وتفكر قليلا، ثم قال: المسلمة حسنة، والمسيحية حسنة. - ضروري واحدة أحسن؟ - هذه حسنة، وتلك حسنة. - هل أعمل مسيحية لنبقى معا دائما؟ - كلا يا حبيبتي، هذا غير ممكن، كل واحدة تظل كباباها وماماها. - ولكن لم؟
حق أن التربية الحديثة طاغية! .. وسألها: ألا تنتظرين حتى تكبري؟ - لا يا بابا. - حسن، أنت تعرفين الموضة، واحدة تحب موضة وواحدة تفضل موضة، وكونك مسلمة هو آخر موضة، لذلك يجب أن تبقي مسلمة. - يعني نادية موضة قديمة؟
الله يقطعك أنت ونادية في يوم واحد، الظاهر أنه يخطئ رغم الحذر، وأنه يدفع بلا رحمة إلى عنق زجاجة. وقال: المسألة مسألة أذواق، ولكن يجب أن تبقى كل واحدة كباباها وماماها. - هل أقول لها إنها موضة قديمة، وإنني موضة جديدة؟
فبادرها: كل دين حسن، المسلمة تعبد الله، والمسيحية تعبد الله. - ولم تعبده هي في حجرة، وأعبده أنا في حجرة؟! - هنا يعبد بطريقة، وهناك يعبد بطريقة. - وما الفرق يا بابا؟ - ستعرفينه في العام القادم أو الذي يليه، وكفاية أن تعرفي الآن أن المسلمة تعبد الله، والمسيحية تعبد الله. - ومن هو الله يا بابا؟
وأخذ، وفكر مليا، ثم سأل مستزيدا من الهدنة: ماذا قالت أبلة في المدرسة؟ - تقرأ السورة وتعلمنا الصلاة، ولكني لا أعرف، فمن هو الله يا بابا؟
فتفكر وهو يبتسم ابتسامة غامضة، وقال: هو خالق الدنيا كلها. - كلها؟ - كلها. - ما معنى خالق يا بابا؟ - يعني أنه صنع كل شيء. - كيف يا بابا؟ - بقدرة عظيمة. - وأين يعيش؟ - في الدنيا كلها. - وقبل الدنيا؟ - فوق. - في السماء؟ - نعم. - أريد أن أراه. - غير ممكن. - ولو في التليفزيون؟ - غير ممكن أيضا. - ألم يره أحد؟ - كلا. - وكيف عرفت أنه فوق؟ - هو كذلك. - من عرف أنه فوق؟ - الأنبياء. - الأنبياء؟ - نعم .. مثل سيدنا محمد. - وكيف يا بابا؟ - بقدرة خاصة به. - عيناه قويتان؟ - نعم. - لم يا بابا؟ - الله خلقه كذلك. - لم يا بابا؟
وأجاب وهو يروض نفاد صبره: هو حر يفعل ما يشاء. - وكيف رآه؟ - عظيم جدا، قوي جدا، قادر على كل شيء. - مثلك يا بابا؟
فأجاب وهو يداري ضحكة: لا مثيل له. - ولم يعيش فوق؟ - الأرض لا تسعه، ولكنه يرى كل شيء.
وسرحت قليلا، ثم قالت: ولكن نادية قالت لي إنه عاش على الأرض. - لأنه يرى كل مكان، فكأنه يعيش في كل مكان! - وقالت إن الناس قتلوه؟! - ولكنه حي لا يموت. - نادية قالت إنهم قتلوه. - كلا يا حبيبتي، ظنوا أنهم قتلوه، ولكنه حي لا يموت. - وجدي حي أيضا؟ - جدك مات. - هل قتله الناس؟ - كلا، مات وحده. - كيف؟ - مرض ثم مات. - وأختي ستموت لأنها مريضة؟
وقطب قليلا وهو يلحظ حركة احتجاج آتية من ناحية الأم: كلا .. ستشفى إن شاء الله. - ولم مات جدي؟ - مرض وهو كبير. - وأنت مرضت وأنت كبير، فلم لم تمت؟
صفحه نامشخص