إلى النساء والرجال الذين يكسرون الحواجز الموروثة ويتجاوزون الخطوط الحمراء ...
نوال السعداوي
القاهرة، نوفمبر 2002
عن هذا الكتاب
يتميز الإبداع في أي مجال بأنه يكسر الحدود والقواعد السابقة عليه، بتجاوز الخطوط الحمراء كلها، ويأتي بالجديد من الأفكار والأشكال والتعبيرات التي لا تخطر على بال؛ لأن الإبداع يعني الجديد والتمرد على القديم.
وخلال العشر سنوات الماضية كنت أستاذة زائرة في عدد من الجامعات غربا وشرقا، كنت أدرس مادة أعطيتها اسم «الإبداع والتمرد»، تقوم على فكرة أن لا حد للإبداع، ولا سقف للعقل البشري المبدع تحت أي حجة سياسية أو دينية أو غيرهما.
ولأنني طبيبة وأديبة في آن واحد؛ فقد حاولت أن أكسر الحدود بين العلم والفن، أو بين الطب والأدب، وفي كليات الطب في الجامعات المتقدمة أصبح الطلاب والطالبات يدرسون الموسيقى والأدب والشعر، إلى جانب التشريح وعلم الأمراض والفيروسات والاقتصاد والسياسة والفلسفة وغيرها.
لقد تربينا منذ الطفولة على تقديس الحدود والخوف من تجاوز الخطوط الحمراء في كل مجال، خاصة مجال القوى السياسية والدينية المسيطرة؛ ولهذا السبب لم يخرج من بلادنا مبدعون أو مبدعات في مجال العلوم والفنون.
لقد تربينا على التقليد والمحاكاة والنقل والترجمة عن الآخرين، وليس الإبداع بعقولنا والمغامرة والخوض في المحرمات.
ومن المحرمات الموروثة في عالم الأدب هو الفواصل والحدود التي رسمت بين الرواية والقصة والشعر والمسرحية وغيرها، وكذلك الحدود بين العلم والفن، لكن اللغة الإبداعية تكسر هذه الحدود وتعبر عن نفسها بطرق جديدة ومختلفة، الإبداع يحطم النظام السابق عليه ويخلق نظاما جديدا، الذي لا يلبث أن يتحطم مع الإبداعات الجديدة المتكررة دون انقطاع.
صفحه نامشخص