بل ما أنت أيها المتمثل في جنح الليل، بمسوحك السوداء لثكلي مسهدة، تذكر عزيزا غاب محياه في الثرى.
ما أنت، ما أنت؟
ما أنت إلا أحدى دورات الفلك الدوار، وكم للفلك من دورة، وما أكثر ما يدور الفلك!
دورة يجعلها الناس مقياسا لبرهة من زمن بعيد المدى. دورة لا قيمة لها في ذاتها، وما أصغرها إذا قورنت بالدهر، والدهر ممدود غير محدود. إنك لصغير صغير! ضئيل ضئيل! •••
على أنك يا عام قد يأخذك الغرور، إذ تذكر لنفسك أنك بعض الزمن الذي يعمل في تتابع الحادثات، وتوالي النازلات.
ويشقق الأرض صدوعا، ويهبط الجبال خشوعا. ويزلزل الأرض زلزالها، ويخرج من الأرض أثقالها. ويدك العروش العالية، ويجدد الآمال البالية.
قد يأخذك الغرور وتتولاك العظمة! ولكن لا عظمة لك حقا مهما تعاليت إلا بسرين، يخلعهما عليك ابن آدم من أسرار نفسه: الاستكانة للعظمة المطلقة، وقوة الرجاء في المال.
فأما الأول فإنك تخر خاشعا عندما يهتف لك من أعماق الأبدية صوت يصيح: ما المبدأ وما المصير؟
فنقول لله الأمر جميعا.
وأما الثاني فالرجاء الذي تفيضه الإنسانية من ضميرها لتلقيه في طياتك وتوجهك في سبيل الخير، في سبيل الكمال.
صفحه نامشخص