خصائص مسند الإمام أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن يا كريم برحمتك.
قال الشيخ عبد المنعم بن علي بن مفلح الحنبلي أخبرتني الشيخة الجليلة الأصيلة المسندة المعمرة أم عبد الله عائشة ابنة محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الصالحي إجازة منها قالت أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن تمام بن حسان الصالحي وغيره عن أبى العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي سماعا "ح"١ قالت عائشة وأنبأتنا به عاليا بدرجة أم عبد الله زينب ابنة عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الرحمن البجدي عن الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي قالا: أنبأنا الحافظ أبو موسى محمد بن عمر بن أحمد بن عمر الأصبهاني المديني رحمه الله تعالى قال:
الحمد لله الواسع المنعم المفضل المكرم العالم المعلم.
_________
١ درج المحدثون على كتابة هذا الرمز في الأسانيد للإشارة إلى تحويل إلى سند آخر يلتقي مع الأول معجم المصطلحات الحديثية ٣٥.
1 / 9
الذي أحسن بدءا وغفر آخرا وصلواته على محمد المختار من خلقه وعلى آله.
أما بعد فإن مما انعم الله علينا أن رزقنا سماع كتاب المسند للإمام الكبير إمام الدين أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمه الله تعالى فحصل لي والدي ﵀ وجزاه عني خيرا إحضاري قراءته سنة خمس وخمسمائة على الشيخ المقرىء بقية المشايخ أبي علي الحسن بن الحداد وكان سماعه لأكثره عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ وما فاته منه قرىء عليه بإجازته له وأبو نعيم كان يرويه عن شيخه أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي على ما تنطق فهرست مسموعاتي بخط والدي ﵀ ثم قرأناه أجمع ببغداد على الشيخ الرئيس الثقة أبي القاسم هبة الله محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني من أصل سماعه إلا ما لم يكن عند شيخه عن أبي علي الحسن بن علي بن المذهب التميمي الواعظ١ عن أبي بكر.
_________
١ قال الذهبي في الميزان الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليسي بمتقن وكذلك شيخه ابن مالك "يعني القطيعي" ومن ثمة وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد اهـ وذكر الحافظ أبو بكر بن نقطة أن ابن المذهب فاته على القطيعي من المسند: مسندا عوف بن مالك وفضالة بن عبيد وكلاهما من مسند الشاميين وقال ابن حجر ذكر بعض الحفاظ أنه فاته عليه أيضا خمسة وثلاثون حديثا من مسند جابر وهي من حديث أبي الزبير سألت جابرا: متى كان يرمي وهو من رواية ابن لهيعة عن أبي الزبير وآخرها حديث "أبي الزبير عن جابر" في النهي عن الأكل بالشمال.........=
1 / 10
أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي١ عن عبد الله٢ بن أحمد عن أبيه رحمهما الله تعالى.
ولعمري أن من كان قبلنا من الحفاظ يتبجحون بجزء واحد يقع لهم من حديث هذا الإمام الكبير على ما أخبرني الإمام الحافظ أستاذي أبو القاسم إسماعيل ابن محمد ﵀ في إجازته لي قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه قال: كتب ألي أبو حازم العبدوي يذكر أنه سمع الحاكم أبا عبد الله عند منصرفه من بخارى يقول كنت عند أبي محمد المزني فقدم عليه إنسان علوي من بغداد وكان أقام ببغداد على كتابة الحديث فسأله أبو محمد المزني وذلك في سنة ست وخمسين وثلثمائة عن فائدته ببغداد وعن باقي إسناد العراق فذكر في جملة ما ذكر سمعت مسند أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى من أبي بكر بن مالك في مائة جزء وخمسين جزءا٣ فعجب أبو محمد المزني من ذلك.
_________
= وهو من رواية مالك عن أبي الزبير وهي في وسط الجزء الرابع من مسند جابر والله أعلم.
١ وذكر أبو بكر بن نقطة: أن القطيعي فاته عليه خمسة أوراق من مسند عبد الله بن مسعود فرواها عنه بالإجازة وهي من أوله قال ابن طولون: رأيت بخط الرحال النجم بن فهد أنه فاته على عبد الله عشر ورقات من أول مسند ابن مسعود.
٢ قال ابن حجر وكان الإمام أحمد لما جمع المسند لم يرتب مسانيد المقلين فرتبها ولده عبد الله فوقع فيه إغفال كثير من جعل المدني في الشامي ونحوه ذلك اهـ.
٣ هكذا هنا قال ابن طولون: وعدة ما فيه من المسانيد ثمانية عشر مسندا تشتمل على مائة واثنين وسبعين جزءا من نسخة أبي علي بن المذهب...............=
1 / 11
وقال: مائة وخمسون جرءا من حديث أحمد بن حنبل كنا ونحن بالعراق إذا رأينا عند شيخ من شيوخنا جزءا من حديث أحمد بن حنبل قضينا العجب من ذلك فكيف في هذا الوقت هذا المسند الجليل فعزم الحاكم على إخراج الصحيحين ولم يكن عنده مسند إسحاق الحنظلي ولا مسند عبد الله بن شيرويه ولا مسند أبي العباس السراج وكان في قلبه ما سمعه من أبي محمد المزني فعزم على أن يخرج إلى الحج في موسم سنة سبع وستين فلما ورد في سنة ثمان وستين أقام بعد الحج ببغداد أشهرا وسمع جملة المسند من أبي بكر بن مالك وعاد إلى وطنه ومد يده إلى إخراج الصحيحين على تراجم المسند.
_________
= هكذا مسند العشرة وما في آخره من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وزيد بن حارثة والحارث بن خزيمة وسعد مولى الصديق تسعة أجزاء ومسند أهل البيت جزء واحد ومسند بني هاشم العباس وبنيه الفضل وتمام وعبيد الله وعبد الله جزء واحد ومسند عبد الله بن العباس خمسة عشر جزءا ومسند عبد الله بن عمر بن الخطاب ثلاثة عشر جزءا ومسند أبي سعيد الخدري سبعة أجزاء ومسند أبي هريرة خمسة عشر جزءا مسند عبد الله بن عمرو بن العاص وما في آخره من حديث أبي رمثة أربعة عشر جزءا ومسند عبد الله بن مسعود سبعة أجزاء ومسند جابر بن عبد الله ثمانية أجزاء ومسند أنس بن مالك أحد عشر جزءا ومسند المكيين والمدنيين أربعة أجزاء ومسند الكوفيين سبعة أجزاء ومسند البصريين اثنا عشر جزءا ومسند الأنصار وغيرهم من القبائل خمسة عشر جزءا ومسند النساء ثمانية أجزاء وفي أثنائه من الرجال ستة عشر رجلا وفي آخره ستة آخرهم شداد بن الهاد نقلت ذلك من خط التقي الجراعي وقال نقلت ذلك من خط من نقله من خط الحافظ عبد الغنى المقدسي وقابلته ثم عددته فوجدته يزيد جزءا في العدد فلا أدري. الخلل حصل في الأفراد أو في الجمع والله أعلم. اهـ
1 / 12
قال شيخنا الحافظ رحمه الله تعالى وفي هذه السنة مات ابن مالك في آخر السنة سنة ثمان وستين وأبو محمد المزني هذا من الحفاظ الكبار المكثرين.
وهذا الكتاب أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث انتقي من حديث كثير ومسموعات وافره فجعله إماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ ومستندا على ما أخبرنا والدي وغيره رحمهما الله تعالى أن المبارك بن عبد الجبار أبا الحسين الكتب إليهما من بغداد أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد ابن إبراهيم البرمكي قراءة عليه حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء حدثنا موسى بن حمدون البزار قال: قال لنا حنبل بن إسحاق جمعنا عمي لي ولصالح ولعبد الله وقرأ علينا المسند وما سمعه منه يعني تماما غيرنا وقال لنا إن هذا الكتاب قد جمعته وأتقنته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله ﷺ: "فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا فليس بحجة" ١.
_________
١ قال الإمام الذهبي في السير "١١/٣٢٩" بعد أن أورد هذا الخبر قلت: في الصحيحين أحاديث قليلة ليست في المسند لكن قد يقال: لا ترد على قوله فإن المسلمين ما اختلفوا فيها ثم ما يلزم من هذا القول أن ما وجد فيه أن يكون حجة ففيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها ولا يجب الاحتجاج بها وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة ولكنها قطرة في بحر وفي غضون المسند زيادات جمة لعبد الله بن أحمد" وقال قال الإمام أحمد لابنه عبد الله قصدت في المسند المشهور فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء اليسير ولكنك يا.................=
1 / 13
"وجدت" بخط أبي بكر بن أبي نصر قال أبو الحسن اللنباني سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول كتب أبي عشرة آلاف ألف حديث ولم يكتب سوادا في بياض إلا قد حفظه وبه قال أخبرنا البرمكي قراءة عليه فأقر به حدثني أبي حدثني أبو محمد القاسم بن الحسن الباقلاني بسر من رأى قال: سمعت أبا بكر بن أبي حامد الفقيه صاحب بيت المال سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول قلت لأبي رحمه الله تعالى: لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند فقال: عملت هذا الكتاب إماما إذا أختلف الناس في سنة رسول الله ﷺ رجع إليه قال: وحدثني أيضا القاسم قال: سمعت أبا الحسن بن عبيد الحافظ سمعت أبا عبد الرحمن عبد الله ابن أحمد يقول خرج أبي المسند من سبعمائة ألف حديث.
قال الشيخ الحافظ أبو موسى ﵀ ولم يخرج إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته١ كما قرأته ببغداد على أبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني بمكه حدثنا محمد بن عمرو العقيلي حدثنا.
_________
= بني تعرف طريقتي في الحديث ليست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه.
١ بل وقع فيه الرواية عمن جرحه هو نفسه والحق أن الإمام كان مات قبل تهذيب المسند.
1 / 14
عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن عبد العزيز بن أبان فقال: لم أخرج عنه في المسند شيئا قد أخرجت عنه على غير وجه الحديث لما حدث بحديث المواقيت تركته١.
فأما عدد أحاديث المسند فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفا إلى أن قرأت على أبي منصور بن زريق ببغداد أخبرنا أبو بكر الخطيب٢ قال: وقال: أبن النادي لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه منه يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا والتفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفا سمع منه ثمانين ألفا والباقي وجادة وذكره فلا أدري هل الذي ذكره ابن المنادي أراد به ما لا مكرر فيه وأراد غيره من المكرر فيصح القولان جميعا أو الاعتماد على قول ابن المنادي دون غيره ولو وجدنا فراغا لعددناه إن شاء الله تعالى.
فأما عدد الصحابة فنحو من سبعمائة رجل وجدت بخط الشيخ حامد بن أبي الفتح ذكره أبو عبد الله الحسين بن أحمد الأسدي في كتابه المسمى مناقب أحمد بن جنبل أنه سمع أبا بكر بن مالك يذكر أن جملة ما وعاه المسند أربعون ألف حديث غير ثلاثين أو أربعين قال: وسمعته يعني أبا بكر ابن مالك سمعت عبد الله بن أحمد بن جنبل يقول أخرج أبي هذا المسند من جملة سبعمائة ألف حديث وقال أبو عبد الله الأسدي وقد.
_________
١ انظر المجروحين لابن حبان ٢/١٤٠.
٢ في تاريخه ٩/٣٧٥.
1 / 15
أفردت لذلك كتابا في جزء واحد وسميته كتاب المدخل إلى المسند أثبت فيه ذلك أجمع.
وذكر الأسدي سمعت أبا بكر بن مالك يقول رأيت أبا بكر أحمد بن سلمان النجاد في النوم وهو على حالة جميلة فقلت: أي شيء كان خبرك قال: كل ما تحب إلزم ما أنت عليه وما نحن عليه فإن الأمر هو ما نحن عليه وما أنتم عليه ثم قال: بالله إلا حفظت هذا المسند فهو إمام المسلمين وإليه يرجعون وقد كنت قديما أسألك بالله إن أعرت منه أكثر من جزء لمن تعرفه ليبقى قال: وسمعت أبا بكر بن مالك يقول حضرت مجلس يوسف القاضي سنة خمس وثمانين ومائتين أسمع منه كتاب الوقوف فقال لي من عنده مسند أحمد بن حنبل والفضائل إيش يعمل ههنا أو كلاما نحو هذا.
ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد رحمه الله تعالى مسنده قد احتاط فيه إسنادا ومتنا ولم يورد فيه إلا ما صح عنده١ على ما أخبرنا أبو علي سنة خمس٢ قال: حدثنا أبو.
_________
١ قال الحافظ ابن طولون عند الكلام في حديث المسابقة وقد حاول بعض المنتسبين إلى الحديث في تصحيح حديث المسابقة إن هذا الحديث قد رواه الإمام أحمد وقد قال الحافظ أبو موسى المدني: إن جميع ما في مسند الإمام أحمد صحيح فيقال لا شك أن الحافظ أبا موسى قال ذلك في جزء جمعه في خصائص المسند وهذا من غريب قوله وعجيبه مودوده مع حفظ الرجل وإتقانه واطلاعه على أحاديث المسند وما فيها من الضعيف =
1 / 16
نعيم "ح" وأخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا القطيعي قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنى أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي التياح قال: سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "يهلك
_________
= والنكر بل والموضوع وما أدري ما أراد بهذا القول؟ ولعل من عنده أدنى معرفة بالحديث يستحي أن ينقل هذا عن غيره فضلا أن يعزوه إلى نفسه ويسطره في كتاب يؤثر عنه هذه زلة من الحافظ ﵀ وددت لو غسلتها بدمي كما قال بعض من سلف في مسألة الاسترسال للإمام ثم ذكر عدة أحاديث واهية من المسند فقال: إلى غير ذلك من الأحاديث التي يطول ذكرها ويشق استقصاؤها إلا أنها بالنسبة إلى كثرة أحاديثه قليلة جدا والذي غر الحافظ أبا موسى حتى قال ما قال كون الإمام أحمد أمر بالضرب على أحاديث رواها منكرة لمخالفتها أحاديث أخر صحيحة عنده وليس يلزم من ذلك أن يكون كل ما لم يضرب عليه صحيحا عنده كيف وقد ضعف الإمام أحمد جماعة ممن روى لهم في المسند وعلل كثيرا من الأحاديث التي خرجها فيه وقد قال الإمام أحمد لولده عبد الله: قصدت في المسند الحديث وتركت الناس تحت ستر الله ولو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث ليست أخالف ما ضعف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وقد أورده الحافظ أبو موسى في جزئه ثم شرع يتأوله بما لا معنى له ولهذا اعترف بوجود الأحاديث الموضوعة في المسند الإمام أبو الفرج بن الجوزي وهو من كبار أئمة الحنابلة في الفقه والحديث وغيرهما من العلوم المتعددة. وكذا غيره من مشايخنا الحفاظ وهذا أمر لا يحتاج فيه إلى تقليد من عرف أدنى شيء من أحوال الرواة ووجوه التعليل والله أعلم اهـ وجملة ما نظمه ابن الجوزي من أحاديث المسند في سلك الموضوعات ثمانية وثلاثون حديثا وإن تعقب جلها وأما الأحاديث الضعيفة في المسند فكثيرة ولا كلام وجزء العراقي وتعقب ابن حجر عليه شذرة من الأخذ والرد في ذلك.
١ يعني وخمسمائة حضورا في مجلس سماعه وهو صغير.
1 / 17
أمتي هذا الحي من قريش" قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال: "لو أن الناس اعتزلوهم" قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه إضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي ﷺ يعني قوله اسمعوا وأطيعوا وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذ لفظه عن الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه فقال: عليه ما قلناه وفيه نظائر له.
"وجدت" بخط أحمد بن البرداني عن أبي علي بن الصواف قال: سمعت عبد الله بن أحمد يقول صنف أبي المسند بعد ما جاء من عند عبد الرزاق١.
ذكر علي بن الحسين بن جدي قال: قرأت بخط أبي حفص عمر بن عبد الله العكبري قال: سمعت أبا عبد الله عبيد الله بن محمد قال: سمعت أبا بكر أحمد ابن سلمان يقول سمعت أبا بكر يعقوب بن يوسف المطوعي يقول جلست إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل ثلاث عشرة سنة وهو يقرأ المسند على أولاده ما كتبت منه حرفا واحدا وإنما كنت أكتب آدابه وأخلاقه وأتحفظها.
وقال عبيد الله قال لي أبو بكر بن أيوب سمعت يعقوب يقول كنت أختلف إلى أحمد ثلاث عشرة سنة لا أكتب عنه وهو يقرأ المسند إنما كنت أنظر إلى هديه أتأدب به.
أخبرنا ابن الحصين بإسناده حدثنا عبد الله حدثني عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن محمد بن سالم عن أبي إسحاق عن.
_________
١ يعني الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني صاحب "المصنف".
1 / 18
عاصم بن ضمرة عن علي رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ: "فيما سقت السماء العشر وما يسقى بالغرب والدالية ففيه نصف العشر" قال أبو عبد الرحمن فحدثت أبي بحديث عثمان عن جرير فأنكره جدا وكان أبي لا يحدثنا عن محمد بن سالم لضعفه عنده وإنكاره لحديثه.
وقال عبد الله حدثنا شيبان أبو محمد حدثنا عبد الوارث بن سعيد حدثنا الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي رضى الله عنه عن النبي ﷺ: "ما منعك أن تدخل قال: إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا بول" قال: وحدثناه شيبان مرة أخرى عن عمرو حدثنا عبد الوارث عن حسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبة بن أبي حبة عن عاصم نحوه.
قال: وكان أبي لا يحدث عن عمرو بن خالد يعني كان حديثه لا يسوى عنده شيئا قال: وكان في كتاب أبي عن عبد الصمد عن أبيه عن الحسن يعني ابن ذكوان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي ﷺ نهى أن يمشي في خف واحد أو نعل واحد وفي الحديث كلام كثير غير هذا فلم يحدثنا به ضرب عليه في كتابه فظننت أنه ترك حديثه من أجل أنه روى عن عمرو بن خالد الذي يحدث عن زيد بن علي وعمرو ابن خالد لا يسوي شيئا وهذا أقوى لأنه لم يرو عمن رواه عن ضعيف وإن كان حاله خالصا.
1 / 19
وبه حدثنا أبو عامر حدثنا خارجة بن عبد الله عن أبي الرجال عن أمه عمرة وبه حدثنا عصام بن خالد حدثني صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر الخبايري وأبو اليمان الهوزي عن أبي امامة أن رسول الله ﷺ قال: "إن الله تعالى وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب" فقال يزيد بن الأخنس السلمي والله ما أولئك في أمتك إلا كالذباب الأصهب في الذباب فقال رسول الله "فإن ربي ﷿ قد وعدني سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا وزادني ثلاث حثيات" قال: فما سعة حوضك يا نبي الله قال: "كما بين عدن إلى عمان وأوسع وأوسع" يشير بيده قال فيه مثعبان من ذهب وفضة قال: فماء حوضك قال: "ماء أشد بياضا من اللبن وأحلى مذاقة من العسل وأطيب رائحة من المسك من شرب منه لم يظمأ بعدها" وبهذا الإسناد قال عبد الله وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخطه وقد ضرب عليه فظننت أنه قد ضرب عليه لأنه خطأ إنما هو عم زيد عن أبي سلام عن أبي أمامة.
قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا رجل والرجل كان يسمى في كتاب أبي عبد الرحمن عمرو بن عبيد حدثنا أبو رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال: ما شبع آل محمد ﷺ من خبز مأدوم حتى مضى لوجهه قال عبد الله وكان أبي قد ضرب على هذا الحديث في كتابه فسألته وحدثني به وكتب عليه صح صح قال: إنما ضرب أبي علي هذا الحديث لأنه لم يرض الرجل الذي حدث عنه يزيد.
1 / 20
قال الشيخ الإمام الحافظ أبو موسى قد روى لابنه الحديث لكنه ضرب عليه في المسند لأنه أراد أن لا يكون في المسند إلا لثقات ويروي في غير المسند عمن ليس بذاك.
ذكر أبو العز بن كادس أن عبد الله بن أحمد قال لأبيه ما تقول في حديث ربعي عن حذيفة قال الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد قلت: يصح قال: لا الأحاديث بخلافه وقد رواه الخياط عن ربعي عن رجل لم يسموه قال: قلت له: فقد ذكرته في المسند فقال: قصدت في المسند الحديث المشهور وتركت الناس تحت ستر الله تعالى ولو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف إذا لم يكن في الباب ما يدفعه.
قال الشيخ الحافظ وهذا ما أظنه يصح لأنه كلام متناقض لأنه يقول لست أخالف ما فيه ضعف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وهو يقول في هذا الحديث بخلافه وإن صح فلعله كان أولا ثم أخرج منه ما ضعف لأني طلبته في المسند فلم أجده.
آخر خصائص المسند إملاء الحافظ أبي موسى المديني رحمه الله تعالى.
علقه لنفسه فقير عفو ربه عبد المنعم بن علي بن مفلح الحنبلي عفا الله عنه في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثمانمائة أحسن الله تقضيها في خير.
والحمد لله رب العالمين.
1 / 21