وبعد أربع سنين حذا ج. ل. أسبلدنج حذو فلبورن في بحثه مدرسة ميجار، فأبرز الجزء الأول من الكتاب «في إكسينوفان وزينون وغرغياس».
2
وكان بين يدي أسبلدنج مخطوطة ليبزج استخرج منها عدة اصطلاحات، وبهذه المساعدة تسنى له أن نشر نصا محسنا جدا وقرن به تعليقات ممتعة على الفقرات الأشد غموضا، ولكنه لم يقرن به ترجمة، وإنما كان الجديد في هذا التحقيق هو أن أسبلدنج كان يجعل الجزء الأول من الكتاب مخصوصا بمذاهب ميليسوس، وكان يثبت ببراهين قاطعة أن اسم ميليسوس كان يجب أن يستبدل باسم زينون. وقد قبل من يومئذ رأي أسبلدنج هذا، وإني لذاكر الآن السبب الذي يوجب قبوله.
ولم يستطع أسبلدنج مع فحصه مخطوطة ليبزج مقابلتها بطريقة مضبوطة تماما، واعتمد على الأخص على الإصلاح الخفيف الذي عمله فيها أولياريوس. غير أن كر. دان. بك - مغير جامعة ليبزج الشهير الذي كان قد يسر بحوث أسبلدنج - قد أخذ على عاتقه إتمام تلك البحوث؛ فنشر في السنة عينها كل الروايات المختلفة في تلك المخطوطة الثمينة على هذا الكتاب وعلى بعض مؤلفات أخرى لأرسطو.
3
وهذه النسخة المطبوعة التي اعتد بها مللاخ فضل اعتداد لم تكن - فيما يظهر - لتقدر، بل لم تكن لتعرف عند علماء اللغة الذين اشتغلوا بعد ذلك إما بأمر مدرسة إيليا على العموم، وإما على الخصوص بالكتاب الخاص الذي فيه فحصت مذاهب إكسينوفان وميليسوس، فالمجمع العلمي ببرلين مثلا لم ينتفع بها في طبعته حق الانتفاع، حتى إن مللاخ قد أظهر الأسف لهذا الإهمال الذي كان اتقاؤه ميسورا.
4
في سنة 1843؛ أي بعد اثنتي عشرة سنة قد سد تيودور برج بعض هذا النقص، فاعتمد على روايات بك، ووضع شرحا أمتع من كل ما تقدمه من الشروح.
5
ومع أن هذا العمل قد كان موضع المدح والاستحسان فإنه لم يثن مللاخ عن إعادة النظر من جديد، فنشر - بعد عمل برج بثلاث سنين - الطبعة والشرح اللذين ذكرتهما آنفا. غير أن مللاخ وأسبلدنج لم يترجما الكتاب مع أن ترجمة كتاب مثل هذا مخروم أشد ضرورة من ترجمة غيره. فظلت خير ترجمة لاتينية هي ترجمة جان برناردان فيليشيانو المعلم في البندقية سنة 1552، ولكن مع أن هذه المخطوطة التي ترجمت قليلة التحريف فإنه كان من الممكن أيضا بل من النافع تصحيحها وضبطها، وقد نقلت في طبعة المجمع العلمي في برلين.
صفحه نامشخص