موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم
موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم
پژوهشگر
د. علي دحروج
ناشر
مكتبة لبنان ناشرون - بيروت
شماره نسخه
الأولى - 1996م.
ژانرها
خاتمة
إذا جرى في الكلام لفظة ذات قرينة دالة على تشبيه شيء بمعناه فهو على وجهين:
أحدهما أن لا يكون المشبه مذكورا ولا مقدرا كقولك: لقيت في الحمام أسدا أي رجلا شجاعا، ولا خلاف في أن هذا استعارة لا تشبيه. وثانيهما أن يكون المشبه مذكورا أو مقدرا وحينئذ فاسم المشبه به إن كان خبرا عن المشبه أو في حكم الخبر كخبر باب كان وإن والمفعول الثاني لباب علمت والحال والنعت، فالأصح أنه يسمى تشبيها لا استعارة، لأن اسم المشبه به إذا وقع هذه المواقع كان الكلام مصوغا لإثبات معناه لما أجري عليه أو نفيه عنه، فإذا قلت زيد أسد فصوغ الكلام لاثبات الأسدية لزيد وهو ممتنع حقيقة، فيحمل على أنه لإثبات شبه من الأسد له، فيكون الإتيان بالأسد لإثبات التشبيه فيكون خليقا بأن يسمى تشبيها لأن المشبه به إنما جيء به لإفادة التشبيه بخلاف نحو لقيت أسدا، فإن الإتيان بالمشبه به ليس لإثبات معناه لشيء بل صوغ الكلام لإثبات الفعل واقعا على الأسد، فلا يكون لإثبات التشبيه، فيكون قصد التشبيه مكنونا في الضمير لا يعرف إلا بعد نظر وتأمل.
هذا خلاصة كلام الشيخ في أسرار البلاغة، وعليه جميع المحققين. ومن الناس من ذهب إلى أن الثاني أيضا أعني زيد أسد استعارة لإجرائه على المشبه مع حذف كلمة التشبيه، والخلاف لفظي مبني على جعل الاستعارة اسما لذكر المشبه به مع خلو الكلام عن المشبه على وجه ينبئ عن التشبيه أو اسما لذكر المشبه به لإجرائه على المشبه مع حذف كلمة التشبيه.
ثم إنه نقل عن أسرار البلاغة أن إطلاق الاستعارة في زيد الأسد لا يحسن لأنه يحسن دخول أدوات التشبيه من تغيير بصورة الكلام، فيقال: زيد كالأسد، بخلاف ما إذا كان المشبه به نكرة نحو زيد أسد، فإنه لا يحسن زيد كأسد، وإلا لكان من قبيل قياس حال زيد إلى المجهول وهو أسد ما؛ ولهذا يحسن كأن زيدا أسد لأن المراد بالخبر العموم فالتشبيه بالنوع لا بفرد، فليس كالتشبيه بالمجهول، وإنما يحسن دخول الكاف بتغيير صورته وجعله معرفة بأن يقال زيد كالأسد، فإطلاق اسم الاستعارة هاهنا لا يبعد، ويقرب الإطلاق مزيد قرب أن يكون النكرة موصوفة بصفة لا تلائم المشبه به نحو فلان بدر يسكن الأرض فإن تقدير أداة التشبيه فيه يحتاج إلى كثرة التغيير، كأن يقال هو كالبدر إلا أنه يسكن الأرض، وقد يكون في الصلات والصفات التي تجيء في هذا القبيل ما يحول تقدير أداة التشبيه فيه فيشتد استحقاقه لاسم الاستعارة ويزيد قربه منها، كقوله أسد دم الأسد الهزبر خضابه، فإنه لا سبيل إلى أن يقال المعنى إنه كالأسد للتناقض لأن تشبيه بجنس السبع المعروف دليل على أنه دونه أو مثله، وجعل دم الهزبر الذي هو أقوى الجنس خضاب يده دليل على أنه فوقه فليس الكلام مصوغا لإثبات التشبيه بينهما، بل لإثبات تلك الصفة، فالكلام فيه مبني على أن كون الممدوح أسدا أمر تقرر وثبت، وإنما العمل في إثبات الصفة الغريبة . فمحصول هذا النوع من الكلام أنك تدعي حدوث شيء هو من الجنس المذكور إلا أنه اختص بصفة عجيبة لم يتوهم جوازها، فلم يكن لتقدير التشبيه فيه معنى. ولقد ضعف هذا الكلام صاحب الأطول والمطول وقالا الحق أن
صفحه ۱۶۸