببعض المباحث الدرائية في مصطلح الحديث التي فرضت عليه لاتصالها بمن ترجم إليه من الرواة.
منها: دراسة بعض ألفاظ الجرح والتعديل ودلالاتها.
ومنها: الاهتمام بدراسة بعض ألفاظ نقل الحديث، لا سيما ما دل منها على جهالة حال المروي عنهم التي تلحق الحديث بصنف المراسيل.
ومنها: مسألة الاحتجاج بالحديث المرسل، وآراء العلماء في ذلك، حيث اهتم به كثيرا كما في ترجمة محمد بن أبي عمير - رضي الله تعالى عنه -.
ومنها: دلالة بعض الألفاظ والعبارات على التوثيق الاجمالي أو المدح العام، كتكنية الإمام عليه السلام لاحد الأصحاب، أو ترضيه وترحمه عليه، وقد يتوسع في دلالة ترضي وترحم غير الامام عليه.
ومنها: تصنيف الحديث إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف عند المتأخرين، والإشارة السريعة إلى كل صنف من أصنافه، إلى غير ذلك من الأمور المهمة المتفرقة المبثوثة في ثنايا تراجم رجال مشيخة الفقيه.
وبعد أن فرغ المصنف من شرح طرق الصدوق في هذه الفائدة، شرع - رحمه الله - بتنظيم فهرس تفصيلي - مرتبا على الحروف - لأهم ما ورد من التراجم الرجالية التي بلغت زهاء مائتين وتسعة عشر ترجمة، علما بأنه قد ترك ذكر الكثير من الرواة الذين لم يتوسع بتراجمهم.
ثم بين بعد ذلك مشايخ الصدوق مرتبين على الحروف فبلغوا زهاء PageV0MP047
مائتين وأربعة مشايخ.
وأخيرا اختتم هذه الفائدة ببيان عدد أخبار (كتاب من لا يحضره الفقيه) وعدد مراسيله موزعة على الأبواب، موضحا من أرسل الحديث من رواة (الفقيه) ورأيه في هذا الارسال. PageV0MP048
الفائدة السادسة في نبذ مما يتعلق بكتاب التهذيب في هذه الفائدة تصنيف تام - من حيث الصحة وعدمها - لكل طرق الشيخ الطوسي (ت / 460 ه) - قدس سره الشريف - في كتابه التهذيب.
ولما كانت مشيخة التهذيب - التي سيأتي الحديث عنها لاحقا - هي نفس مشيخة الاستبصار، كان لا بد من التعرض لطرق الشيخ. التي نص عليها في الاستبصار، وحيث إن الفهرست قد اشتمل على ما يقرب من ألف طريق للشيخ إلى أرباب الأصول والمصنفات التي شرج عنها في التهذيب كان لا بد من الرجوع إلى هذه الطرق بغية الوصول إلى معرفة ما لم يذكره منها في مشيخة التهذيب. - ومن هنا جاءت عناية الاعلام بدراسة جميع طرق الشيخ في هذه الكتب الثلاثة. (التهذيب، والاستبصار، والفهرست، وعدم الفصل بينها إذ من إلى: كن الحكم بصحة طريق ضعيف في واحد منها بلحاظ ما في الاخر، لا سيما وان الشيخ - رضي الله تعالى عنه - قد أحال في مشيخة التهذيب - كما سيأتي - إلى طرقه في الفهرست.
ومن بين هؤلاء الاعلام الذين اهتموا بمثل هذه الدراسة هو المصنف - قدس سره - كما سيتضح من التعريف لهذه الفائدة.
ابتدأها المصنف - قدس سره - بالإشارة السريعة إلى موقع كتاب التهذيب بين كتب الحديث الأخرى عند فقهاء الشيعة الإمامية، فهو أعظمها في الفقه منزلة، وأكثرها منفعة، إذ لا يمكن استغناء الفقيه عنه لما اشتمل عليه من الفقه والاستدلال، والتنبيه على الأصول والرجال، والتوفيق بين PageV0MP049
الاخبار، والجمع بينها بشاهد النقل والاعتبار، إلى غير ذلك من المميزات الأخرى لهذا الكتاب التي لم يحوها كتاب غيره في بابه.
وبعد الإشارة إلى أهمية التهذيب ومنزلته، انتقل إلى بيان طريقة شيخ الطائفة - رضي الله تعالى عنه - في رواية أحاديث العترة الطاهرة عليهم السلام مبينا عدم جريانها على نسق واحد في كتابيه: التهذيب والاستبصار.
فهو - رضي الله تعالى عنه - قد يعتمد طريقة ثقة الاسلام الكليني تارة بأن يذكر جميع رجال السند فيهما ابتداء من شيخه وانتهاء بالراوي عن المعصوم عليه السلام وهذا غالبا ما يكون في أوائل الكتابين، وتارة يعتمد طريقة الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) فيقتصر على ذكر بعض رجال السند ممن بعدوا عن عصره، وذلك بحذف صدر السند لغرض الاختصار، وهذا غالبا ما يكون في أواخر الكتابين، ثم يستدرك - في نهاية المطاف - على ما حذفه من الاسناد بخاتمة يبين فيها طرقه إلى من روى عنه من المشايخ بصورة التعليق، لكي يتم من خلال ذلك وصل سلسة السند بينه وبين الراوي عن المعصوم عليه السلام إلا أن هذه المشيخة لم تكن مستوعبة لكل الطرق المعلقة، ولم يكن الشيخ غافلا عن هذا وإنما ترك تفصيله إلى فهارس الشيوخ المصنفة لرواية الأصول والمصنفات التي نقل الشيخ منها ولم يذكر طرقه إلى أصحابها، ومن بين هذه الفهارس التي أحال إليها كتابه المعروف بالفهرست.
ولما كان ميرزا محمد الأردبيلي (ت / 1100 ه) - قدس سره - قد أعد رسالة درس فيها طرق الشيخ - رضي الله تعالى عنه - في كتبه الثلاثة، وأطلق عليها اسم: (رسالة تصحيح الأسانيد) ثم اختصرها في الفائدة الرابعة من فوائد كتابه المعروف ب (جامع الرواة)، لذا اختار المصنف - قدس سره - هذه الرسالة من بين نظائرها المعدة لهذا الغرض، نظرا لما امتازت به عن PageV0MP050
غيرها من فوائد مهمة تعرب عن تضلع الميرزا الأردبيلي - رحمه الله تعالى - بهذا الحقل من البحث والدراسة، فأورد مختصرها كاملا في هذه الفائدة، مشيرا إلى منهج مؤلفه الأردبيلي - رحمه الله تعالى - بعد اطرائه على ما قام به من جهد عظيم في معرفة أحوال أحاديث التهذيبين وذلك برجوعه إلى مشيختهما مع الفهرست.
وقبل بيان جهد المصنف في هذه الفائدة، وما طرحه من آراء فيها، يحسن بنا أن نبين - باختصار - الهيكل العام لرسالة تصحيح الأسانيد، فنقول:
اشتملت هذه الرسالة على نحوين من الدراسة، وهما:
الأول: دراسة طرق الشيخ في المشيخة (1) والفهرست.
الثاني: البحث في الطرق المذكورة في كل من التهذيب والاستبصار.
أما الأول: فيتلخص نشاط الأردبيلي فيه بثلاثة أمور وهي:
1 - الحكم بالصحة على الطريق المتفق على صحته.
2 - الحكم بالضعف على الطريق المتفق على ضعفه.
3 - ترك الحكم على الطريق المختلف فيه عند عدم إمكان الترجيح، مع ذكر اسم الراوي الذي بسببه صار الطريق مختلفا فيه.
وقد شمل هذا النحو جميع طرق الشيخ في المشيخة والفهرست إلا ما استسيغ تركه (1) كما نبهنا عليه في محله.
PageV0MP051
أما الثاني: فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالطرق الضعيفة، والمرسلة، والمجهولة إلى المشايخ في المشيخة والفهرست، وإن كان محور البحث ليس فيها أصلا، لاختصاصه بالمتابعة والاستقصاء التام لكافة ما ذكره الشيخ إلى هؤلاء المشايخ من طرق متصلة الاسناد (صحيحة، أو حسنة، أو موثقة) في أصل التهذيب والاستبصار، لكي يقارن هذه بتلك، وحينئذ يخرج الضعيف من حيزه، ويتصل المرسل، ويعرف المجهول، ولهذا لا يذكر - في الغالب - في رسالته طريقا صحيحا، أو حسنا، أو موثقا من أصل الكتابين لمن كان الطريق إليه صحيحا في المشيخة أو الفهرست. وهذا العمل الممتاز الذي خدم به الأردبيلي - قدس سره - أحاديث الكتابين لم يسبقه أحد إليه بهذا الشكل المستوعب فيما نعلم.
أما دور المصنف النوري - رحمه الله تعالى - في هذه الفائدة، فقد اختصره هو بعبارة واحدة قبل شروعه بنقل ما في رسالة تصحيح الأسانيد، فقال:
" وربما نبهت على فائدة في بعض الطرق أدرجتها بقولي: قلت، وفي آخره: إنتهى ".
ثم شرع بعد ذلك بنقل طرق الشيخ على نحو ما في مختصر رسالة تصحيح الأسانيد.
هذا ويمكن الوقوف على جهد المؤلف في هذه الفائدة، حيث ضمنها بكثير من الفوائد المهمة التي حملته على قطع الرسالة بين حين وآخر كما نبه عليه، وذلك بلحاظ تعليقاته المصدرة بقوله: (قلت)، ولعل أهمها ما يأتي.
1 - التأكيد - أحيانا كثيرة - على وثاقة من حكم بسببه على الطريق بالضعف وذلك بالرجوع إلى كتب الرجال.
2 - محاولته في وصل بعض الطرق التي حكم عليها بالارسال. PageV0MP052
3 - الإشارة إلى حكم المشهور على بعض الطرق، وحكمها عنده، مع بيان السبب الداعي إلى الحكم بخلاف المشهور.
4 - التنبيه على وثاقة أو حسن بعض الرواة في جامع الرواة مع تضعيف بعض الطرق بسببهم في رسالة تصحيح الأسانيد سهوا.
5 - بيان رأيه في الطرق المرسلة، إذا كان المرسل من أصحاب الاجماع.
6 - مخالفة صاحب الرسالة في حكمه بالاتحاد بين راويين، وبيان التعدد بوجوه كما هو الحال في محمد بن جعفر الأسدي الذي حكم الأردبيلي باتحاده مع محمد بن جعفر الرزاز.
7 - التوسع - أحيانا - في بيان بعض الأمور المتعلقة بالرواة الذين حكم عليهم بالضعف أو الجهالة، بما يؤكد من خلالها على حسن حالهم.
8 - التنبيه على خلو مشيخة التهذيب من بعض الطرق التي نصت الرسالة على وجود فيها، وهذه الملاحظة مهمة جدا، إذ صرح الأردبيلي - رحمه الله تعالى - بوجود بعض الطرق في المشيخة ولا أثر له فيها فعلا، وقد تكرر ذلك منه بما يقرب من مائة مورد تقريبا، ومن البعيد جدا أن تكون كل هذه التصريحات من سهو القلم.
هذا، ولم نهتد - بعد طول البحث والتأمل - إلى السر في ذلك، وربما قد نبحث الموضوع في مقال مستقل بشكل مفصل.
9 - التصريح بأن الحكم بالضعف أو الجهالة على بعض طرق الشيخ إلى المصنفات والأصول في الفهرست لا يضر بعد وصول هذه الكتب سالمة إلى عصر المصنف، وقيامه بشرح حالها بما يؤكد الاعتماد عليها كما مر في الفائدة الثالثة.
10 - الاهتمام ببيان ما في فهارس الشيوخ المصنفة لروايات الأصول PageV0MP053
والمصنفات، حيث أحال إليها الشيخ الطوسي - قدس سره - كما نقدم.
ومن هذه الفهارس التي رجع إليها المصنف لمعرفة تلكم الطرق هي:
مشيخة الصدوق، ومشيخة أبي غالب الزراري المفصلة في رسالته المعروفة في آل أعين، ومشيخة النجاشي في كتابه المعروف برجال النجاشي.
وقد أكثر المصنف الرجوع إلى هذه الكتب الثلاثة.
11 - بيان سبب حكم الأردبيلي - رحمه الله تعالى - على بعض بعض الطرق بالضعف أو الارسال أو الجهالة، وابداء الرأي في ذلك أحيانا.
12 - كثرة الإحالة من المصنف إلى ما تقدم في الفوائد السابقة من تراجم الرواة وشرح حال كتبهم، إذ لا يمكن التعقيب بما ذكره فيها على من ضعف هنا في منه الفائدة، وبهذا فقد ربط أكثر الطرق الضعيفة أو المجهولة بما فصله في الفوائد السابقة عن رجال هذه الطرق.
هذا وبعد فراغه من تتبع طرق الشيخ والتعليق عليها نبه على أربعة أمور - جعلها خاتمة لهذه الفائدة وهي:
التنبيه الأول. الرد على تضعيف الأردبيلي - رحمه الله تعالى - لبعض الطرق ردا اجماليا، إذ التعرض لكل حكم بالتفصيل يوجب الاطناب الممل.
التنبيه الثاني: البناء على احراز وثاقة مشايخ الإجازة بحصول الظن من الامارات على ذلك، مع التصريح بعدم قوله بأن مشيخة الإجازة تعد من أمارات التوثيق.
ثم نبه إلى متقدم مني أمور في الفوائد السابقة والتي يمكن من خلالها الحكم بوثاقة مشايخ الإجازة، مشيرا في هذه الفائدة لأهمها لكثرة الحاجة إليها.
التنبيه الثالث: رأيه فيما يخص أبواب الزيادات في كتاب التهذيب، PageV0MP054
مع نقله لكلام المحدث الجزائري ومناقشته.
التنبيه الرابع. في بيان عدد الأحاديث والأبواب في كتاب التهذيب. PageV0MP055
الفائدة السابعة في ذكر أصحاب الاجماع وعدتهم في هذه الفائدة بحث مبسوط عن المصطلح الرجالي المعروف عند الشيعة الإمامية ب: (أصحاب الاجماع) تناول فيه المصنف الأمور التالية:
الأول: في نقل أصل العبارة: (أصحاب الاجماع) ولبان مصدرها، وفيه بيان كونهم على ثلاث طبقات وهي:
الأولى: من أصحاب الإمام الباقر (ت / 114 ه) عليه السلام.
الثانية: من أصحاب الإمام الصادق (ت / 148 ه) عليه السلام.
الثالثة. من أصحاب الإمام الكاظم (ت / 183 ه) عليه السلام.
الثاني: في بيان عدد أصحاب الاجماع والاختلاف الحاصل بين العلماء في عددهم، وقد نقل المصنف في المقام كلمات الكشي، وابن داود، والمجلسي، والاسترآبادي، والحائري، والداماد، والكني.
الثالث. تفصيل موقف علماء الشيعة من هذا الاجماع، وقد ابتدأ بموقف الشيخ الطوسي - قدس سره الشريف - مؤكدا على تلقي الشيخ لهذا الاجماع بالقبول، وقد استدل على ذلك بوجوه نشير إليها اختصارا.
منها: ما ذكره السيد ابن طاووس من أن ما اختاره الشيخ الطوسي من رجال الكشي - الذي هو الأصل لهذه العبارة - يمثل مختاره ومرضيه ومقبوله، لأنه اختصر الكثير منه، فلا بد وأن يكون قد أثبت ما يراه صحيحا.
وقد يرد هذا الاستدلال بوجود روايات قدح في رجال الكشي بحق من وثقهم الشيخ في الرجال والفهرست، ولو كانت مرضية ومقبولة من قبل الشيخ لما كان لتوثيق من وردت بحقه معني غير التهافت، وهذا ما لا يقوله أحد. PageV0MP056
، ومنها: ما استفاده المصنف من كلام للشيخ الطوسي في عدة الأصول لدعم تلقي الشيخ لهذا الاجماع بالقبول.
ومنها: ما يخص رأي الشيخ في عبد الله بن بكير - وهو من أصحاب الاجماع - ودعوى الاجماع على تصحيح ما يصح عنه.
ثم بين المصنف موقف ابن شهرآشوب، والعلامة الحلي، وابن داود، والشهيدين الأول والثاني، في كلام طويل محيلا إلى كلمات غيرهم من الاعلام كبهاء الدين العاملي، والمحقق الداماد، والمجلسيين ، وصاحب الذخيرة، والكاظمي، والطريحي، وغيرهم من الاعلام.
الرابع: في بيان وجه حجية هذا الاجماع بعد وضوح عدم كون المراد منه هو الاجماع المصطلح الكاشف عن رأي الإمام المعصوم عليه السلام بأحد الوجوه المذكورة في محله.
ثم بين. المصنف - قدس سره - من ذهب من العلماء إلى أن هذا الاجماع دل - بالدلالة الالتزامية - على أن أصحاب الاجماع هم في أعلى حرجات الوثاقة، مؤكدا أن هذا القول إنما يتم فيما لو كان مفاد العبارة المنقولة عن الكشي (وثاقتهم) وأما على ما هو المشهور من كون المراد (صحة أحاديثهم) بالمعنى المصطلح عند القدماء فلا دلالة التزامية في المقام.
ولهذا اختار - قدس سره - في بيان وجه الحجية لهذا الاجماع هو اجماع الأصحاب على اقتران أحاديث (أصحاب الاجماع) بما يوجب الحكم بصحتها.
الخامس: حول تفسير عبارة. (تصحيح ما يصح عنهم) التي أطلقت في حق جماعة.
حاول المصنف استقصاء أقوال من سبقه من العلماء في مجال تفسيرها، وحصرها بأربعة أقوال، سنشير إليها في غاية الاختصار وهي: PageV0MP057
القول الأول: ويمثله المحقق الداماد، وخلاصته: عدم الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم ونسبته إلى أهل البيت عليهم السلام من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه، فالصحيح إذن هو الرواية لا المروي.
وقد رده المصنف ردا جميلا وذلك بتفسيره (ما) الموصولة في قولهم (ما يصح عنهم) بما يربطها بمتن الحديث لا سنده حتى تكون بمعنى صحة الرواية لا المروي.
القول الثاني لا: أنها لا تفيد أكثر من كون الجماعة ثفات، وقد نسب هذا القول إلى القيل في كلام الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني.
وناقشه المصنف بأن العبارة تختلف عن قولهم ثقة) مع وضوح التغاير والتباين بين مفاد قولهم والعبارة. ثم نقل كلمات كثير من الاعلام مرجحا ما قاله صاحب الفصول الغروية في المقام.
القول الثالث: المراد هو صحة ما رووه حيث تصح الرواية إليهم ولا يلاحظ ما بعدهم إلى المعصوم عليه السلام وهذا هو ما نسب إلى المشهور كما في الرواشح، وصرح به بهاء الدين العاملي، والوحيد البهبهاني، وحجة الاسلام الشفتي، وهو مما كان قد بنى عليه العلماء الأعلام كالعلامة وابن داود والشهيد الثاني والمجلسيين وغيرهم رضي الله تعالى عنهم.
القول الرابع: المراد هو توثيق الجماعة ومن بعدهم، وهذا القول والقول الثاني هما من فروع القول الثالث وهو قول المشهور الذي اختاره المصنف واستدل عليه بوجوه كثيرة لا مجال في تفصيلها.
ثم عرج بعد ذلك على توضيح معنى الصحيح عند القدماء مع بيان أمارات الصحة عندهم بما يستفاد منه الاطمئنان بدعوى انحصار مصطلح الصحيح في خير الثقة ولو من غير الامامي. وقد استدل بجملة من الأدلة على إثبات كون المناط في الصحة عندهم حالات نفس السند من غير PageV0MP058
ملاحظة اقترانه بأمر خارجي.
كما بحث المصنف في هذه الفائدة ما يفرق بين عمل القدماء بالحسن أو الضعيف مع الشهرة، بما يدل على أن هذين الصنفين من الحديث غير داخلين في الصحيح عندهم، وإنما سبب العمل بالضيف أحيانا هو لانجباره بالشهرة رواية كانت أو فتوى، إلا أنه اختار دخول الكثير من الأحاديث الحسان في قسم الصحاح عندهم على ما سيبينه في فوائد لاحقة.
رد المصنف في هذه الفائدة على من ذهب إلى نقد طريقة القدماء في حكمهم بالصحة على بعض الأحاديث بأسباب لا تقتضي بنظره ذلك.
كما رد أيضا على من تأمل في كون الصحيح بالمعنى المصطلح الجديد فردا من الصحيح بالمعنى الأعم مع احتماله الفرق بينهما.
وقد بحث المصنف أيضا عن القرائن التي يصير بها خبر الواحد حجة، وقسم تلك القرائن على قسمين:
القرائن الداخلية: ويعني بها الوثاقة بالمعنى الأعم، أو العدالة بالمعنى الأعم - أي: عدالة كل راو على مذهبه - ويعبر عنها تارة بالوثاقة بالمعنى الأعم، وأخرى بالمعنى الأخص، فيدخل فيها الايمان على اختلاف المذاهب، وغيرها من التثبت والضبط.
والقرائن الخارجية: وهي مطابقة الخبر لأكثر ما في الأصول الثابتة، أو كثرة رواة الخبر وغير ذلك مما تقدمت الإشارة إليه في الفوائد السابقة.
ثم فرق بينهما على أساس اتصاف الراوي بالأولى، ودخول خبره في صنف الحجة بما يمكن الحكم بصحة حديثه من جهتها مطلقا.
بخلاف الثانية التي لا يمكن الحكم بصحة حديث الراوي إلا بعد الوقوف على اقترانه بها؟ لأنها أوصاف لنفس الخبر ولا يمكن تصحيحه دون اتصافه بها، وقد جعل بحثه عن تلك القرائن تمهيدا للقول بأنه لو صحت PageV0MP059
أعمية صحيح القدماء فإنه لا يكون من جهة القرائن الخارجية وإنما من جهة القرائن الداخلية للخبر، وذلك لوجهين.
أحدهما: حكم الأصحاب بصحة كل ما صح عن أصحاب الاجماع من غير تخصيص بشئ.
الاخر: إن جل الأحاديث تنتهي إلى أصحاب الاجماع، وفي هذا الوجه مقارنة لطيفة بين ما وصل للشيعة من أحاديث أهل البيت عليهم السلام وبين ما قاله أصحاب الأئمة عليهم السلام في عدد ما يحفظون من أحاديثهم. ثم نقل بعضا من كلمات الأوائل - قدس سرهم بما يدعم به هذا الوجه، حتى انتهى به البحث إلى اختيار دلالة ما ذكر عن أصحاب الاجماع على وثاقتهم ووثاقة من بعدهم إلى المعصوم عليه السلام مطابقة أو التزاما على مسلك المشهور، ثم نبه على أمور ثلاثة:
الأول: في بيان المراد من الوثاقة المستفادة من الاجماع، ودلالة الاجماع عليها.
الثاني: تأكيد كون أعاظم أصحاب الأئمة عليهم السلام لا يفتون ولا يقولون شيئا ما لم يسمعوه منهم عليهم السلام.
الثالث: في ذكر جماعة من الثقات - دون أصحاب الاجماع - وصف حديثهم بالصحة، مع بيان دلالة قولهم. صحيح الحديث. PageV0MP060
الفائدة الثامنة في ذكر أمارة عامة لوثاقة المجهولين من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام هذه الامارات العامة التي اعتمدها المصنف كثيرا في توثيق ما لم يوثق من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في كتب الرجال الواصلة إلى عصره، وأفرد لها هذه الفائدة، خلاصتها ما قام به الشيخ الثقة الجليل القدر والعظيم المنزلة أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الكوفي أبو العباس المعروف بابن عقدة الزيدي الجارودي الحافظ (249 - 333 ه) من تأليف كتاب ضخم في الرجال جمع فيه من ثقات أصحاب الإمام الصادق عليه السلام أربعة آلاف رجل، مع التنصيص منه على وثاقتهم، وقد وردت الإشارة إلى كتاب ابن عقدة في سائر كتب التراجم القديمة والحديثة.
بيد أن المذكور من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ (ت / 460 ه) - وهو أوسع كتاب رجالي في تسمية أصحاب الأئمة عليهم السلام بحسب الأبواب - هو أقل مما ذكره ابن عقدة ونص عليه سائر العلماء، حيث بلغوا في رجال الشيخ (3224) ثلاثة آلاف ومائتين وأربعة وعشرين راويا، من بينهم أربعة عشر رجلا ممن لم يسم (روى بواسطة عن الإمام الصادق عليه السلام) وثلاث عشرة امرأة من النساء الراويات عنه عليه السلام هذا مع عدم مراعاة المكرر ذكره منهم أو المتحد مع غيره.
وهذا العدد يقل عما ذكره ابن عقدة بسبعمائة وستة وسبعين اسما.
إلا أن ما أحصاه المصنف من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ، يقل عما ذكرناه بمائة وأربعة وسبعين اسما، وقد يؤول هذا PageV0MP061
الفارق إلى إسقاطه من لم يسم منهم، مع حذفه المكرر والمتحد مع غيره.
وإذا علمنا أن الشيخ الطوسي لم ينص على وثاقة كل من ذكره بل اقتصر على عدد قليل منهم، وترك أغلبهم حتى صاروا بحكم المجهولين في الظاهر، بل وضعف عددا آخر منهم مع ضياع كتاب ابن عقدة - وهذا مما يؤسف عليه حقا ويحز في النفوس ألما مع أنه ليس الكتاب الرجالي الأول المنقود - أصبح الوقوف عند هذه الامارة، وإطالة النظر في مؤداها، وإجالة الفكر في مفادها من المطالب الرجالية المهمة عند علماء هذا الفن ومنذ أمد بعيد يكاد يقترب من عصر ابن عقدة نفسه.
حيث وردت الإشارة إليها تلميحا أو تصريحا في كثير من كلمات الاعلام - رضي الله تعالى عنهم - كالشيخ المفيد، وشيخ الطائفة، ومحققها وعلامتها الحليين، وابن شهرآشوب، والشيخ محمد بن علي الفتال، والسيد النيلي، والشهيد الأول، والشيخ حسين والد الشيخ. البهائي، والتقي المجلسي، والمحقق الداماد وغيرهم مما فصله المصنف في هذه الفائدة، وقد استفاد من مجموع كلماتهم - زيادة على ما حققه في المقام - وثاقة جميع من ذكره الشيخ في باب أصحاب الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام.
ثم بين المصنف موقف الشيخ النجاشي الرجالي الشهير من كتاب ابن عقدة، وما ذكره في كتابه - المعروف برجال النجاشي - من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام مع إشارته في تراجم الكثير منهم إلى وثاقتهم عند ابن عقدة والاخذ بهذا التوثيق.
كما بين أيضا موقف شيخ الطائفة من هذا الكتاب، مشيرا إلى أن ما ذكره الشيخ قد اخذ من كتاب ابن عقدة حرفيا.
ثم ذكر بعد ذلك اعتماد المحقق الداماد على هذه الامارة وتصريحه PageV0MP062
بوثاقة ما لم يوثقه الشيخ، ناقلا كلامه في مجال معرفة المجاهيل، وطعنه بمن يضعف الرجال لأوهى الأسباب ومن غير تحصيل، وقد أيده المصنف غاية التأييد.
ثم نبه على أمور مهمة، نشير إليها باختصار وهي:
الأول. في بيان كيفية استقصاء أصحاب الأئمة عليهم السلام وطريقة العلماء في ذلك، وقد حقق المصنف سبب النقص الحاصل في عدد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ عما هو عليه في رجال ابن عقدة وانتهى إلى نتائج مهمة حرية بوقوف الباحثين - من ذوي الاختصاص - عليها.
الثاني: في مجال تزكية العدل الامامي لغيره من غير تعرضه أو غيره لمذهبه، كقوله: (فلان ثقة) مع بيان دلالة هذه الكلمة، وعلاقتها بقول سائر العلماء بأن ابن عقدة الحافظ جمع أربعة آلاف ثقة من أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام.
كما سلط الأضواء على توثيق المزكي العادل غير الامامي لعلاقة ذلك بابن عقدة نفسه لكونه زيديا جاروديا، وناقش من يستشكل على هذا التوثيق أو يتوقف عن الاعتماد عليه، وقد أجاد في مناقشته معتمدا على وجوه في الرد بسط القول فيها، مع الاستفادة الملحوظة من أقوال العلماء، ومن توثيقات شيخ الرجاليين النجاشي ذات العلاقة بتوثيقات ابن عقدة بما يستخلص منها حصول الوثوق والاطمئنان بخبر من وثقه ابن عقدة، وفي هذا - على رأي المصنف - كفاية لمن اقتصر في الحجة من الاخبار بالموثوق بصدورها من جهة السند.
الثالث: وهو من أهم ما ذكره من الأمور التي ود التنبيه عليها، لتعلقه بمسألة تعارض الاخذ بهذه الامارة مع تضعيفات الشيخ الطوسي - قدس سره PageV0MP063
الشريف - لعدد من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في كتابيه: الرجال والفهرست.
وقد أجاب المصنف عن تضعيفات الشيخ بوجوه ثلاثة هي باختصار:
1 - سلامة المقدمات التي توصل بها إلى هذه الامارة، ولا يضر حينئذ خروج بعض الافراد منها، ولو لم يصح الاخذ بهذه الامارة لكان شذوذ فرد من قاعدة يعد نسفا لها، وهذا ما لم يقل به أحد.
2 - حمل معنى الضعف بما لا ينافي الوثاقة عند المتقدمين، أما ما كان من الضعف منافيا لها بشكل لا يحتمل التأويل كما هو الحال في أبي الخطاب مثلا فقد فصل جوابه في الوجه الثالث.
3 - اختلاف الموثق مع الجارح تبعا لاختلاف حال الراوي، بمعنى: نظر الموثق إلى الراوي في أيام استقامته فوثقه، ونظر الجارح إليه في أيام اعوجاجه وانحرافه عن الحق فضعفه. PageV0MP064
الفائدة التاسعة في الاخبار الحسنة والألفاظ الدالة على التوثيق وأمارات الوثاقة تعرض المحدث النوري - رحمه الله تعالى - في هذه الفائدة إلى بحث مهم قلنا اعتنت به كتب الدراية قبله، ألا وهو كيفية اقتراب الحديث الحسن من الحديث الصحيح، مع مراعاة موقف المتأخرين الذين قالوا بعدم حجية الحسن لاشتراطهم في حجية الخبر عدالة رواته. مع بحثه عما دل من الألفاظ على التوثيق، وكشف النقاب عن الامارات الدالة على الوثاقة.
وقد مهد المصنف لبيان حقيقة هذه المسائل بأمرين مهمين، وهما:
الأول: اختلاف العلماء في معنى العدالة الشرعية واتفاقهم على ترتيب آثارها بحق من ثبت حسن ظاهره.
الثاني: اتفاق أهل الدراية على دلالة بعض ألفاظ التعديل وبعض ألفاظ المدح، وعدهم الحديث من جهة من قيل بحقه لفظ تعديل متفق عليه صحيحا، وحسنا إن كان اللفظ المتفق عليه لفظ مدح. هذا مع تصريحهم بأن مثل (شيخ الطائفة) أو (عميدها) أو (رئيسها) ونحو ذلك من الألفاظ إنما تستعمل للمشاهير من أقطاب المذهب ممن يستغني عن التوثيق.
ثم تعرض بعد ذلك إلى عدهم حديث بعض الأعاظم حسنا، متخذا من الشيخ إبراهيم بن هاشم القمي مثالا على ذلك، لعدم النص عليه بالوثاقة بل بالمدح المعتد به. وقد ناقش هذا المدح مبينا عدم تخلفه عن حسن الظاهر بستر المعاصي واجتناب الكبائر وأداء الفرائض والاستقامة في القول والفعل مما يعد كاشفا عن الملكة. كما ناقش بعض ألفاظ المدح الأخرى PageV0MP065
مؤكدا عدم صلاحية اطلاقها على غير من حسن ظاهره كقولهم: (صالح)، (زاهد)، (شيخ جلي) ونحوها.
ثم خلص إلى أن عدم الطعن فيمن وصف بواحد منها مع ذكره في جملة حملة الشريعة ورواة الشيعة يزيد في حسن حديثه ويكشف عن حسن سيرته ونقاء سريرته.
ثم بحث بعد ذلك مسألة مهمة للغاية، وهي عدم تفريق بعض العلماء في مقام العمل وفي موارد الترجيح عند التعارض بين من مدح ومن وثق صراحة، مؤكدا عدم تقديمهم الصحيح على الحسن عند التعارض، ممثلا بما دأب عليه الشيخ في التهذيب والاستبصار من الجمع بين المتعارضين من غير طعن في سند الحديث الحسن أصلا.
ولهذا يرى المصنف - قدس سره - ان توصيفهم لبعض بالوثاقة ولآخر بالصلاح، ولثالث بالزهد أو الديانة مثلا إنما هو لتفننهم في التعبير.
ولقد ساق أمثلة كثيرة ممن قيل بحقهم مثل هذه الألفاظ في أهم كتب الرجال الشيعية على الاطلاق، مع اتفاق سائر العلماء على وثاقتهم وجلالتهم وعلو منزلتهم ومكانتهم في هذه الطائفة، كما هو الحال في زرارة، وأبان بن تغلب والبزنطي وأضرابهم.
أما عن اكتفاء بعضهم بكلمة (عظيم المنزلة) ونظائرها في مجال التوثيق ضد استفاد منه - بعد أن نقل كلماتهم - إمكانية اتحاد اصطلاح القدماء مع اصطلاح المتأخرين في (الصحيح) من جهة، وأعمية صحيح القدماء من جهة دخول الحديث الموثق فيه أيضا.
ثم أكد بعد ذلك على ضوابط التصحيح والتحسين والتضعيف، والنظر إلى أصول هذا الفن، والتأمل في ألفاظ المدح، والنظر في مداليلها وما اقترنت بها من أمور يستشف منها حسن الظاهر الكاشف عن الملكة، وبهذا PageV0MP066
يصير الممدوح ثقة، والخبر الحسن صحيحا.
ثم عطف الكلام إلى تبيين مثل هذه القرائن التي سبق وأن بحثها تفصيلا فيما سبق من فوائد مشيرا إليها في هذه الفائدة على وجه الاجمال مبينا من أخذ بها من العلماء.
ثم كشف النقاب عن الرواية عن الضعفاء في عرف القدماء ، وكيف انهم كانوا يعدونها من أعظم المطاعن وذلك بأدلة كثيرة استخرجها من تراجم العلماء، ثم ضرب أمثلة أخرى على من عدت أحاديثه حسنة ووردت في حقه من الأوصاف الجليلة التي لا تنفك عن الوثاقة بل حسن الظاهر أيضا.
ومن هنا نعى المصنف - قدس سره - تقسيم الحديث إلى أقسامه المعروفة، إذ حكموا من خلال هذا التقسيم على حسن أكثر الصحاح وأخرجوها عن دائرة الحجية مع ثبوت احتجاج من سبقهم بها.
لقد حاول المصنف - قدس سره - في هذه الفائدة أن يفتح نافذة على تقسيم الحديث عند المتأخرين، ليطل الباحثون من خلالها على هذا المصطلح الجديد وينظروا ما فيه وعلى ضوء ما طرحه من مفاهيم. PageV0MP067
الفائدة العاشرة في استدراك ما فات الوسائل من الثقات والممدوحين هذا هو العنوان الذي اختاره المصنف - رحمه الله تعالى - لهذه الفائدة التي سجل فيها ثلاثة آلاف وأربعمائة وتسعة وعشرين اسما لتكون مكملة لما سجله الشيخ الحر - رحمه الله تعالى - في الفائدة الأخيرة من فوائد خاتمة الوسائل، وإن لم يجر المصنف فيها على منهج الشيخ الحر كما سترى.
وقبل بيان ما يتعلق بهذه الفائدة من أمور يحسن إذ رجوع بالقارئ العزيز إلى الفائدة الثانية عشرة والأخيرة من فوائد وسائل الشيعة، ومن ثم تسليط الضوء على منهج المصنف في هذه الفائدة، لكي يتضح عن كثب طبيعة الاستدراك المسجلة هنا فنقول:
خصصت الفائدة الثانية عشرة من فوائد خاتمة وسائل الشيعة لذكر أحوال رجال السند بغض النظر عن وقوعهم في أسانيد الوسائل أولا، وهذا هو ما صرح به الشيخ الحر في أول الفائدة المذكورة حيث قال: (وإنما نذكر هنا من يستفاد من وجوده في السند قرينة على صحة النقل وثبوته واعتماده).
ولم يقصد الشيخ الحر ذكر ما في كتب التراجم الشيعية من الاعلام، ولا جميع من ذكر في كتب الرجال من الثقات والممدوحين، بل اكتفى ببعض من ذكر في أسانيد كتب الشيعة دون البعض الاخر، حسبما بينه من قرائن وأمارات وأسباب التوثيق والاعتماد، التي قد تنطبق على الكثيرين جدا ممن ليس لهم في فائدة الوسائل عين ولا أثر، فهو قد أعطى ضابطة كلية - إن صح PageV0MP068
التعبير - لمعرفة الرواية المقبولة سندا ولم يرد احصاء الموارد التي تنطبق عليها هذه الضابطة.
ويدلنا على ذلك ما جاء في الفائدة المذكورة من أمور وهي:
1 - قوله في أول الفائدة المذكورة: (لكني لم أذكر كل أصحاب الكتب) - وإذا ما علمنا أنه ضبط في آخر الفائدة الرابعة ما يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب من كتب الشيعة - وان جميع ما ذكره من أسماء في الفائدة المذكورة من أصحاب الكتب وغيرهم لا يزيد على الف وخمسمائة اسم، اتضح لنا ان الشيخ الحر ليس بصدد الاحصاء في الفائدة الأخيرة.
2 - ما ذكره عن الشهيد الثاني من وثاقة جميع رواة حديث الشيعة الذين كانوا في زمن الشيخ. الكليني، والذين من بعده إلى زمن الشهيد الثاني، وهذا هو اختيار الشيخ الحر ومرضيه إذ لم يتعقبه بشئ، ولا شك أن عدد رواة الشيعة في تلك الفترة - وهي تزيد على ستة قرون أكثر مما سجله الشيخ الحر العاملي من أسماء الثقات والممدوحين في الفائدة الأخيرة التي ضمت بعض أسماء المتأخرين عن عصر ثقة الاسلام لا كلهم.
3 - تصريحه بوثاقة أربعة آلاف رجل من أصحاب الصادق عليه السلام، والموجود في رجال الشيخ الطوسي - حسبما أحصيناه - ثلاثة آلاف ومائتين وأربعة وعشرين اسما في باب أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، وما ذكره الشيخ الحر في الفائدة الأخيرة من الوسائل من أصحاب سائر الأئمة عليهم السلام وغيرهم ممن لم يدرك ذلك العصر البهي هو أقل من نصف العدد المذكور في باب أصحاب الإمام الصادق عليه السلام من رجال الشيخ.
هذا فضلا عن استثناء من ضعف من الرواة مع من لم تنطبق عليه موجبات الاعتماد والتوثيق. PageV0MP069
ومن خلال قراءتنا التفصيلية لما ورد في هذه الفائدة من أسماء خرجنا بجملة وافرة من النتائج لعل أولاها بالذكر هنا هو أنا وجدنا الشيخ النوري أراد بهذه الفائدة تعميم النفع والفائدة، ذلك بإحصاء ما في كتب الرجال والتراجم وغيرها من أسماء الثقات والممدوحين من الذين لم يسجلهم الشيخ الحر عن علم مؤكد بأكثرهم إن لم يكن بجميعهم، مع عدم الالتزام بمنهج الشيخ الحر الذي يجب مراعاته في الاستدراك المصطلح وهو نظر المتأخر - في استدراك ما فات على المتقدم - إلى منهج صاحب الأصل والكيفية التي سار عليها في تدوينه.
وقد بينا أن من منهج الشيخ الحر في فائدة الوسائل الأخيرة هو الاقتصار على ذكر بعض من له رواية ووثق أو مدح في كتب الرجال مع ترك الأكثر منهم من دون الالتفات إلى ما في كتب التراجم من الاعلام.
ومن هنا نرى ان في عنوان فائدة المستدرك مسامحة ظاهرة، وقد يكون المصنف - رحمه الله تعالى - ملتفتا إليها إذ لم يذكر مثلا عبارة: (ما غفل عنه الشيخ الحر) أو: (ما لم يطلع عليه) ونحوهما مما مر في الفائدة الأولى وغيرها، بل قال في مقدمة هذه الفائدة: " ما لم يذكره " وعدم ذكر الاسم - مع لحاظ منهج الشيخ الحر - له مسوغات كثيرة لا تدل على الغفلة.
وبعد بيان منهج الشيخ الحر - رضي الله تعالى عنه - في الفائدة الأخيرة من الوسائل، وعلاقة تلك الفائدة بعنوان ما نحن بصدده، آن الأوان للحديث عن أهم الأمور التي تضمنتها هذه الفائدة مبتدئين بمنهج النوري - رحمه الله تعالى - في التوثيق والتحسين وعلى النحو الآتي.
أولا: منهج المصنف في التوثيق والتحسين:
لم يختلف منهج المصنف عن منهج الشيخ الحر كثيرا في مجال اعتماد القرائن والامارات الكلية في التوثيقات الرجالية العامة، وقد بين PageV0MP070
المصنف جملة منها في أول الفائدة محيلا إلى ما سيذكره منها في تراجم الرواة في هذه الفائدة ويمكن إجمالها جميعا بما يأتي:
1 - كون الراوي من مشايخ علي بن إبراهيم بن هاشم القمي في تفسيره.
2 - كونه من مشايخ ابن قولويه في كامل الزيارات.
3 - كونه من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ الطوسي.
4 - رواية أحد الثلاثة عنه وهم: ابن أبي عمير، والبزنطي، وصفوان.
5 - رواية أحد أصحاب الاجماع عنه على ما هو المشهور.
6 - رواية الاجلاء المتفق على أمانتهم ووثاقتهم عنه.
7 - رواية جعفر بن بشير، أو محمد بن إسماعيل الزعفراني عنه.
8 - كون الراوي من مشايخ النجاشي.
وقد سبق للمصنف وان أفاض بشرح هذه القرائن والامارات وأقام مختلف الأدلة على اعتمادها، وأفرد لبعضها فوائد مستقلة كما هو الحال في الفوائد السابعة، والثامنة، والتاسعة.
هذا وقد عثرنا على أمور أخرى استفاد منها المصنف في توثيقاته الرجالية، سنشير إليها جميعا وندل على مكان واحد من أماكن ورودها، وعلى النحو الآتي:
1 - اعتماد كتب الرجال في التوثيق كرجال النجاشي كما في الترجمة (597) وقد يبين مستند العلماء في توثيقاتهم وأخذه بها كما في (150) وغيره.
2 - اعتماد كتب الحديث في التوثيق والتحسين، إذ استخرج منها الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام وفيها نوع مدح وثناء بحق PageV0MP071
من ترجم له كما في (317) وكثير غيره.
3 - اعتماده مشيخة الإجازة في التوثيق كثيرا كما في (361) وغيره.
4 - اعتبار رسائل الأئمة عليهم السلام إلى ولاتهم وغيرهم من دلائل الوثاقة والأمانة كما في (2252).
5 - عده طعن أهل السنة برواة الشيعة دليلا على وثاقتهم، لان من آية جلالة الراوي الشيعي وأمانته وشدة ملازمته لأهل البيت عليهم السلام تضعيف العامة إياه وعده من غلاة الشيعة، كما في (479) وكثير غيره.
6 - الاستفادة من اتحاد الراوي مع غيره تعارض التضعيف مع التوثيق، ومن التعدد الوثاقة كما في (1933).
7 - إثبات الوثاقة من السند والتشيع من المتن، كأن يكون الراوي عنه من الاجلاء كما تقدم في الامارات المتقدمة، وأن يكون المروي فيه فضيلة أو منزلة تثقل روايتها على صدور مبغضي الال عليهم السلام كما في (2025) وكثير غيره.
8 - اهتمام علماء الرجال بذكر أمور دقيقة في ترجمة الراوي كذكرهم صلاة أحد الاجلاء عليه عند وفاته يكشف - عنده - عن كونه من كبار مشايخ الإجازة كما في (2458).
9 - التصرف في عبارات التوثيق الواردة في تراجم البعض بكتب الرجال والتي يمكن إرجاعها إلى غير صاحب الترجمة، وجعلها نصا فيه، كما في (432).
10 - اعتماد الوكالة وترضي المشايخ على أحد الرواة، وترحمهم عليه في مجالات التوثيق والتحسين كثيرا.
11 - قولهم في حق أحد الرواة: (صحيح الحديث) أمارة من أمارات التوثيق عنده كما في (2813) وغيره. PageV0MP072
على أن بعض هذه الأمور لم يعتمدها الشيخ الحر في توثيقاته الرجالية.
ثانيا. منهجه في التصنيف والاستدراك:
اتبع الشيخ النوري - رحمه الله تعالى - منهجا واضحا في تصنيف هذه الفائدة وطريقة ثابتة في الاستدراك، ويمكن إجمال هذا المنهج بالأمور التالية:
1 - عدم ذكر من ذكره الشيخ الحر العاملي - رحمه الله تعالى - في الفائدة الأخيرة من الوسائل ووثقه.
2 - بيان وثاقة من ذكره الشيخ الحر ولم يذكر من وثقه أو مدحه.
3 - ترتيب الرواة بحسب الأسماء لا الحروف مع عدم العناية بترتيب الاباء، وجعل أسماء الرواة في أبواب حيث ابتدأ بباب الألف ثم باب الباء وهكذا إلى باب الياء، ثم أفرد بابا للكنى، ثم بابا لمن صدر بابن، وأخرى في النسب واللقب.
4 - من ذكرهم من الرواة في باب النسب واللقب لم يبين حالهم من الوثاقة غالبا لمرور أكثرهم في الأبواب المتقدمة في الأسماء، والظاهر أنه أراد وقوف القارئ على أسمائهم، إذ بين المصنف أسماء أصحاب الألقاب.
5 - مراعاة الاختصار والايجاز في التراجم غالبا.
6 - الاكتفاء بذكر أمارة واحدة - في الأعم الأغلب - على وثاقة الراوي.
ثالثا: مصادره في هذه. الفائدة:
أما عن مصادر الشيخ النوري في هذه الفائدة فهي كثيرة ومتنوعة إذ لم يقتصر فيها على كتب الرجال والحديث، وإنما استفاد من كتب أخرى ككتب التفسير، والعقائد، والتاريخ، والفضائل وغيرها. PageV0MP073
ويمكن القول بأن أهم الكتب التي اعتمدها في هذه الفائدة على الاطلاق هو كتاب الرجال للشيخ الطوسي - قدس سره الشريف - إذ اقتبس منه معظم ما في هذه الفائدة من أسماء.
هذا ولم تنحصر استفادة المصنف من كتب الشيعة فحسب، بل استفاد أيضا من كتب أهل السنة في كثير من المواضع، لا سيما في تعيين الوفيات أو بيان الاتحاد والاشتراك في الأسماء، ونحو ذلك.
رابعا: نوعية الاستدراك:
مر أن المصنف لم يراع منهج الأصل المستدرك عليه في هذه الفائدة وان اتبع سائر القرائن والامارات الكلية في التوثيق المعتمدة في خاتمة الوسائل، وأضاف لها أمورا أخرى لم تعتمد في توثيقات الشيخ الحر - رحمه الله تعالى -.
ومن استعراض طوائف الأسماء المستدرك بها في هذه. الفائدة يتضح لنا أن المراد هو تعميم الفائدة لا أكثر وليس المراد بتسجيلها هو الاستدراك المتبادر عرفا كما مر.
وفيما يأتي صورة شاملة لطوائف الأسماء المسجلة في هذه الفائدة، وعلى النحو الآتي.
1 - الاستدراك بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وخباب بن الأرت وعثمان بن مظعون، وهند بن أبي هالة ابن خديجة الكبرى عليها السلام - وهو ربيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وغيره هم من الصحاب رضي الله تعالى مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -.
2 - الاستدراك بأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأم أيمن PageV0MP074
- رضي الله تعالى عنها -.
3 - الاستدراك بأولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - صلوات الله وسلامه عليه - كمحمد بن الحنفية - رضي الله تعالى عنه - أو بأصحابه الذين لازموه وتفانوا فيه أو استشهد بعضهم بين يديه عليه السلام. وهم كثر، نذكر منهم: جارية بن قدامة، وثعلبة بن عمر، وأبا عمرة الأنصاري، وحذيفة ابن أسيد وهو من الصحابة أيضا، وأبا الجوشاء وهو صاحب رايته عليه السلام يوم خرج من الكوفة إلى صفين، وأبا جند بن عمرو وهو الذي عقر الشيطان (أعني: جمل عائشة) في البصرة، وابن النباح مؤذنه عليه السلام الذي كان يقول في أذانه: حي على خير العمل.
4 - الاستدراك بليوث العرين، والصفوة من العباد المؤمنين، والخيرة من أصحاب الأئمة الميامين عليهم السلام من الذين ذبوا عن حرم آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وضحوا بأرواحهم بين يدي خامس أصحاب الكساء عليه الصلاة والسلام في صبيحة عاشوراء، وضربوا باستشهادهم يوم الطف أروع أمثلة التضحية والفداء في سبيل العقيلة والمبدأ، كزاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي الشهيد في الحملة الأولى، وشوذب مولى شاكر، وعابس بن شبيب، وأبي ثمامة الأنصاري الذي لم ينس الصلاة في لحظات عمره الأخيرة حتى قال له الحسين عليه السلام. (ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين) ومن نصر الحسين عليه السلام حيا وميتا مسلم بن عوسجة، ومن رفض الذل والهوان، وأبى إلا أن يعيش حرا، يمضي سعيدا هاني بن عروة صاحب المقام المحمود، ولمقامه الشريف زيارة مأثورة معروفة لدى الشيعة، وهو من شهداء الحق والفضيلة عند الله سبحانه.
ثم إن المصنف - رحمه الله - قد استدرك بهذه الفائدة بينبوع الوثاقة ومعدن العلم والحكمة والفضيلة، وجبل الكرامة، حامي بيوتا مطهرة أذن الله PageV0MP075
لها أن ترفع ويذكر فيها اسمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام.
وهل يصح أن يغفل الشيخ الحر مثل مسلم فيستدرك به عليه؟ وهل ترك ابن عقيل سلام الله فضيلة لغيره أو مكرمة لسواه. من غير أهل البيت عليهم السلام حتى ينسى؟
ان الأقرب إلى الحق والصواب هوان المصنف رام بتسجيل هذه الأسماء الزكية الافتخار بأن هكذا عندنا نحن معاشر الشيعة من عيون ا لرجال.
5 - الاستدراك بأصحاب سائر الأئمة عليهم السلام وأكثر من ذكر منهم هم أصحاب الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام.
6 - الاستدراك بمن تأخر عن عصر آخر الأئمة عليهم السلام من رواة الشيعة الإمامية.
7 - الاستدراك بثقات الفرق المنحرفة عن الخط الامامي كثقات الفطحية والواقفية وغيرهم.
8 - الاستدراك بالنساء الراويات كما في التراجم (235) و (236) و (237) و (238) و (239) و (871) و (7190) و (2300). وغيرها.
9 - الاستدراك بأعلام أهل السنة كمالك بن أنس، ومحمد بن مسلم ابن شهاب الزهري، وابن أبي ليلى القاضي المعروف، ومقاتل بن سليمان، وغيرهم.
10 - الاستدراك ببعض الضعفاء، والدفاع عنهم - مع الأسف - كاستدراكه بمنخل بن جميل، ويونس بن ظبيان وغيرهما.
ولعل ما سجله من أسماء بما مر في الفقرتين الأخيرتين هو مما لا يؤيده عليه أحد من أعلام الشيعة. PageV0MP076
خامسا: الردود والمناقشات رد المصنف في هذه الفائدة على الكثير من علماء الرجال، كما ناقش البعض منهم مناقشات مطولة أحيانا في تراجم معدودة، وتعجب واستغرب من طائفة أخرى من العلماء نتيجة لحكمهم بعدم الوثاقة على بعض الاعلام الذين وثقهم المصنف في هذه الفائدة، ولقد كان الحق معه في أغلب هذه الردود والمناقشات، لأنه قد اعتمد في أغلبها على أدلة قوية استخرجها من مصادر شتى رجالية وغيرها، إلا أنه أخفق في بعضها لا سيما فيما يتعلق بالضعفاء المجمع على ضعفهم تقريبا، وفيما يأتي جملة مختصرة من هذه الردود والمناقشات.
1 - رد نسبة الغلو إلى بعض الرواة، ومناقشة من اتهمهم بذلك مع الاضطرار إلى التوسع في تراجم من اتهم بالغلو وبيان حاله وإثبات خلو أقواله وما رواه من رائحة الغلو، ورجوع من غلا إلى الحق وحسن حاله وصحب الأئمة من آل البيت عليهم السلام كما في (1363) وغيره.
2 - رد نسبة وضع كتاب سليم بن قيس الهلالي إلى أبان بن أبي عياش بجملة من الأمور حاول اختصارها كما في (4) لما مر منه في الفائدة الثانية من تفصيل حال هذا الكتاب وإثبات نسبته إلى مؤلفه.
3 - رد نسبة الوقف إلى بعض الرواة كما في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر برقم (18) وغيره.
4 - الرد على ابن الغضائري كثيرا في التراجم كما في (2510) و (1363) و (1280) وعلى جميع من وافقه من الرجاليين كما نراه في ترجمة الفتح بن يزيد، وعده ما جاء في كتبهم من الأوهام.
5 - مناقشته للنجاشي والعلامة في ترجمة صالح بن سهل الهمداني PageV0MP077
مع الإطالة في بيان حاله وتبرئته مما قذف به.
6 - الرد على الكشي في ترجمة الصحابي عبد الله بن مسعود، مع التعجب ممن اقتصر من الرجال في ترجمته على ما في الكشي.
7 - الرد على الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي كثيرا والتعجب منه أحيانا كما في ترجمة طرماح بن عدي برقم (1412)، وترجمة عقيل بن أبي طالب برقم (1824)، وكذلك الحال في التراجم (2491) و (2391) و (2421) وغيرها.
8 - الرد على العلامة المجلسي والتعجب مما ذكره في الوجيزة بحق بعض الرواة كما في (2392) و (2328) و (1417) و (1824)، وغيرها.
9 - الرد على الشيخ أبي علي الحائري ردا مشوبا بالتحامل كما في (2267) و (2608).
10 - مناقشته للسيد صاحب المدارك كما في الترجمة (2391).
11 - الرد على جميع الرجاليين تقريبا في ترجمة يونس بن ظبيان برقم (3260) والإطالة في ترجمته أكثر من غيره، وفي جميع ما ذكره من أدلة اختلاف واسع يظهر منه الاتفاق على تضعيفهم ليونس بن ظبيان.
12 - الرد على نسبة التسنن إلى بعض الرواة والتأكيد على تشيعهم بمختلف الأدلة كما في (973) وغيره.
13 - الرد أحيانا على من ذهب إلى الاتحاد بين راويين مع اختيار التعدد كما في (2054).
سادسا: التنبيهات في التراجم الرجالية:
من خلال تتبعنا لجميع ما ذكره المصنف - رحمه الله تعالى - في هذه.
الفائدة، وقفنا على جملة من التنبيهات المهمة نعرضها على النحو الآتي:
1 - التنبيه على تعدد الرواة مع اتحادهم في الأسماء كما في (521) PageV0MP078
(843) وغيرهما.
2 - تصحيح الأسماء المصحفة كما في (2726) وغيره.
3 - التنبيه على المشتركات والإطالة فيها أحيانا كما في (721) و (725).
4 - الإشارة إلى الأخطاء الحاصلة في التراجم لدى بعض العلماء كما في (3171) وغيره.
5 - التنبيه على بعض النكات المهمة في التراجم، منها ما يتعلق برواية الأئمة عليهم السلام عن جدهم صلى الله عليه وآله وسلم فإن كان المخاطب من أهل السنة حدثوه بلغة الاسناد، بخلاف ما لو كان من شيعتهم، لما بينهما من فارق الاعتقاد بمنزلة أهل البيت عليهم السلام.
6 - التنبيه كثيرا في توثيقاته للرواة على وجود من سبقه في توثيقهم أو عدهم من الممدوحين.
7 - التنبيه على اختلاف النسخ الرجالية أو الحديثية، وخطأ النساخ وتحريفاتهم وتصحيفاتهم، وقد أكثر المصنف من هذه التنبيهات المهمة، نشير إلى بعضها اختصارا.
أ - التنبيه على وجود كلمة (ثقة) في رجال العلامة بحق صاحب الترجمة (367)، ولا وجود لها في معظم النسخ الأخرى، وقد تكرر ذلك في تراجم أخرى كما في (1697) و (428) وغيرهما.
ب - التنبيه على عدم وجود كلمة (ثقة) في نسخته من كتاب رجالي بخط مؤلفه، مع وجودها في النسخ الأخرى لهذا الكتاب ونقل العلماء لها منه أيضا كما في (745) ولهذا نراه لا يعتمد على هذا التوثيق بل يستظهره من وجوه أخرى.
ج - التنبيه على جودة ما اعتمده من النسخ الخطية، كنسخته من PageV0MP079
كتاب رجال النجاشي المكتوبة في عهد مؤلفه كما قال في (678)، أو نسخة من كتاب التهذيب صحيحة جدا كما قال في (1592) وغير ذلك.
د - التنبيه على اختلاف النسخ الرجالية في ضبط ألقاب الرواة كما في (869) أو الأسماء كما في (2047).
ه - التنبيه على الاختلاف الحاصل بين كتب الحديث وكتب الرجال في أسماء الرواة كما في (1692) و (3313) و - التنبيه على تصحيفات النساخ وتحريفاتهم بماله علاقة مباشرة في التوثيق أو التجريح كما في (728)، أو بماله علاقة في ازدياد طبقات الرواة كتحريفهم (ابن) إلى (عن) كما في (3374) وغيرها من التحريفات والتصحيفات.
سابعا: أمور أخرى:
هناك بعض الا مور الأخرى التي وقفنا عليها في هذه الفائدة نذكر منها 1 - ذكره طرفا من أخبار المترجمين في هذه الفائدة ومدى اتصالهم بأهل بيت العصمة عليهم السلام كما في جعده بن هبيرة ابن أخت أمير المؤمنين عليه السلام (398) الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: إنما لك هذه الشدة في الحرب من قبل خالك! فقال له جعدة: لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك.
كما يذكر الكثير من فضائلهم لا سيما إذا كانوا من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في (276) و (1191) و (1421) وغيرها.
2 - يذكر ما جرى لبعض الرواة مع الأئمة عليهم السلام بما يدل على منزلتهم عندهم عليهم السلام وعائهم لهم بظهر الغيب بما يفيد حسن سيرتهم كما في (26). PageV0MP080
3 - التعرض إلى معاناة أهل البيت عليهم السلام وما جناه الأوغاد بحقهم حقدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواطن متفرقة من هذه الفائدة كما في (2114) و (1447).
4 - التعرض إلى ما قاله بعضهم من الشعر، لا سيما العقائدي الهادف كشعر سفيان بن مصعب العبدي (1189) وغيره.
5 - التوسع في إيراد بعض القصص والحكايات الطريفة التي تنطوي على عظة نافعة، كما في (1583).
6 - نقله الروايات من كتب الحديث بلا اسناد في الغالب مع الإحالة إلى مصدرها اختصارا، ولكنه قد يذكر الاسناد كاملا لنكتة في المقام كما في (3363)، فراجع.
7 - اتباعه نظام الإحالة في تراجم الرجال إلى الفوائد المتقدمة لا سيما الفائدة الثانية كما في (416) والسادسة كما في (1931) وغيرهما.
8 - تعرضه إلى مباحث درائية في عدة مواضع من هذه الفائدة، كمناقشته لقول النجاشي: " ليس بذاك " في الترجمة (2155)، وبيان دلالة هذه الكلمة. وكذلك قولهم: (وحديثه ليس بذلك النقي) في الترجمة (83)، أو المناقشة في لفظة: (وجه) ودلالتها بصورة مختصرة كما في (1921)، أو بيانه معنى قول النجاشي (وكان علوا) في (1931)، أو بيانه اختلافهم في دلالة بعض الألفاظ على المدح أو التوثيق أو عدم دلالتها على شئ من ذلك كما في (677).
ثامنا: المؤاخذات على ما في هذه الفائدة.
هناك بعض المؤاخذات التي يمكن ان تسجل على الشيخ النوري في هذه الفائدة، وهي:
1 - لقد أشار المصنف إلى أن ذم أهل السنة لاحد رواة الشيعة ينبغي PageV0MP081
أن يعد من مدائحه كما في الترجمة (4) وقد مر عنه في الفوائد السابقة تصريحه بأن مدح أهل السنة وقدحهم سواء، الا أنا وجدناه قد اعتمد توثيق ابن حجر لصاحب الترجمة (36)، وكان عليه ان يقتصر على ما ذكره من أمارات الوثاقة، ولا يردفها بتوثيق ابن حجر مراعاة للتصريحات السابقة.
2 - قد يعتمد على إثبات وثاقة شخص ما على رواية رواها ذلك الشخص بعينه، ولا يخفى بأن هذا الشخص متهم بجر منفعة لنفسه، كما حصل في الترجمة (1485)، وكذلك في (1512)، هذا مع التفات المصنف - رحمه الله تعالى - إلى ذلك، وتبريره على أساس وقوع الأجلة في طريق الرواية، وهو كما ترى!
3 - الاعتداد بعدم الاستثناء من كتاب نوادر الحكمة في مجال التوثيق كما في (1887)، والرد على الاستثناء الحاصل لبعض الرواة كما في (1670). وهذا ما يشكل اضطرابا في منهج التوثيق.
4 - الاستدراك بمن لم يذكر له في ترجمته أمارة على التوثيق، سوى أنه روى عنه فلان أو فلان، وعند تتبعنا لمثل هذه الموارد وجدنا أن الراوي عنه أيضا غير منصوص على وثاقته، وهي موارد قليلة كما في (1970 وغيره.
5 - اعتماده على أمارات غير متفق عليها في التوثيق، والأكثر على خلافها.
6 - الخروج عن منهجه في الاختصار كما نص عليه في أول الفائدة، حيث أطال في تراجم كثيرة كما هو الحال في (13) و (39) و (55) و (61) (62) و (66) و (91) و (95) و (96) و (120) وكثير غيرها.
7 - توثيقه لمن لم يوثق قط كمقاتل بن سليمان، ومنخل بن جميل، ويونس بن ظبيان كما أشرنا إليهم فيما تقدم.
8 - الاستدراك بأهل السنة كمالك بن أنس، والزهري وقد تقدمت PageV0MP082
الإشارة إلى ذلك أيضا.
إلى غير ذلك من الهنات الطفيفة الأخرى التي لا تقلل - بنظرنا - من أهمية هذه الفائدة لما فيها من الايجابيات الكثيرة التي نتركها للقارئ العزيز نفسه. PageV0MP083
الفائدة الحادية عشرة حول موقف الأخباريين من حجية القطع لحجية القطع أكثر من معنى إلا أن المراد منها في المباحث الأصولية هو التنجيز والتعذير.
ولما كان ثبوت القطع لدى القاطع أمرا وجدانيا لا يمكن إنكاره، وان من يحصل لديه مثل هذا القطع يكون قطعه حجة ومنجزا عليه عند سائر الأصوليين، لذا احتدم نقاشهم مع الأخباريين الذين نسب إليهم - كما في هذه الفائدة - القول بعدم حجية القطع.
وقبل بيان موقف المصنف من هذه النسبة يحسن بنا التأكيد على ثلاثة أمور، وهي:
الأول: اتفاق الشيعة الإمامية من الأصوليين والأخباريين على عدم حجية أدلة عقلية ظنية مثل القياس والاستحسان ونحوهما، اقتداء بأهل البيت عليهم السلام حيث تواتر عنهم عليهم السلام النهي المطلق عن استعمال مثل هذه الأدلة في استنباط الاحكام الفقهية.
الثاني: اختلافهم في حجية الأدلة العقلية القطعية في مجال استنباط الأحكام الشرعية. حيث ذهب المشهور منهم إلى صحة ذلك، ومنعه الأخباريون، بمعنى عدم تحققه كما سيأتي في هذه الفائدة.
الثالث: المراد من حكم العقل هنا هو ما يصدره على نحو الجزم واليقين، غير مستند بذلك إلى الكتاب والسنة بخصوص الأحكام الشرعية، وليس المراد منه الحكم العقلي الواقع في مبادئ التصديق بالكتاب والسنة ولا الحكم الواقع في طولهما في مرحلة معلولات الأحكام الشرعية كحكم PageV0MP084
العقل بوجوب الامتثال فهذا لا إشكال في حجيته عند الجميع.
ثم إن الشيخ النوري - رحمه الله تعالى - قد افتتح هذه الفائدة بإنكار هذه النسبة إلى الأخباريين، مصرحا بأن ما يظهر من كلماتهم هو على خلاف ما نسب إليهم من إنكار حجية القطع الحاصل من العقل.
ثم بين أصل اشتهار هذه النسبة إليهم، وهو كلام الشيخ الأنصاري - قدس سره الشريف - في رسالته: (حجية القطع). حيث نقل عنه ما حكاه عن المحدث الاسترآبادي - رحمه الله تعالى - من تقسيمه العلوم إلى ما ينتهي إلى مادة قريبة من الإحساس، وإلى أخرى بعيدة عنه مع وقوع الاختلاف في الثاني دون الأول على تفصيل بين في محله.
وقد استفاد الشيخ الأعظم - طاب ثراه - من كلام الاسترآبادي - رحمه الله تعالى - عدم حجية إدراكات العقل - عنده - في غير المحسوسات، مبينا من استحسن كلام الاسترآبادي من الأخباريين المتأخرين عنه كالمحدث الجزائري والبحراني - رحمهما الله تعالى - حيث ذهب الأول إلى القول بحكم العقل في البديهيات، أما في النظريات فان وافقه النقل وحكم بحكمه فهما متفقان، وان تعارضا قدم النقل عليه.
أما الثاني فقد استحسن هذا الكلام وأيده.
ويرى المحدث النوري ان ما استفاده أستاذه الشيخ الأنصاري من كلام الاسترآبادي غير تام، وان الاسترآبادي لم يقصد حصر المعرفة البشرية بأدوات الحس والتجربة: بل غرضه حصر المعرفة بالدليل الشرعي النقلي والغاء الدليل العقلي النظري في مجال استكشاف الحكم الشرعي، وانه ليس في كلامه إشارة أو تصريح إلى عدم حجية حكم العقل القطعي. بل الظاهر. منه نفي حجية الادراك الظني والاستنباطات الظنية في نفس الأحكام الشرعية. PageV0MP085
وقد استدل المحدث النوري على ذلك بأمور كثيرة نذكر منها ما يأتي:
أولا: الاستدلال بالمواضع الساقطة من عبارة الاسترآبادي المنقولة، والاستفادة من هذه المواضع بأن مقتضى ما افاده الاسترآبادي هو عدم جواز الاعتماد على الدليل الظني في أحكامه تعالى سواء كان ظني الدلالة أو الطريق أو كليهما.
مبررا لأستاذه هذا السقط بأنه لم يكن عنده كتاب الفوائد المدنية للاسترآبادي وإنما نقل النص عن حاشية المعالم، وكذلك الحال في نقله عن السيد الجزائري بالواسطة.
ثانيا: نقل عن الفوائد ما يفيد الإشارة إلى كون حكم العقل القطعي حجة عنده ونفي الاستنباطات الظنية، كما نقل نصا آخر صريحا بإفادة هذا المعنى.
ثالثا: نقل نصا آخر يفيد عدم جواز العمل بالظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى ثم كشف عن ابطال الاسترآبادي التمسك بالاستنباطات الظنية من الكتاب والسنة والاستصحاب والبراءة والقياس والاجماع في نفس أحكامه تعالى، بما يفيد انه كان لا يرى للعقل إدراكا قطعيا في استنباط الأحكام الشرعية، وإلا لعده. من جملة هذه الأمور، بل لقدمه على الاستصحاب وما يليه.
رابعا: نقل نصا من الفوائد يفيد وجوب أخذ أصول الدين وفروعه من أصحاب العصمة عليهم السلام وان العقل لا يستقل باثباتها، خاصة الفروع.
خامسا. اهتم ببيان رأي الاسترآبادي في تقسيم الاخبار على نحوين.
أحدهما: أن تكون صحة مضمون الخبر متواترة وهذا لا يجوز التناقض فيه.
الاخر: وجود قرينة دالة على صحة مضمونه واعتباره ومن جملة هذه PageV0MP086
القرائن مطابقة المضمون للدليل العقلي القطعي.
سادسا: بين سبب رد الاسترآبادي - بنص منه - للترجيحات الاستحسانية بأمرين.
أحدهما: لم يرد من الشارع إمضاء لها بل ورد النهي عنها.
الاخر: عدم ظهور دلالة عقلية قطعية على حجيتها.
وهكذا نجد المصنف - رحمه الله تعالى - ينقل ما هو صريح بحجية ادراك العقل إذا كان قطعيا.
وفي آخر ما اقتبسه من نصوص عن الفوائد لرد هذه النسبة نقل عنه كلاما مهما - وهو عنده بخطه - يؤيد فيه صراحة ما ذكره المصنف آنفا، وانه على الرغم من حصره لادراك الحكم الشرعي عن طريق الدليل النقلي وإلغاء ما سواه، فإنه لو فرض وجود الادراك العقلي القطعي لذلك لكان حجة عنده.
أما عن المحدث الجزائري فقد دافع عنه النوري أيضا مبينا انه تبع أقوال الاسترآبادي وعنون مطالب كتبه على غرار ما ورد في الفوائد ثم نقل عنه كما نقل عن الاسترآبادي أمورا تبين ان ما أسقطه من أدلة العقل إنما هو الأدلة الاستحسانية التي يعبر عنها بالاستنباط الظني وأورد تصريحه في وجوب تأويل الدليل النقلي إذا تعارض مع الدليل العقلي ذي المقدمات البديهية.
وأما عن بيان موقف الشيخ الحر من هذه المسألة فهو لا يحتاج إلى بيان لتصريح الشيخ الحر - قدس سره - بحجية حكم العقل القطعي إذ قال في الفائدة الثامنة في بيان القرائن المعتبرة على ثبوت الخبر: (ومنها: موافقته لدليل عقلي قطعي) (1)، إلا أن المصنف لم يكتف بهذا التصريح بل تابع - رحمه الله تعالى - أقوال الشيخ الحر وآراءه في كتبه الأخرى حول هذه
PageV0MP087
المسألة بالذات، وأطال في نقل كلماته بما حاصله عدم وجود دليل عقلي قطعي في شئ من مسائل الفروع ولو فرض وجوده فهو حجة.
اما عن كلام البحراني - قدس سره - في الحدائق، والدرة النجفية، فقد بين المصنف عدم اختلافه عن كلام الاسترآبادي ولا كلام الجزائري أو الشيخ الحر.
واستخلص رأيه بأنه يرى عدم استقلال العقل في معرفة الأحكام الشرعية بالقطع واليقين، لا أنه يستقل ولا يكون - مع ذلك - حجة.
أما عن رأي المصنف في هذه المسألة بالذات والذي أفصح عنه في آخر هذه الفائدة فخلاصته: عدم تحقق الصغرى في هذه المسألة، أي:
عدم تحقق استقلال العقل في مجال استنباط الأحكام الفرعية على نحو القطع واليقين. PageV0MP088
الفائدة الثانية عشرة في نبذ من فضيلة علم الحديث الشريف في هذه الفائدة بيان لشرف علم الحديث، وأهميته القصوى، ودوره المتميز في حياة المسلم، ومكانته العظمى من التشريع، مع التأكيد على ضرورة الجد في دراسته وتدريسه.
لقد نقل المصنف - طاب ثراه - عن الشهيد الثاني - رضي الله تعالى عنه - كلاما ضافيا في جلالة هذا العلم ورتبته، والمثوبة عليه مع تعريفه، وما خصت به درايته من اهتمام بالغ، وانها المراد بعلم الحديث عند الاطلاق.
كما أورد عنه - قدس سرهما - بعض الآثار والأخبار الواردة في فضل علم الحديث الشريف، ثم ساق المصنف ما ورد من عظيم الأثر عن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها بأن حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان يعدل عندها سبطي هذه الأمة الحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم.
وكفى به دلالة على شرفه وتفاني بضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أجل الحفاظ على سلامته.
ثم نقل عن صاحب المعالم - قدس سره - ما يؤكد على اعطاء الحديث حقه رواية ودراية، لأنه مدار أكثر الأحكام الشرعية. مع الثناء على السلف الصالح الذين بذلوا ما في وسعهم لأجل تحقيق الغاية من وجود الحديث الشريف.
ثم فصل المصنف دور العلماء في هذا الحقل، وأورد عن كشف اللثام كلمة رائعة أوصى بها الفاضل الهندي - رحمه الله تعالى - إخوانه العلماء والمجتهدين بهذا الخصوص. PageV0MP089
كما أورد عن غيره من العلماء ما يشحذ الهمم للتصدي إلى استخراج الكنوز المودعة في الحديث الشريف.
ثم ختم المصنف الكلام عن شرف الحديث وأهمية ببث حزنه ولوعته على افتقاره من يذاكره في هذا العلم الجليل وكأني به يقول:
أين الوجوه أحبها وأود لو أني فداها أمسي لها متفقدا في العائدين ولا أراها ثم عطف - رحمه الله تعالى - إلى شرح حاله فترجم لنفسه ترجمة مجملة، ذكر فيها تاريخ ولادته، ودراسته ومشايخه ثم سفراته ورحلاته، واختتم الكلام بتعداد مؤلفاته.
رحم الله تعالى شيخنا النوري، فقد كان - كما شهد تلامذته - صواما قواما مخلصا لله في عمله، مجدا في أداء فرائضه، غزير الدمع من خشيته، متشفعا بالنبي وآل بيته صلى الله عليهم وسلم.
هذا وقد وافق الفراغ من آخر كلمة في هذه الفائدة بقلمه الشريف اليوم العاشر من ربيع الاخر في السنة التاسعة عشرة بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة الشريفة، ولم يمض طويلا هذا القلم المعطاء - بعد اكمال هذه الخاتمة - إذ انتقل صاحبه إلى جوار الملك المنان في ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة لسنة عشرين بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة الشريفة.
تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته. PageV0MP090
منهجية التحقيق:
لله در من سمى المحدث النوري، (قده) بخاتمة المحدثين، فان ما أجادت به يراعه المباركة لهي بحق تعد من أعظم ما سطرته يراع العظماء من أمثاله. ولذلك كان العمل على خاتمة المستدرك من الصعوبة بمكان وغير خجلين من الاقرار بذلك، بالإضافة إلى نقص النسخ الخطية المتوفرة لدينا والتي تم العمل عليها.
وبعد:
فمن مميزات مؤسستنا منهجية العمل الجماعي، ولقد كان هذا المنهج هو الأصل في عملنا مع ما للطاقات الفردية الضخمة المتوافرة من مساهمة فعالة في صياغة هذا العمل ليخرج بهذه الحلة الفريدة نظرا لضخامته وتنوعه.
فخاتمة المستدرك والتي تحتوي على (12) فائدة هي عبارة عن اثني عشر منهجا مختلفا وكل واحدة منها تحتاج إلى جهد خاص وذوق متميز.
وقد تمت الإشارة إلى بعض الجهد المبذول في مقدمة الفوائد وما تطلبته من امكانات في سبيل الوصول إلى عرضها ونشرها بما يتناسب مع ما لها من مقام شامخ في نفوس طلبة العلوم. ولذلك لا يسعنا القول بأن العمل الذي أنجز، يمكن حصره في لجان معينة وافراد خاصين نتيجة تشعبه وضخامته، وعليه فقد تمت الاستفادة من كافة الطاقات المتاحة والتي بذلت جهدا مشكورا . في التعاون معنا لانجاز هذا العمل. PageV0MP091
النسخ المعتمدة في تحقيق الكتاب:
1 - النسخة المحفوظة في مكتبة نصيري بطهران، وهي تشتمل على الفوائد الأولى والثانية والثالثة فقط، جاء في آخرها. كتبه الحقير مهدي بن أبو القاسم الحسيني الكاشاني، هذا وعلى هذه النسخة حاشية لصدر الأفاضل (دانش) نصيري أميني، هكذا ذكر ذلك في أولها حفيده فخر الدين نصيري أميني، وكذلك حاشية أخرى ليحيى بن محمد شفيع الأصفهاني، وتقع هذه النسخة في 698 صحيفة من الحجم الوزيري.
2 - مخطوطة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام، وهي تحتوي على الفوائد السادسة إلى الثانية عشرة، وهي بخط المصنف قدس سره، وقد جاء في أولها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لمه وصلى الله على محمد وآله آل الله الفائدة السادسة.
وفي آخرها:
ووافق الفراغ من هذا المجلد أيضا يوم العاشر من ربيع الاخر يوم ولادة سيدنا الامام الزكي أبي محمد الحسن بن علي الهادي صلوات الله عليهما في السنة المباركة التي أخبر أهل الحساب بتوافق الأضحى والجمعة والنيروز فيها السنة التاسعة عشرة بعد الألف وثلاثمائة بيد العبد المذنب المسئ حسين ابن محمد تقي النوري الطبرسي حامدا مصليا مستغفرا.
أي قبل سنة واحدة من وفاته كما وانه جاء في الورقة الأولى عبارة هي:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي شرفني بزيارة هذه النسخة النفيسة التي هي آخر أجزاء مستدرك الوسائل من تصنيف شيخنا العلامة النوري طاب ثراه وهي بخط يده الشريفة في آخر عمره، فإنه توفي سنة 1320، حرره PageV0MP092
خادمه المجاز منه العبد الفاني الشهير بآقا بزرك الطهراني في (20 - ع 2 - 1380).
3 - المطبوعة الحجرية. وهي نسخة محفوظة في مكتبة العلامة الحجة السيد عبد العزيز الطباطبائي نقل فيها جميع ما سبق لأستاذه الشيخ آقا بزرك الطهراني إثباته من حواش وتعليقات على نسخته من خاتمة مستدرك الوسائل، وحيث كان الطهراني - كما هو معروف - من التلامذة المختصين بالمحدث النوري (قدس سره) والذي يعد من كبار الأساتذة المختصين والبارعين في هذا المضمار، فأضفي على هذه النسخة أهمية متميزة عن غيرها من النسخ الحجرية الأخرى - وقيمة أكبر لا تخفى على ذوي الاختصاص.
هذا ما توفر لدينا من نسخ لنخوض بها غمار العمل على خاتمة المستدرك، وقد اعتمدنا صيغة تلفيقية في عملنا مع ما توفر بين أيدينا من مصادر تعد قليلة بالنسبة إلى الكم الهائل الذي استفاد منه المصنف (قده) في تأليفه لهذا السفر القيم، وإن كنا لم نأل جهدا في سبيل تهيئة كل ما أمكن تهيئته من مصادر له.
وأخيرا نشكر كافة أصحاب السماحة والاخوة الأفاضل الذين عاضدونا في إصدار هذا السفر العظيم وبهذه الحلة الجديدة والغي هي بحق مصداق من مصاديق عمل خاتمة المحدثين قدس سره.
هذا وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث PageV0MP093
الصفحة الأولى من نسخة الرضوية والتي هي بقلم الشيخ (قدس سره) PageV0MP094
الصفحة الأخيرة من نسخة الرضوية والتي هي بقلم الشيخ (قدس سره) PageV0MP095
خط الشيخ آغا بزرك الطهراني على ظهر النسخة الرضوية PageV0MP096
الصفحة الأولى من نسخة مكتبة فخر الدين نصيري PageV0MP097
الصفحة الأخيرة من نسخة مكتبة فخر الدين نصيري. PageV0MP098
خاتمة مستدرك الوسائل تأليف المحدث الجليل الميرزا الشيخ حسين النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320 ه الجزء الأول تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
صفحه ۱
بسم الله الرحمن الرحيم (1) ما رنحت أعطافها في رياض الطروس عذبات الأقلام، ولا نسجت ببنان لسانها مطارف تتشح بها غواني الكلام أشرف من حمد الله الذي لا زالت آحاد الموجودات تشكر تواتر نعمائه، وتخبر بلسان فقر الحدوث عن مستفيض آلائه، وتروي الرياض كمال قدرته بأصح الأسانيد عن عليل النسيم، وتحدث مرسلات قطرات المزن عن متون الغمام باتصال فضله العميم، والصلاة على نبيه ومضمر سره، الذي اجتباه عنوانا لصحيفة أحبائه، وخاتمة لدفتر أنبيائه (2) وآله الذين جعل مقبول الطاعات موقوفا على محبتهم، ومرفوع الاعمال معلقا على طاعتهم، صلاة لا تنقطع ما دامت المعضلات بأنامل الأفكار منحلة، ومجاهيل الاحكام مستفادة من الأدلة.
وبعد: فقد نجز - بحمد الله تعالى وحسن توفيقه - كتاب (مستدرك الوسائل) الحاوي لما خفي عن الأنام من أدلة الاحكام والمسائل، حتى عرف صدق القائل:، (ترك للأواخر الأوائل)، وأصبح مصباحا تزاح بأنوار أخباره
صفحه ۳
غياهب الأوهام، ودستورا يرجع إليه في معرفة الحلال والحرام، ودليلا لرائد الفكر إذا تاه في مجاهل الشبهات، وسبيلا قصدا إلى مستور الاخبار ومخفي الروايات، وهاديا إلى كنوز من العلم لم تزل عن الابصار مخفية، وناشرا لاعلام هداية لم تزل من قبل مطوية، وطلع في آفاق المفاخر بدرا كاملا بعد السرار (1)، وعم نوره سائر الأمصار، وافتخر به هذا العصر على ما تقدمه من سائر الأعصار ، وأصبحت عيون الفضل به قريرة، ومسالك الأفهام به مستنيرة، ورأي العلماء منه بالعيان، ما زعموا خروجه عن (2) حد الامكان، ونظروا إلى درر متسقة، طالما اشتاقوا أن يروها ولو متفرقة.
ولما فاح مسك ختامه، ولاح كالبدر ليل تمامه، انتهى ميدان القلم إلى استدراك للفوائد، وما خفي على الشيخ المصنف (3) رحمه الله من غوالي الفرائد، فاشتمل - بحمد الله تعالى - كسابقه على فوائد جمة، ونفائس مهمة، لم تنل لآليها من قبل كف غائص، ولا دنت من آرام (4) كناسها حبالة قانص فكم من راو مجهول بين أبناء صنفه بينت فيها حاله، ومهجور لضعفه نبأت على أنه في غاية الجلالة، ومشتبه شخصه وحاله يزول عنه الشك والريب، ومطعون في دينه يظهر براءته عن وصمة العيب.
وكم من عالم ضاع اسمه في زوايا الخمول، ودرست من أبيات فضائله
صفحه ۴
الآثار والطلول، وأخمدت مصابيح فضائله إعصار الاعصار، وعادت رياض مناقبه ذاوية الأزهار، أظهرت ما خفي من علمه، وجددت ما درس من رسمه، حتى عاد منارا به يهتدى، وعلما به يقتدى.
وأصل من معظم الأصول، كان عند القدماء عليه المعول، لاغناء لهم عنه ولا متحول، كان لهم عليه في العمل المدار، وفي اشتهار الصحة كالشمس في رابعة النهار، أصبح في هذه الاعصار مجهول الانتساب والمقدار، وقابله أهله بالرد والانكار، أعرصوا عنه مذ لم يعرفوه، وجهلوا حاله - أو حال مصنفه - فأنكروه، فشيدت - بحمد الله تعالى - فيها أساس صحته، وأثبت علو قدر مصنفه وجلالة رتبته.
وآخر محت آثاره شبهات الغافلين، وتشكيكات الجاهلين، جددت معالمه الدارسة، وأحييت آثاره الطامسة، وأجبت عن تلك الشبهات الغثة، والشكوك الرثة، حتى أضحت بريئة من تلك التهم، وانجاب عنه ذلك لغمام المدلهم.
وبالجملة فهذه الدرر والفرائد، التي نظمتها في سلك واحد، جديرة بأن تكون لأجياد غواني المعاني عقودا، ويفصل هذا السابري لأجسادها حللا وبرودا، إذ كل فائدة منها فريدة عن غيرها ممتازة، وخريدة عن جاراتها منحازة تستقل كل منها بنفسها، وتفوق على من سواها من جنسها، وكان من حقها أن نجعل كل فائدة منها كتابا مستقلا، وموردا يروي ظمأ طلابها علا ونهلا، ولكن صدنا عن ذلك ما عزمنا عليه من اتمام مستدرك الكتاب، وكراهة أن تبقى مشيدات قصوره ناقصة البيوت والأبواب، والناظر في ذلك بالخيار: إن شاء أبقاها على ما وقع عليه الاختيار، وان شاء جعلها عقودا مفصلة في نحور الطروس، ونفائس تتنافس في رؤيتها النفوس، وأسأل الله أن يجعل نفعها عاما لخصوص أولي الألباب، وأن ينفعني بها يوم الحساب.
صفحه ۵
الفائدة الأولى
صفحه ۷
في ذكر الكتب التي نقلت منها، وجمعت منها هذا المستدرك، مما لم يكن عند الشيخ الجليل المتبحر صاحب الوسائل رحمه الله، أو كان ولم يعرف صاحبه في وقت التأليف، وهي كثيرة نذكر عمدتها:
(1) كتاب الجعفريات: ويعرف في كتب الرجال بالأشعثيات، ويأتي وجه التسمية بها.
(2) كتاب درست بن أبي منصور.
(3) أصل زيد الزراد.
(4) كتاب أبي سعيد عباد العصفري.
(5) كتاب عاصم بن حميد الحناط.
(6) أصل زيد النرسي.
(7) كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي.
(8) كتاب محمد بن المثنى.
(9) كتاب عبد الملك بن حكيم.
(10) كتاب المثنى بن الوليد الحناط.
(11) كتاب خلاد السدي.
(12) كتاب حسين بن عثمان بن شريك.
(13) كتاب عبد الله بن يحيى الكاهلي.
(14) كتاب سلام بن أبي عمرة.
(15) جزء من نوادر علي بن أسباط.
(16) مختصر كتاب العلاء بن رزين.
صفحه ۹
(17) كتاب المؤمن - أو ابتلاء المؤمن - للحسين بن سعيد الأهوازي.
(18) كتاب الديات لظريف بن ناصح.
(19) كتاب المسلسلات للشيخ أبي محمد جعفر بن أحمد القمي.
(20) كتاب المانعات من دخول الجنة له أيضا.
(21) كتاب الغايات له (أيضا).
(22) كتاب العروس في أعمال الجمعة له أيضا.
(23) كتاب القراءات لأحمد بن محمد السياري، ويعرف أيضا بكتاب التنزيل والتحريف.
(24) كتاب إثبات الوصية للشيخ الجليل علي بن الحسين المسعودي.
(25) كتاب دعائم الاسلام للقاضي نعمان بن أبي عبد الله المصري.
(26) كتاب شرح الاخبار له أيضا.
(27) كتاب الاستغاثة لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي.
(28) كتاب الآداب والاخلاق له أيضا.
(29) كتاب النوادر للسيد الاجل ضياء الدين فضل الله بن علي الراوندي.
(30) كتاب روض الجنان - وهو التفسير الكبير - للشيخ أبي الفتوح الحسين بن علي الخزاعي الرازي.
(31) رسالة تحريم الفقاع للشيخ أبي جعفر الطوسي.
(32) كتاب معدن الجواهر لأبي الفتح محمد بن علي الكراجكي.
(33) كتاب لب اللباب للشيخ الجليل هبة الله بن سعيد المعروف بالقطب الراوندي.
(34) كتاب الدعوات له أيضا.
(35) كتاب فقه القرآن له أيضا.
(36) كتاب التمحيص لأبي علي محمد بن همام.
(37) كتاب الهداية للصدوق.
صفحه ۱۰
(38) كتاب المقنع له أيضا.
(39) كتاب نزهة الناظر لأبي يعلى الجعفري تلميذ الشيخ المفيد رحمه الله.
(40) كتاب مصباح الشريعة المنسوب إلى مولانا الصادق عليه السلام.
(41) صحيفة الرضا عليه السلام.
(42) الرسالة الذهبية لمولانا الرضا عليه السلام.
(43) كتاب الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه السلام أيضا.
(44) كتاب فلاح السائل ونجاح المسائل للسيد رضي الدين علي بن طاووس، وقد وصل إلينا الجزء الأول منه، وهو من مجلدات التتمات والمهمات.
(45) كتاب مشكاة الأنوار للمحدث الفاضل سبط أمين الاسلام الشيخ الطبرسي صاحب مجمع البيان.
(46) رسالة في المهر للشيخ المفيد رحمه الله.
(47) المسائل الصاغانية له أيضا، وغيرها من الرسائل وأجوبة المسائل.
(48) كتاب عوالي اللآلي للشيخ الفاضل ابن أبي جمهور الأحسائي.
(49) كتاب درر اللآلي العمادية له أيضا.
(50) تفسير الشيخ الجليل محمد بن إبراهيم النعماني.
(51) كتاب جامع الأخبار المردد مؤلفه بين جماعة يأتي ذكر أساميهم.
(52) كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي.
(53) مزار الشيخ محمد بن المشهدي.
(54) تاريخ قم تأليف الشيخ الفاضل حسن بن محمد بن الحسن القمي، المعاصر للصدوق رحمه الله.
(55) الخصائص للسيد الرضي ، جامع نهج البلاغة.
(56) سعد السعود للسيد رضي الدين علي بن طاووس.
(57) كتاب اليقين - أو كشف اليقين - له أيضا.
(58) كتاب التعازي للشريف الزاهد أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن
صفحه ۱۱
عبد الرحمن العلوي الحسني.
(59) كتاب المجموع الرائق للسيد الفاضل هبة الله بن أبي محمد الحسن الموسوي.
(60) طب النبي صلى الله عليه وآله لأبي العباس المستغفري.
(61) مجاميع ثلاثة للشهيد الأول قدس الله روحه الزكية.
(62) كتاب كنوز النجاح للشيخ أبي علي صاحب مجمع البيان.
(63) كتاب عمدة الحضر له أيضا.
(64) كتاب صغير وجدناه في الخزانة الرضوية.
(65) كتاب غرر الحكم ودرر الكلم لعبد الواحد الآمدي.
وعندنا كتب أخرى قلما (1) رجعنا إليها، أشرنا إلى أساميها في محله.
وأما ما نقلنا عنه بتوسط كتاب بحار الأنوار فهو:
(أ) كتاب الإمامة والتبصرة للشيخ الجليل علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ب) كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي رحمه الله.
(ج) كتاب أعلام الدين في صفات المؤمنين للشيخ العارف أبي محمد الحسن بن محمد الديلمي.
(د) كتاب قضاء حقوق المؤمنين للشيخ سديد الدين أبي علي بن طاهر السوري.
(ه) كتاب مقصد الراغب للشيخ الحسين بن محمد بن الحسن المعاصر للصدوق رحمه الله.
(و) كتاب مصباح الأنوار للشيخ هاشم بن محمد.
(ز) كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية، تأليف الشيخ الفقيه رضي الدين علي بن يوسف بن مطهر الحلي، أخ العلامة رحمهما الله تعالى.
صفحه ۱۲
الفائدة الثانية
صفحه ۱۳
في شرح حال هذه الكتب ومؤلفيها 1 - أما الجعفريات:
فهو من الكتب القديمة المعروفة المعول عليها، لإسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام.، قال النجاشي في رجاله: إسماعيل ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين عليهم السلام، سكن مصر وولده بها، وله كتب يرويها عن أبيه عن آبائه، منها: كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب الجنائز، كتاب الطلاق، كتاب النكاح، كتاب الحدود، كتاب الدعاء، كتاب السنن والآداب، كتاب الرؤيا.
أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: حدثنا أبو محمد سهل بن أحمد بن سهل، قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث بن محمد الكوفي بمصر - قراءة عليه - قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهم السلام، قال: حدثنا أبي بكتبه (1).
وقال الشيخ رحمه الله في الفهرست: إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام سكن مصر
صفحه ۱۵
ومولده (1) بها، له كتب عن أبيه عن آبائه مبوبه، منها: كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب الجنائز، كتاب الطلاق، كتاب النكاح، كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب الدعاء، كتاب السنن والآداب، كتاب الرؤيا.
أخبرنا (2) الحسين بن عبيد الله، قال. أخبرنا أبو محمد سهل بن أحمد بن سهل الديباجي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث بن محمد الكوفي بمصر - قراءة عليه - من كتابه، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهم السلام، قال: حدثنا أبي إسماعيل (3).
وقال في رجاله: محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي، يكنى أبا علي ومسكنه بمصر في سقيفة جواد، يروي نسخة عن موسى بن إسماعيل بن موسى ابن جعفر عليهما السلام، عن أبيه إسماعيل بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام، قال التلعكبري: أخذ لي والدي منه إجازة في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة (4).
وقال في ترجمة محمد بن داود بن سليمان: يكنى أبا الحسن يروي عنه التلعكبري، وذكر أن إجازة محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي وصلت إليه على يد هذا الرجل في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، قال: سمعت منه في هذه السنة
صفحه ۱۶
من الأشعثيات ما كان إسناده متصلا بالنبي صلى الله عليه وآله، وما كان غير ذلك لم يروه عن صاحبه، وذكر التلعكبري أن سماعه هذه الأحاديث المتصلة الأسانيد من هذا الرجل، ورواية جميع النسخة بالإجازة عن محمد بن الأشعث، وقال ليس لي من هذا الرجل إجازة (1).
وقال النجاشي: سهل بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن سهل الديباجي، أبو محمد لا بأس به، كان يخفى أمره كثيرا، ثم ظاهر بالدين في آخر عمره، له كتاب إيمان أبي طالب. أخبرني به عدة من أصحابنا، وأحمد بن عبد الواحد (2) وقال العلامة طاب ثراه في الخلاصة بعد نقل كلام النجاشي إلى قوله:
آخر عمره وقال ابن الغضائري: كان يضع الأحاديث، ويروي عن المجاهيل ولا بأس بما يروي عن الأشعثيات، وما يجري مجراها مما رواه غيره (3)، انتهى.
وقال الشيخ رحمه الله في رجاله: سهل بن أحمد بن عبد الله بن سهل الديباجي، بغدادي كان ينزل درب الزعفراني ببغداد، سمع منه التلعكبري سنة سبعين وثلاثمائة، وله منه إجازة ولابنه، أخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله، يكنى أبا محمد (4)، انتهى.
ولا يخفى أن مدح النجاشي، ورواية العدة والتلعكبري وابنه عنه، وعدم إشارة الشيخ إلى ذم فيه، واعتماده (5) والنجاشي والحسين بن عبيد الله عليه في الرواية عن الأشعثيات، وذكره بالكنية في مقام ذكر الطريق.
يوجب (6) الاعتماد، ويوهن كلام ابن الغضائري، وان استثنى روايته عن
صفحه ۱۷
الأشعثيات فإن جلالة شأنهم، وعلو مقامهم، وتثبتهم، تأبى عن الرواية عن الوضاع، وجعله شيخا للإجازة.
ويؤيده كلام جماعه من أصحابنا: كالشيخ محمد في شرح الاستبصار، والشيخ عبد النبي في الحاوي (2)، وسميه الكاظمي في التكملة، بل نسبه فيها إلى الأكثر (3)، والمجلسي (4)، وصاحب النقد (5)، وأستاذه خريت هذه الصناعة المولى عبد الله التستري (6)، من أن المراد من ابن الغضائري صاحب الرجال، هو أحمد الغير المذكور في الرجال، الذي صرح الجماعة بأنهم لم يقفوا فيه على جرح ولا تعديل، بل قال في البحار: ورجال ابن الغضائري، وهو إن كان الحسين فهو من أجلة الثقات، وإن كان أحمد - كما هو الظاهر - فلا اعتمد عليه كثيرا، وعلى أي حال الاعتماد على هذا الكتاب يوجب رد أكثر أخبار الكتب المشهورة (7)، انتهى.
وممن روى عن الأشعثيات بتوسط سهل علي بن بابويه (8) قدس سره كما
صفحه ۱۸
يظهر من كتاب الإمامة والتبصرة له، وقد نقل عنه في البحار كثيرا، سيما في كتاب العشرة، ووجدناه مطابقا لما في أصله (1).
ولا بعد في رواية علي بن بابويه عنه (2)، مع رواية الحسين - المتأخر عنه بطبقتين - عنه أيضا، فإن وفاة علي في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وقد مر أن التلعكبري سمع منه سنة سبعين وثلاثمائة، فلو كان عمره حينئذ ثمانين مثلا كان في وقت وفاة علي في حدود الأربعين، وروايته عنه قبله بمدة غير مستبعد.
وممن روى هذا الكتاب عن محمد بن محمد بن الأشعث بتوسط سهل:
أبو عبد الله محمد بن الحسن التميمي البكري، كما يأتي في شرح حال كتاب النوادر للسيد فضل الله الراوندي (3).
ثم اعلم أن جماعة أخرى رووا هذا الكتاب عنه غير سهل:
صفحه ۱۹
1 - منهم: شيخ هذه الطائفة ووجهها أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري كما تقدم (1).
2 - ومنهم: الشيخ الجليل أبو المفضل الشيباني، قال رضي الدين علي ابن طاووس في فلاح السائل: حدث أبو المفضل محمد بن عبد الله رحمه الله قال: كتب إلي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي من مصر، يقول: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام، وساق السند (2) (3) والخبر موجود في أواخر هذا الكتاب.
3 - ومنهم: أبو الحسن علي بن جعفر بن حماد، قال العلامة في إجازته الكبيرة لبني زهرة: ومن ذلك كتاب الجعفريات، وهي ألف حديث بهذا الاسناد: عن السيد ضياء الدين فضل الله بإسناد واحد، رواها عن شيخه عبد الرحيم، عن أبي شجاع صابر بن الحسين بن فضل الله بن مالك، قال:
حدثنا أبو الحسن علي بن جعفر بن حماد بن داين (4) الصياد بالبحرين، قال:
أخبرنا بها أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي، عن أبي الحسن موسى ابن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام.
4 - ومنهم: عبد الله بن المفضل، قال الشيخ رحمه الله في باب البينات من التهذيب: عنه، عن عبد الله بن المفضل بن محمد بن هلال (4)، عن محمد
صفحه ۲۰
ابن محمد بن الأشعث الكندي (1)، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، عن أبيه، قال: حدثني أبي، (عن أبيه) عن جده، عن علي عليهم السلام... إلى آخره.
ورواه في الاستبصار أيضا، إلا أن في جملة من نسخه عبد الله بن المفضل، عن محمد بن هلال، عن محمد بن محمد (2)... إلى آخره.
5 - ومنهم: إبراهيم بن محمد بن عبد الله القرشي، ففي التهذيب: محمد ابن أحمد بن داود، عن أبي أحمد إسماعيل بن عيسى بن محمد المؤدب، قال:
حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله القرشي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن الأشعث بمصر، قال: حدثنا أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام (3)... إلى آخره، كذا في نسخة، وفي نسخة محمد بن محمد بن هيثم بدل الأشعث.
وصرح الفاضل الأردبيلي في جامع الرواة: أنه سهو، لعدم وجوده في كتب الرجال (4).
والخبر موجود في الكتاب كما رواه (5).
6 - ومنهم: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد لله (6) - المعروف بابن
صفحه ۲۱
السقا - كما هو موجود في أول النسخة التي وصلت إلينا، ففيه: أخبرنا القاضي أمين القضاة أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد - قراءة عليه، وأنا حاضر أسمع.
قيل له: حدثكم والدكم أبو الحسن علي بن محمد بن محمد، والشيخ أبو نعيم محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف الجمازي، قالا: أخبرنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن المظفر العطار، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عثمان - المعروف بابن السقا - قال: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي من كتابه، سنة أربع عشرة وثلاثمائة، قال: حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل... إلي آخره (1).
ثم قد يذكر في أول السند فيقول: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد (2)، والأغلب أن يبتدئ بمحمد، فيقول: أخبرنا محمد، حدثني موسى... إلى آخره.
7 - ومنهم. أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله (3)، قال العلامة المجلسي قدس سره في الفصل الرابع من أول البحار: وكل ما كان فيه نوادر الراوندي بإسناده، فهذا سنده نقلته كما وجدته: أخبرنا... إلى آخر ما يأتي في شرح حال النوادر (4)، وقال في الحاشية في هذا المقام: أقول أخبار الأشعثيات كانت مشهورة بين الخاصة والعامة، وقد جمع الشيخ محمد بن (محمد بن) (5) الجزري الشافعي أربعين حديثا، كلها من تلك الأخبار المذكورة في النوادر بهذا السند، قال في أوله: أردت جمع أربعين حديثا من رواية أهل البيت الطيبين
صفحه ۲۲
الطاهرين عليهم السلام، - حشرنا الله في زمرتهم وأماتنا على محبتهم - من الصحيفة التي ساقها الحافظ أبو أحمد بن عدي.
ثم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله المقدسي، عن سليمان بن حمزة المقدسي، عن محمود بن إبراهيم، عن محمد بن أبي بكر المديني، عن يحيى بن عبد الوهاب، عن عبد الرحمن بن محمد، عن أحمد بن محمد الهروي، عن أبي أحمد عبد الله بن أحمد بن عدي (1).
قال: وأخبرني أيضا أحمد بن محمد الشيرازي، عن علي بن أحمد المقدسي، عن عمر بن معتمر، عن محمد بن عبد الباقي، عن أحمد بن علي الحافظ، عن الحسن الحسيني الاسترآبادي، عن عبد الله بن أحمد بن عدي (2)، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه موسى، عن آبائه عليهم السلام، ثم ذكر أسانيد الاخبار بهذا السند (3) انتهى.
ومن الغريب بعد ذلك كله، ما ذكره الشيخ الجليل في جواهر الكلام في كتاب الأمر بالمعروف، ما لفظه: وأغرب من ذلك كله استدلال من حلت الوسوسة في قلبه، بعد حكم أساطين المذهب بالأصل المقطوع، وإجماع ابني زهرة وإدريس - اللذين قد عرفت حالهما - وببعض النصوص الدالة على أن الحدود للإمام عليه السلام خصوصا المروي عن كتاب الأشعثيات، لمحمد بن محمد بن الأشعث - بإسناده عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام: (لا يصلح الحكم، ولا الحدود، ولا الجمعة إلا بالامام) (4) - الضعيف سندا، بل الكتاب المزبور على ما حكي عن بعض الأفاضل، ليس من
صفحه ۲۳
الأصول المشهورة، بل ولا المعتبرة، ولم يحكم أحد بصحته من أصحابنا، بل لم تتواتر نسبته إلى مصنفه، بل ولم تصح على وجه تطمئن النفس بها، ولذا لم ينقل عنه الحر في الوسائل، ولا المجلسي في البحار، مع شدة حرصهما - خصوصا الثاني - على كتب الحديث، ومن البعيد عدم عثورهما عليه، والشيخ والنجاشي، وإن ذكرا أن مصنفه من أصحاب الكتب، إلا أنهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، ومع ذلك فإن تتبعه وتتبع كتب الأصول يعطيان أنه ليس جاريا على منوالها، فإن أكثره بخلافها، وإنما تطابق روايته في الا كثر رواية العامة... إلى آخر (1)، انتهى موضع الحاجة، وفيه مواقع للنظر بل التعجب.
أما أولا: فقوله رحمه الله: " ضعيف (2) سندا "، فإن الكتاب على ما زعمه لمحمد بن الأشعث، وهو ثقة من أصحابنا، كما في رجال النجاشي والخلاصة (3) والطريق إليه صحيح، كما عرفت.
والحق الذي لا مرية فيه أنه لإسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام كما عرفت سابقا، وإنما وصل إلى محمد بن محمد بن الأشعث بتوسط ابنه موسى، ومنه انتشر هذا الكتاب، وعرف بالأشعثيات.
ويعرف جلالة قدر إسماعيل وعلو مقامه - مضافا إلى التأمل (فيما) (4) في ترجمته - ما ذكره الكشي في ترجمة صفوان بن يحيى، أنه مات في سنة عشر ومائتين بالمدينة، وبعث إليه أبو جعفر عليه السلام بحنوطه وكفنه، وأمر إسماعيل بن موسى عليه السلام بالصلاة عليه (5).
صفحه ۲۴