قصة سليمان عليه الصلاة والسلام
وسألته: عن قول الله سبحانه:{ ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب } [ص: 34]؟
فقال: معنى قوله: { فتنا سليمان{ ، يقول: امتحناه. وإنما كان ذلك من أجل ما سألته ملكة سبأ من طلبها حين طلبت منه قربانا تقرب به على ما كانت تفعل في قديم أفعالها، فسألته صلى الله عليه أن يأذن لها في بقرة فلم يجبها، ثم سألته شاة فكره ذلك عليها، ثم طيرا فأعلمها أن ذلك لا يحل لها، فوقعت في صدرها جرادة، فقالت: فهذه الجرادة أئذن لي فيها، فتوهم وظن أنها مما لا إثم عليها فيها، إذ كانت مما لا تقع عليه ذكاة، فسكت ولم يمنعها عن ذلك، فقطعت رأس الجرادة، وأضمرت أنها قربان. فلما خرج صلى الله عليه يريد أن يتطهر على جانب البحر نزع خاتمه من يده، وكان لا يتطهر حتى ينزع الخاتم من يده - وهذا الواجب على كل متطهر إذا أراد أن يتطهر من جنابة أو غيرها للصلاة أن ينزع خاتمه، أو يديره في إصبعه حتى يصل الماء إلى البشر الذي يكون تحته، وينقي من الدرن ما حوله - فلما نزع الخاتم ومضى لطهوره، خرج حوت من البحر، فابتلع الخاتم وذهب في البحر، فلما فرغ سليمان من طهوره، ونظر إلى الموضع الذي كان وضع فيه خاتمه فلم يجده، فعلم أن ذلك بسبب قد أحدثه، وأن الله سبحانه أراد بذلك فتنته، فدعى الريح فلم تجبه، ثم دعى الطير فلم تجبه، ثم دعى الجن فلم تجبه لما ذهب عنه الخاتم؛ وإنما كان الخاتم سببا من الله لملكه قد جعله فيه، وبه كان يطاع، فعلم سليمان أن العقوبة قد وقعت.
صفحه ۶۰۷