کوثر جاری
الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري
پژوهشگر
الشيخ أحمد عزو عناية
ناشر
دار إحياء التراث العربي
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
١٦ - بَابُ الِاغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحِكْمَةِ
وَقَالَ عُمَرُ: «تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا». وَقَدْ تَعَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ فِي كِبَرِ سِنِّهِمْ».
ــ
وهو هذا الحديث المذكور فالظاهر أنه كان يذكره تأسفًا على ما فاته من الإخبار به في ذلك المجلس الشريف، وأما ما يقال: إنما لم يتحدث إلا بذلك، فلأنه [كان] متوقيًا الحديث عن رسول الله ﷺ عملًا بقول أبيه عمر: أقلّوا الحديثَ عن رسول الله ﷺ، فشيء بعيدٌ، وابن عُمر لم ينحصر حديثه في هذا، بل هو من المكثرين في الرواية، والقول بأن ابن عمر إنما كثُرت الرواية عنه؛ لأنه كان يسأل كثيرًا، ليس بظاهر؛ فإن كتمان العلم مذموم، وتبليغه مأمور به، فالوجهُ ما أرشدناك إليه، وإن كنت في ريب تأمل قول أبي هريرة: لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم بشيء (٢)، على أن هذا لا يُسلَّم لهم، لأنه لو كان متوقيًا لم يكثر فتواه في المسائل، لأن هذا أحرى بالتوقي من مطلق الرواية.
باب الاغتباط: في العلم والحكمة
الاغتباط افتعال من الغبطة وهي تمنّي مثل ما لغيرك من غير إرادة زواله عنه. وأصلها حسن الحال، قاله الجوهري. وعطف الحكمة على العلم من قبيل عطف جبريل على الملائكة، لأنها علم الشريعة خاصة، أو العلم المقرون بالعمل، ولذلك اقتصر عليها في الحديث الذي رواه.
(وقال عمر: تفقهوا قبل أن تُسوَّدوا) بضم التاء على بناء المفعول من السَّيدودة وهي السيادة؟ وذلك أن الإنسان إذا صار سيد قومه يمنعه من كسب العلم شيئان: الاشتغال بأمور الناس، والاستحياء من الناس خوفًا على رياسته. ولهذا قال ابنُ معين: مَن عاجَلَ الرياسةَ فاته علمٌ كثير (قال أبو عبد الله: وبعد أن تَسَوَّدوا [وقد] تعلَّم أصحابُ النبي ﷺ في كبر سِنّهم). أبو عبد الله هو البخاري وناقل هذا الكلام عنه: الفِرَبْرِي. وأشار البخاري بهذا الكلام إلى أن المراد بقوله: تفقهوا قبل أن تُسوّدوا. هو بيان الأولى والأليق؛ لأن الإنسان إذا فاته ذلك يستمر مع الجهل، بل عليه السعي في تحصيله كما فعله خير القرون أصحابُ رسول الله ﷺ. هذا خُلاصة كلامه.
1 / 169