موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم
موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم
پژوهشگر
د. علي دحروج
ناشر
مكتبة لبنان ناشرون - بيروت
شماره نسخه
الأولى - 1996م.
ژانرها
فالتعريف المأخوذ به هو الأول، أي نفي الأعم لأنه أخص، هكذا في العضدي وحاشيته للمحقق التفتازاني. وبالجملة فالاستدلال في عرفهم يطلق على إقامة الدليل مطلقا وعلى إقامة دليل خاص، فقيل هو ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس، وهو المأخوذ به، وقيل هو ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس علته.
ثم في العضدي وحاشيته المذكورة ما حاصله أن الفقهاء كثيرا ما يقولون وجد السبب فيوجد الحكم أو وجد المانع أو فقد الشرط فيعدم الحكم. فقيل هذا ليس بدليل إنما هو دعوى دليل، فهو بمثابة قوله وجد دليل الحكم فيوجد الحكم ولا يكون دليلا ما لم يعين، وإنما الدليل ما يستلزم الحكم وهو وجود السبب الخاص أو وجود المانع أو عدم الشرط المخصوص. وقيل هو دليل إذ لا معنى للدليل إلا ما يلزم من العلم به العلم بالمدلول، وقولنا وجد السبب فوجد الحكم ونحوه بحيث يلزم من العلم به العلم بالمدلول، غاية ما في الباب أن إحدى مقدمتيه وهو أنه وجد السبب يفتقر إلى بيان، والقائلون بأنه دليل اختلفوا، فقيل هو استدلال مطلقا لأنه غير النص والإجماع والقياس. وقيل هو استدلال إن ثبت وجود السبب أو المانع أو فقد الشرط بغير هذه الثلاثة، وإلا فهو من قبيل ما ثبت به وليس باستدلال، بل نص إن ثبت به وإجماع إن ثبت به وقياس إن ثبت به، وهذا هو المختار، لأن حقيقة هذا الدليل هو أن هذا حكم وجد سببه، وكل حكم وجد سببه فهو موجود، والكبرى بينة فيكون مثبت الحكم هو ما ثبت به الصغرى، فإن كان غير النص والإجماع والقياس كان مثبت الحكم غيرها، فيكون استدلالا، وإن كان أحدها كان هو مثبت الحكم فلم يكن استدلالا.
اعلم أنه اختلف في أنواع الاستدلال، والمختار أنه ثلاثة: الأول التلازم بين الحكمين من غير تعيين علة وإلا كان قياسا، وحاصله الأقيسة الاستثنائية. والثاني استصحاب الحال.
والثالث شرع من قبلنا. وقالت الحنفية والاستحسان أيضا. وقالت المالكية والمصالح المرسلة أيضا. وقال قوم انتفاء الحكم لانتفاء مدركه. ونفى قوم شرع من قبلنا. وقوم الاستصحاب. وقال الآمدي منها قولهم وجد السبب أو المانع أو فقد الشرط، ومنها انتفاء الحكم لانتفاء مدركه، ومنها الدليل المؤلف من أقوال يلزم من تسليمها لذاتها قول آخر، ثم قسمه إلى الاقتراني والاستثنائي، وذكر الأشكال الأربعة وشروطها وضروبها والاستثنائي بقسميه والمنفصل بأقسامه الثلاثة، ثم قال: ومنها استصحاب الحال، انتهى.
ثم اعلم أنه قد عرف الاستدلال في شرح العقائد بالنظر في الدليل سواء كان استدلالا من العلة على المعلول أو من المعلول على العلة، وقد يخص الأول باسم التعليل والثاني باسم الاستدلال. وقال المولوي عصام الدين في حاشية شرح العقائد: والأولى أن يفسر بإقامة الدليل ليشتمل ما يتعلق بالدليل، بمعنى قول مؤلف من قضايا يستلزم لذاته قولا آخر، فإنه ليس الاستدلال به النظر في الدليل، انتهى.
وبالجملة فتعريفه بالنظر في الدليل يختص بمذهب الأصوليين والمتكلمين، وتعريفه بإقامة الدليل يشتمل مذهب المنطقيين أيضا.
وفي كشف البزدوي: الاستدلال هو انتقال الذهن من الأثر إلى المؤثر وقيل بالعكس. وقيل مطلقا، وبهذا المعنى قيل: الاستدلال بعبارة النص وإشارة النص ودلالة النص واقتضاء النص، انتهى؛ إذ النص علة ومؤثر وأثره ومعلوله الحكم كما لا يخفى، وبالنظر إلى المعنى الأول وقع في الرشيدية «1» أن المدعي إن
صفحه ۱۵۲