کاشف امین
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
ژانرها
يزيده وضوحا أنها قد تختلف المفاهيم ولا يختلف الشيء باختلافها كما نقول هذا الشيء مشيرا إلى جسم معين هو يمنة المسجد، ويسرة الحانوت، وأمام البيت، وخلف الاصطبل، ولا تختلف ذات ذلك باختلاف هذه الألفاظ المذكورة لا بمنطوقها ولا بمفهومها، ويؤكد ذلك كون السلب لا يقع به تماثل ولا اختلاف أن المعدومات لا يقع فيها تماثل ولا اختلاف إلا بعد وجودها ووجود صفة قامت بأحدهما دون الآخر في الاختلاف أو قامت بهما معا في التماثل، فأما والذات واحدة قد نفي عنها كل أمر زائد عليها فبينها وبين الاختلاف بون بعيد، ومقارنة الأمور الزائدة عليها أو قيام المعاني المتعددة بها يستلزم الاختلاف الذي ليس عليه من مزيد، فثبت بما ذكرناه أن الصفات هي الذات في حقه تعالى، وأن هذا القول لا ينافي شيئا من الأصول والمسائل المجمع عليها في التوحيد ولا مناقضة فيه لشيء من القضايا العقلية، وأن ما عداه سيما القول بالمعاني قول يعود على الأصول والمسائل المجمع عليها بالمناقضة والإبطال، وما عاد على الغرض المقصود وهو التوحيد بالمناقضة والإبطال فهو بالإبطال أولى، فلم يبق إلا القول بأنه تعالى قادر، وعالم، وحي، وعالم، وموجود بذاته فيما لم يزل وفيما لا يزال، ولا يخرج عن ذلك بحال من الأحوال من دون أمر أو صفة أو حال أو معنى يوجب له لذلك أو يصححه له، [ لأنه ] تعالى [ لو لم يكن كذلك ]، أي قادر وعالم وحي وقديم بذاته، بل كان لأمر غير ذاته أو كان يجوز خروجه عن ذلك في أي حال من الأحوال [ لم يكن له بد من ] أحد أمرين كلاهما باطل محال، إما [ فاعل فعله، وجاعل على صفات الكمال ]، وهي كونه تعالى قادرا على كل المقدورات عالما بجميع كل المعلومات حيا دائما لم يزل ولا يزول [ جعله، ] وهذا مع كونه باطلا من جهة لزوم حدوثه تعالى فهو باطل من جهة لزوم النقيضين، وهو أن من صفات الكمال أن يكون تعالى قادرا على كل شيء، فيكون قادرا على ذلك الفاعل له تعالى، فيلزم في كل واحد منهما أن يكون قادرا مقدورا للآخر وهو مستحيل، وذلك لأن كل واحد منهما من حيث أنه قادر يجب أن يكون موجودا ليصح منه الفعل، ومن حيث أنه مقدور يجب أن يكون معدوما ليصح من الآخر إيجاده، والجمع بين الوجود والعدم في ذات واحدة محال، وأيضا فإن من صفات الكمال أنه حي دائم لم يزل - أي فيما ليس له ابتداء - وفيما لا يزال - أي فيما ليس له انتهاء - فهو قديم، فإذا فرض مع ذلك فاعل فعله لزم اجتماع الحدوث والقدم، وهو جمع بين النقيضين محال بكل حال.
صفحه ۱۹۱