وهاك البرهان على أنه لا يمكن ها هنا أن يتمشى إلى اللانهاية مبدأ اعتمدنا عليه من قبل أن نقرر الإيضاح الذي سبق، وذلك هو أنه إذا فرض أن النار المرموز لها بحرف ن تتغير إلى عنصر آخر ولا ترجع إلى الوراء، وأنها مثلا تتغير إلى ر؛ فمن ثم يكون بين النار وبين مقابلة بالأضداد مختلفة عن المقابلات المذكورة آنفا ما دام أن ر لا يمكن أن تكون مماثلة لأي واحد من العناصر المرموز لها بالحروف أ، م، ه، ن.
ولنفرض أن الكيف ك هو كيف ن، وأن الكيف ي هو كيف ر؛ فتكون ك حينئذ لكل العناصر أ، م، ه، ن؛ لأن كل هذه العناصر يتغير بعضها إلى بعض، ولكن مع التسليم بأن هذا لم يوضح بعد فإن من البين على الأقل أنه إذا تغير ر من جديد إلى عنصر آخر؛ فمن ثم يكون تقابل آخر بالأضداد، ويكون بين ر وبين النار ن. وتكون الحال كذلك دائما بالنسبة للحد المزيد، وإنه يوقع دائما مقابلة مع الحدود السابقة بحيث إنه إذا كانت هذه الحدود غير متناهية بالعدد لعنصر واحد أحد، وإذا كان هذا ممكنا فمن ثم يكون من المحال أن يعطي أي قول شارح، وأن يوضح كون أي عنصر ما، ما دام أنه يلزم - إذا كان واحد يأتي من الآخر - أن يجتاز من المقابلات عدد ما ذكرنا بل وأزيد منه، وينتج من ذلك أنه بالنسبة لبعض العناصر لا يكون تغير ممكن ألبتة، مثال ذلك إذا كانت الأوساط غير متناهية بالعدد، وهذا لازم إذا كانت العناصر غير متناهية بالعدد هي أنفسها، وعلى ذلك مثلا لا يكون تغير من هواء إلى نار إذا كانت المقابلات التي تجتاز هي غير متناهية بالعدد.
8
وأخيرا كل العناصر أيضا تنتهي إلى عنصر واحد؛ لأنه يلزم أن تكون كل هذه المقابلات متعلقة إما بالمقابلات من أعلى بالعناصر التي هي أسفل من ن، وإما بالمقابلات من أسفل بهذه العناصر نفسها بحيث إن الكل ينتهي إلى واحد.
9
هوامش
الباب السادس
حينما يرى أن فلاسفة يقبلون تعدد عناصر الأجسام وينكرون في آن واحد أن العناصر تتغير بعضها إلى بعض، كما يفعل أمبيدقل، قد يمكن أن يسألوا في شيء من الدهش كيف يستطيعون إذن أن يقرروا أن العناصر هي قابلة للمقارنة بعضها ببعض، هذا مع ذلك هو ما يزعمه أمبيدقل إذ يقول:
لأن العناصر كلها كانت متساوية فيما بينها.
فإذا كانت المساواة في الكم لزم أن يوجد بين الأشياء المقارنة شيء مشترك يصلح لقياسها؛ مثال ذلك إذا كان من كوتيل (ربع لتر) واحد من الماء يمكن إيجاد عشرة كوتيلات من الهواء، فذلك بأن العنصرين كانا من بعض الوجوه شيئا واحدا ما دام أن قياسهما واحد.
صفحه نامشخص