وبإسناد عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عباس، قال: كان رجل على عهد عمر بن الخطاب وله فلاء (1) بناحية أذربيجان قد استصعبت عليه فمنعت جانبها، فشكى إليه ما قدنا له وإنه كان معاشه منها، فقال له: إذهب فاستغث بالله عز وجل، فقال الرجل: ما زال ادعوا وأبتهل إليه وكلما قربت منها حملت علي، قال: فكتب له رقعة فيها من عمر أمير المؤمنين إلى مردة الجن والشياطين أن يذللوا هذه المواشي له، قال: فأخذ الرجل الرقعة ومضى فاغتممت لذلك غما شديدا، فلقيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام فأخبرته بما كان، فقال:
والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ليعودن بالخيبة، فهدأ ما بي، وطالت علي سنتي، وجعلت أرقب كل من جاء من أهل الجبال، فإذا أنا بالرجل قد وافي وفي جبهته شجة (2) تكاد اليد تدخل فيها، فلما رأيته بادرت إليه فقلت له: ما وراءك؟
فقال: إني صرت إلى الموضع ورميت بالرقعة فحمل علي عداد منها فهالني أمرها فلم تكن لي قوة بها، فجلست فرمحتني أحدها في وجهي فقلت : اللهم إكفنيها.. فكلها يشتد علي، ويريد قتلي، فانصرفت عني، فسقطت فجاء أخ لي فحملني، ولست أعقل، فلم أزل أتعالج حتى صلحت، وهذا الأثر في وجهي فجئت لأعلمه يعني عمر.
فقلت له: صر إليه فاعلمه فلما صار إليه وعنده نفر فأخبره بما كان فزبره، وقال له: كذبت لم تذهب بكتابي، قال: فحلف الرجل بالله الذي لا إله إلا هو، وحق صاحب هذا القبر لقد فعل ما أمره به من حمل الكتاب. وأعلمه أنه قد ناله منها ما يرى، قال: فزبره وأخرجه عنه. فمضيت معه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فتبسم ثم قال: ألم أقل لك؟ ثم أقبل على الرجل فقال له: إذا انصرفت فصر إلى الموضع الذي هي فيه وقل: اللهم أني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، وأهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين، اللهم فذلل لي
صفحه ۴۸