فإنك يا كافور آيته الكبرى
واكفر يا كافور حين تلوح لي
ففارقت مذ فارقتك الشرك والكفرا
فلما أتم الكتابة تسلل مع الفتى من الدار، ورأى جواده تحت الشجرة فامتطاه وطار. وصحا العبيد وذهبوا إلى الغرفة فلم يجدوا للمتنبي أثرا، ورأوا الورقة فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون في صخب وشكاس، ثم حملوا الورقة إلى الكناني فقرأها وضرب بكف على كف وصاح في العبيد: لقد أفسدتم كل شيء يا عبيد السوء، اكتموا كل ما جرى، وأقنعوا أنفسكم أنه لم يحصل شيء، لو وصل إلى سيدي كافور علم هذه الحادثة لقتلنا جميعا. وإني أيضا سأكتم خبر هذه الورقة. ها هي ذي انظروا!! ثم مزقها قطعة قطعة ونثرها في الهواء.
وبلغ المتنبي دار ابن حمزة مجهدا مكدودا مضطرب العصب، وهو يصيح: يا محسد: يا مفلح، فلما أقبلا عليه قال: لن نقيم بهذه المدينة إلا الليلة، أسمعتما؟ أعدا الرواحل والجياد، سنرحل غدا في الصباح. ثم أخذ يغمغم:
عش عزيزا أو مت وأنت كريم
بين طعن القنا وخفق البنود
فرءوس الرماح أذهب للغي
ظ وأشفى لغل صدر الحقود
لا كما قد حييت غير حميد
صفحه نامشخص