الخامس "م ل ك " من ذلك ملكت العجين، إذا أنعمت عجنه فاشتد وقوي. ومنه ملك الإنسان ألا تراهم يقولون: قد اشتملت عليه يدي، وذلك قوة وقدرة من المالك على ملكه ومنه الملك، لما يعطى١ صاحبه من القوة والغلبة، وأملكت الجارية؛ لأن يد بعلها تقتدر عليها. فكذلك بقية الباب كله.
فهذه أحكام هذين الأصلين على تصرفهما وتقلب حروفهما.
فهذا أمر قدمناه أمام القول على الفرق بين الكلام والقول؛ ليرى منه غور هذه اللغة الشريفة، الكريمة اللطيفة، ويعجب من وسيع مذاهبها، وبديع ما أمد به واضعها ومبتدئها. وهذا أوان القول على الفصل.
أما الكلام فكل لفظ مستقل بنفسه، مفيد لمعناه. وهو الذي٢ يسميه النحويين الجمل، نحو زيد أخوك، وقام محمد وضرب سعيد، وفي الدار أبوك، وصه، ومه، ورويد، وحاء وعاء في الأصوات، وحس، ولب٣، وأف، وأوه، فكل لفظ استقل بنفسه، وجنيت منه ثمرة معناه فهو كلام.
وأما القول فأصله أنه كل لفظ مذل به اللسان، تامًّا كان أو ناقصًا. فالتام هو المفيد، أعني الجملة وما كان في معناها، من نحو صهٍ وإيهٍ. والناقص ما كان بضد ذلك، نحو زيد، ومحمد، وإن، وكان أخوك، إذا كانت الزمانية لا الحدثية ٤. فكل كلام قول، وليس كل قول كلامًا. هذا أصله. ثم يتسع فيه؛ فيوضع
_________
١ كذا في ب، ش. وفي أ: "يعطيه" وفي ج: "أعطى".
٢ نسخة بحذف "وهو".
٣ لب: في معنى لبيك في لغة بعض العرب، وهو في هذه الحالة يجري مجرى أمس وغاق. انظر اللسان.
٤ يريد بالزمانية الناقصة، وبالحدثية التامة.
1 / 18